تحيي الجزائر، اليوم، اليوم الوطني لدبلوماسيتها المصادف للثامن أكتوبر من كل سنة وتتزامن هذه الذكرى مع اليوم الذي قام فيه أول رئيس للجزائر المستقلة المرحوم أحمد بن بلة برفع العلم الجزائري بمقر الأممالمتحدة بنيويورك في ال8 أكتوبر سنة 1962 إيذانا بانضمام الجزائر إلى الهيئة الأممية، ومع مرور السنوات لاتزال الدبلوماسية الجزائرية تحافظ على تميزها في خدمة السلم والقضايا العادلة بكل فعالية وبدون ضجة، حيث حققت نجاحات هامة. صنعت الدبلوماسية الجزائرية تميزها من خلال تمسكها بمبادئ ثابتة لا يمكن المفاصلة فيها، على غرار عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ووقوفها الدائم مع حق الشعوب في تقرير مصيرها، ومرافعتها من أجل القضايا العادلة في العالم، دون التخلي عن لعب دور فاعل في الأزمات الدولية خاصة الإقليمية والعربية منها، وهو ما منحها نجاحا حتى قبل الاستقلال، ويظهر جاليا خلال الدورة الأخيرة لجمعية الأممالمتحدة، حيث حظيت الدبلوماسية الجزائرية بإشادة دولية، وحققت نجاحا آخر برفع العلم الفلسطيني لأول مرة على مقر الأممالمتحدة وهي التي كانت السباقة لدعم دفع القضية الفلسطينية في الأممالمتحدة منذ أكثر من 40 سنة، حيث يعتبر ذلك نجاحا للمبادرة التاريخية التي اتخذها الرئيس بوتفليقة في 1974 (عندما كان وزيرا للخارجية) بصفته رئيسا للجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال دعوة الرئيس ياسر عرفات إلى منبر الأممالمتحدة. وتحيي الجزائر، اليوم، يومها الوطني للدبلوماسية، في سياق دولي يحمل رهانات كبيرة أثبتت الخارجية الجزائرية نجاحها فيه لحد الآن وذلك بالمقارنة مع اتساع دائرة الجريمة المنظمة، واهتزاز أمن واستقرار معظم دول الجوار، مما ولَّد تحديات أخرى للأوضاع الماثلة على المنطقة الحدودية، هي رهانات لم تؤثر على خطاب الجزائر الدبلوماسي المتمسك برفض أي تدخل أجنبي في شؤون الدول، الذي تُواصل من خلاله الجزائر لعب دورها الدبلوماسي وإرساء الأمن والاستقرار على أسس من الوفاق والديمقراطية في حظيرة البلدان العربية والإفريقية، حيث النزاعات المسلحة في تزايد مستمر. وظلت الجزائر ترافع لأجل القضايا العادلة في العالم، وحاربت بمواقفها كل أشكال الاستعمار والتمييز وكانت لها اليد في نبذ نظام الأبارتايد الذي عصف بدولة جنوب إفريقيا ، كما كان للجزائر الفضل الكبير في إسماع صوت فلسطين بهيئة الأممالمتحدة، ولعبت دورا هاما في وقف منطق السلاح لدول المنطقة، وقد كانت الجزائر قد اعترفت بجبهة البوليزاريو ممثلا وحيدا للشعب الصحراوي وبالجمهورية الصحراوية في السادس مارس 1976، كما امتدت مساندة الدبلوماسية الجزائرية لتشمل حركات التحرر الوطني في المستعمرات البرتغالية، ولدى ترؤسها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1974، عملت الجزائر على كسب اعتراف أممي بمنظمة التحرير الفلسطينية، في حين تم في 15 نوفمبر 1988 الإعلان في الجزائر عن قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس. ولا تعد طلبات الوساطة التي تتلقاها الجزائر من أجل تسوية نزاعات في دول الجوار، أمرا جديدا، فالجزائر لها باع طويل في هذا الإطار، حيث قامت بحل مسألة تحرير الرهائن الأمريكيين في إيران سنة 1982، وإيجاد حل للنزاع بين العراقوإيران سنة 1975، واتفاق السلام بين إثيوبيا وإريتريا في سنة 2000. ولم يقتصر دور الجزائر على المستوى السياسي، بل شمل أيضا الجانب الاقتصادي، حيث احتضنت قمة الأوبيك في مارس 1975، وأكدت خلالها على سيادة الدول على ثرواتها، مع الدعوة لعقلنة سياسات المحروقات.