تفصلنا أيام معدودات عن أكبر عرس كروي في العالم وها نحن ضعفاء مقارنة بمنتخبات مجموعاتنا والتأهل إلى الدور الثاني صعب جدا خاصة وأن حالة هجوم "الخضر" كارثي وضروري إحداث تنسيق وانسجام تكتيكي بين اللاعبين فوق الميدان، فالكل يأمل أن يظهر "الخضر" بنفس مستوى مقابلة كوت ديفوار، والثقة كبيرة في محاربي الصحراء لإعادة صنع أفراح الجزائريين. النقطة السوداء حاليا في تشكيلة سعدان التي تستعد للمونديال هي الهجوم، الذي أثار مخاوف الناخب الوطني والمناصر الجزائري، بسبب العقم الهجومي الذي يطارد تشكيلته منذ أزيد من خمسة أشهر، وأن التحاق غزال بالمنتخب الوطني لم يقدم الدعم الإضافي المنتظر منه، كونه سجل هدفا وحيدا فقط منذ تقمصه للألوان الوطنية، وإلى جانب ذلك الهدف الوحيد الذي سجله المنتخب الوطني بعد خمس مباريات منذ لقاء كوت ديفوار (3-2) في ربع نهائي كأس أمم إفريقيا الأخيرة، جاء بضربة جزاء. الهجوم الهاجس الأكبر غزال، صايفي وجبور غير مقنعين بحيث تبقى الفعالية في الهجوم أكبر هاجس يواجه خطة المدرب الوطني رابح سعدان قبل أيام قليلة من أولى مباريات المونديال أمام منتخب سلوفينيا، وهو الأمر الذي لابد للشيخ سعدان من فك شفرته قبل انطلاق كأس العالم، خاصة وأن المنتخبات الثلاثة المنافسة تملك أسلحة فتاكة ولن تكون مهمة تحقيق نتيجة مرضية أمامها سوى بإيجاد حلول فورية لطرد هذا النحس الذي يطارد هجوم المنتخب الوطني منذ مدة طويلة. بالرغم من أن المدرب الوطني أشار في الأيام الأخيرة وعقب الهزيمتين التي مني بها الخضر في المبارتين الوديتين بثلاثية نظيفة أمام منتخب إيرلندا، وأمام صربيا بملعب 5 جويلة في مارس الماضي، إلى أن المباراة الودية الأخيرة قبل بداية المونديال التي لعبت بنورمبورغ الألمانية أمام المنتخب الإماراتي ساعدته على تصحيح الأخطاء، مؤكدا في نفس الوقت أن المنتخب يعاني من مشكلة في خط الهجوم، مشيرا إلى مشكلة في المهاجم غزال، الذي يفتقد للفعالية ورفيق جبور الذي ابتعد كثيرا عن منطقة العمليات، ما أضعف مفعول هجوم الخضر أمام دفاع المنافس، وهو الأمر الذي يجب على الطاقم الفني الوقوف عنده، لأن ضربات الجزاء لا تتاح في كل مرة مثلما حدث مع وسط الميدان كريم زياني، الذي منح الخضر أول فوز معنوي بعد طول انتظار. الحلول موجودة والقاطرة الأمامية مطالبة بالاستفاقة وأمام هذه الوضعية التي صارت تقلق الكثيرين من محبي ومتتبعي مشوار منتخبنا الوطني خلال تحضيراته للمونديال العالمي الذي ستحتضنه القارة السمراء للمرة الأول في تاريخها، فإن المدرب الوطني، رابح سعدان، صار مطالبا أكثر من أي وقت مضى، بأن يجد الحل الأمثل لهذه المشكلة العويصة التي أصبحت بمثابة الشبح الأسود للخضر حاليا. فرغم الأسماء اللامعة الموجودة في القاطرة الأمامية للمنتخب الوطني، على غرار كلا من صايفي وجبور وغزال، إلا أن هذا الثلاثي أظهر عقما خلال المواجهات الودية الثلاث الأخيرة التي خاضها أبناء سعدان في تحضيراتهم لكأس العالم، رغم مشاركتهم فيها كلها، أين انهزموا أمام المنتخب الصربي في الجزائر بثلاثية نظيفة بالجزائر، قبل أن يتعثروا أمام المنتخب الايرلندي بدوبلن بثلاثية أخرى، ثم يعودوا إلى سكة الانتصارات بفوز هزيل أمام المنتخب الإماراتي في ألمانيا مؤخرا عن طريق ضربة جزاء. صايفي الحاضر الغائب وزياني عائد تدريجيا وكم كنا نرى في دخول صايفي الحل الأمثل لعقم الهجوم هو الذي كثيرا ما فك الألغاز، غير أن دخوله كشف لنا أن صايفي المواسم الماضية ليس ذاك الذي شاهدناه هذا الموسم، وفي المباراة الأخيرة. ولا يمكن أن نطالبه بأكثر من طاقته الحالية في المونديال عكس مسجل الهدف وصانع ألعاب الخضر كريم زياني الذي أثبت مرة أخرى أن روح التحدي قد توصل صاحبها لتجاوز كل العقبات وتحقيق المعجزات، رغم أن لاعب فولسبوغ الألماني لم يظهر أكثر من ستين دقيقة قبل أن تظهر عليه مؤشرات التعب. مطمور أو بودبوز لإنعاش الهجوم أمام سلوفينيا ويبدو أن المدرب رابح سعدان وطاقمه الفني يسهرون من أجل إيجاد الحلول الناجعة لتعويض النقص الكبير الموجود في القاطرة الأمامية، خاصة في ظل "صوم" المهاجم غزال عبد القادر عن التهديف، وأيضا مردود جبور وصايفي الذي كان متوسطا إن لم نقل تحت المستوى، ويمتلك الناخب الوطني بعض الحلول التي قد يتمثل أحدها في إنعاش القاطرة الأمامية بلاعب يتميز بتحركاته السريعة وقادر على اختراق دفاع الخصوم في اللحظات الحاسمة، والاحتمال الأكبر هو إشراك كريم مطمور كأساسي مكان غزال أو جبور، وهذا بالنظر إلى الإمكانيات العالية التي يتمتع بها، والمردود العالي الذي أظهره، سواء رفقة الخضر أو في البوندسليغا رفقة ناديه "بوريسيا موشنغلادباخ"، في حين أن الحل الثاني يكون في الاعتماد على الوافد الجديد إلى المنتخب الوطني، رياض بودبوز، والذي تمكن من خطف الأضواء ونيل إعجاب من الجميع بالنظر إلى المهارات الفردية التي يتمتع بها كلاعب. نقائص كثيرة.. وسعدان يعد بمراجعة حساباته بإجرائه المباراة الودية الثانية والأخيرة وبفوزه المعنوي وغير المقنع أمام منتخب الإمارات يكون المنتخب الوطني الذي حل بمدينة دوربان الجنوب الإفريقية قد دخل مباشرة لب الموضوع، ولا تفصله عن المباراة الأولى والمصيرية أمام منتخب سلوفينيا سوى بضعة أيام. الحقيقة تقال، لا يزال رفاق القائد يزيد منصوري لم يصلوا إلى المستوى المطلوب الذي يريده منهم الشعب الجزائري، ففي مباراة الودية أمام الإمارات العربية وحتى وإن فازوا بهدف يتيم إثر كرة ثابتة، إلا أن المردود لا يبشر بالخير، وهو الانطباع الذي خرج به الناخب الوطني بنفسه لما صرح قائلا للصحفيين أنه لاحظ نقاط ضعف كثيرة في الفريق، لكنه رفض الخوض فيها وكشفها، بل رأى أن الأفضل أن يتركها لنفسه حتى يحاول تصحيحها قبل المباراة الأولى من المونديال. ويتعرض سعدان لانتقادات عنيفة من مناصري محاربي الصحراء بسبب خياراته التي تطبعها، أحيانا، العشوائية والعاطفة في ظل استمراره إشراك اللاعبين الأقل فاعلية على غرار عبد القادر غزال ويزيد منصوري ورفيق صايفي. دفاع مرتبك وأخطاء كثيرة في المحور والحقيقة التي لم يختلف بشأنها اثنان أن دفاع المنتخب الوطني كان أكثر الخطوط تهلهلا في المقابلات التحضيرية، ولم يقدم أي شيئا يقنع، لا سيما في الوسط وعلى الجهة اليمنى، حيث كان الارتباك واضحا بين الثنائي حليش وعنتر يحيى في المباراة الأخيرة أمام الإمارات، بسبب الإفراط الكبير في الثقة. وعودة عنتر إلى المنافسة بعد عدة أسابيع من التوقف، الشيء الذي أثر على الاستقرار الدفاعي، وما يبعث على التخوف أكثر أن الدفاع الجزائري لم يواجه أي هجوم قوي في مقابلة الإمارات من الجهة المقابلة لأن إسماعيل مطر المعروف بتوغلاته ومهاراته الفنية العالية كان تقريبا ظلا لنفسه شأنه في ذلك شأن كل المنتخب الإماراتي الذي يرى المحللون أنه لا يمكن اعتباره مقياسا حقيقيا للحكم على مدى تحسن أداء الخضر قبل أيام قليلة من انطلاق أكبر تظاهرة كروية عالمية. لحسن مصدر استقرار، ومنصوري يعاني أما على مستوى خط الوسط فالمنتخب الوطني بشهادة كل من تابع المباريات الثلاث سواء على الشاشة الصغيرة أو في الملعب يبدو وأنه تخلص من مشكل غياب التنظيم في اللعب هو الذي يضم حاليا في صفوفه لاعب اسمه مهدي لحسن الذي لا يعرف معنى الفوضى في اللعب بل يعتمد على الاسترجاع والتمرير بسرعة بعيدا عن الإضافات التي تضر أكثر مما ينفع، وبعودة حسان يبده المصاب يكون خط الوسط قد بلغ أعلى درجات الاحترافية والتنظيم والكرة ستنتقل إلى مرمى الهجوم فقط طالما أن هذا الثنائي يعي ما يقوم به. أما في الجهة المقابلة فالقائد يزيد منصوري لم يعد يتناسب مع وتيرة اللعب الجديدة ومردود لاعبي سانتاندير وبورتسموث قد يعصف به نحو دكة الاحتياط، وهي الرسالة التي وجهها له الأنصار لما صفروا ضده لدى خروجه والتي جعلته يذرف دموع الحزن من ذلك التنكر لما قدمه طيلة عشر سنوات للمنتخب الوطني، لأن الناس الذين صفروا عليه يرفضون مشاهدته فوق الميدان مستقبلا مع الخضر. عدم التحكم في الأعصاب يهدد الخضر في المونديال كما صار فقدان لاعبي المنتخب الوطني لأعصابهم في المباريات يشكل هاجسا حقيقيا بالنسبة للناخب الوطني رابح سعدان، لا سيما وأن تعليمات الفيفا الجديدة تؤكد أن أي تصرف مشين في المباريات اتجاه الحكام في المونديال أو تدخل خشن سيكون مآله الخروج بالورقة الحمراء وهو الأمر الذي لم يستوعبه لاعبو المنتخب الوطني وتواصلت الحكاية مع تشنج الأعصاب في مباراة الجزائروالإمارات. حيث لاحظ الجميع عدم سيطرة بعض اللاعبين على أعصابهم على غرار كل من حليش رفيق وعبد القادر غزال اللذين تشابكا مع لاعبي الخصم، وتحدث الشيخ بعد المباراة مع اللاعبين في غرف حفظ الملابس قصد تهدئة الأمور من جهة والتأكيد على أن مثل هذه التصرفات قد تذهب بحظوظ المنتخب على شاكلة ما حدث مع شاوشي فوزي في كأس إفريقيا الأخيرة. سعدان مطالب بتصحيح الأخطاء المسجلة في المقابلتين الأخيرتين ورغم أن مستوى الفريق الوطني لا يقنع وتراجع كثيرا، حيث تكبد نتيجة ثقيلة في مواجهة إيرلندا الودية التي خسر فيها 3/0، وهي النتيجة التي أغضبت الشارع الجزائري كثيرا، خصوصا وأن فوز الجزائر على منتخب الإمارات، غير مقنع نظراً للأداء المحتشم، لكن الأنصار اعتبروا ذلك درس مفيد جدا للناخب الوطني. وحسبهم، فمن الضروري إيجاد الحلول اللازمة وتصحيح الأخطاء المسجلة، وهي الفرصة الوحيدة له لمقابلة منتخب سلوفينيا في أول مباراة من كأس العالم بجنوب إفريقيا، التي ستفتح لرفقاء زياني الباب نحو الدور الثاني إنشاء الله.