واصلت الدبلوماسية الجزائرية تمسكها بأهم مبادئها خلال الأشغال الأخيرة لمجلس الجامعة العربية، حيث دافعت عن رفض التدخل الأجنبي حيث جاء موقفها حاسما اتجاه الملف الليبي واليمني والسوري ، وأبرزت مجددا أنها لا تتأثر بأي ضغوط ولا تسير في أي تيار لا يخدم مبادئها الثابتة، ودعت الجزائر على لسان وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، عبد القادر مساهل، بالقاهرة إلى التقيد بلوائح وقوائم الأممالمتحدة في تصنيف الجماعات الإرهابية التي لا تشمل التشكيلات السياسية المعترف بها وطنيا ودوليا والتي تساهم في المشهد السياسي والاجتماعي الوطني، وذلك ردا على تصنيف جامعة الدول العربية تنظيم حزب الله لبناني كمنظمة إرهابية . وقال مساهل خلال أشغال الدورة ال145 لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، الجامعة العربية تجد نفسها في مفترق الطرق: إما أن تنجح في مواكبة التطورات العالمية المتسارعة أو تبقى على هامش هذه المتغيرات، كما أن مصداقيتها رهينة بمدى قدرتنا على اعتماد رؤية إندماجية متناسقة ومتكاملة الأبعاد على المدى المتوسط . وأكد أن حتمية وقوع الأزمات لا ينبغي أن يكون مرادفا للفشل، بل يجب أن يدفع بالجامعة إلى المضي قدما لرفع التحديات الجديدة والابتعاد عن الطرح المتشائم بشأن مآل الجامعة وجدوى عقد اجتماعاتها . وأضاف مساهل أن الجزائر تدعو إلى تنسيق الجهود الدولية لمحاربة ظاهرة الارهاب ضمن استراتيجية الأممالمتحدة حول أهداف مشتركة ومتقاسمة والالتزام بقواعد الشرعية الدولية، لاسيما التقيد بلوائح وقوائم الأممالمتحدة في تصنيف الجماعات الإرهابية التي لا تشمل التشكيلات السياسية المعترف بها وطنيا ودوليا والتي تساهم في المشهد السياسي والاجتماعي الوطني . كما دعا أيضا الى التزام الجميع، سواء كانت حكومات أو أحزاب، بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول طبقا لميثاق الأممالمتحدة وميثاق الجامعة العربية . وأبرز الوزير ان المقاربة الجزائرية للقضاء على الارهاب أثبتت أن مكافحة هذه الآفة لا تقتصر فقط على البعد الأمني، بل تتعداه إلى تفعيل الحوار والمصالحة الوطنية عبر طرح بدائل واعتماد استراتيجيات شاملة لمحاربة كل أشكال التطرف العنيف وتجفيف منابعه الفكرية والإيديولوجية . وأوضح ان هذه السياسات لازالت متواصلة من خلال سلسلة الإصلاحات الديمقراطية الشاملة التي جاء بها التعديل الدستوري الذي وافق عليه البرلمان يوم 7 فيفري الماضي من أجل ترسيخ المسار الديمقراطي عبر تعزيز المكونات الأساسية لهويتنا الوطنية وتعميق الديمقراطية وتدعيم أركان دولة القانون القائمة على تعزيز الوظيفة الرقابية للبرلمان وتوسيع صلاحيات المجلس الدستوري، وتعميق استقلالية القضاء ودعم صلاحيات مجلس الأمة . كما سمح هذا التعديل --يستطرد الوزير-- ب توطيد الضمانات الدستورية لترقية وحماية الحقوق وحريات الإنسان والمواطن وتكريس حقوق المرأة على جميع الأصعدة ومنح المعارضة دورا أكثر فعالية في الحياة السياسية . من جانب آخر، أكد مساهل دعم الجزائر للحوار بين الفرقاء اليمنيين برعاية الأممالمتحدة وتطلعها إلى استئناف المفاوضات خلال الأيام القادمة من أجل إيجاد حل سياسي طبقا للوائح الأممالمتحدة ذات الصلة وبما يمكن من إعادة الأمن والاستقرار إلى هذا البلد وحفظ وحدته. وبعد ان أشار الى ان المنطقة العربية تشهد اضطرابات وتفككا أمنيا واختراقات إرهابية أدخلتها في دائرة التدويل وأبعدتها عن الحلول الوطنية وعن إرادة شعوبها أبرز الوزير أنه مهما اشتدت بنا الأزمات، فان القضية الفلسطينية تظل محط اهتمامنا في ظل تنصل اسرائيل من التزاماتها الدولية وتصعيد ممارساتها الوحشية ضد الفلسطينيين العزل وانتهاكها لكل الأعراف والمواثيق الدولية . وقال أن هذا الوضع يتطلب العمل على بلورة موقف دولي داعم لإعادة بعث عملية السلام لتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه الوطنية المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف . وفي سياق آخر، نوه مساهل بالعمل الذي قامت به فرق العمل المنبثقة عن اللجنة المفتوحة العضوية لإصلاح وتطوير الجامعة في ضوء تقرير اللجنة المستقلة التي ترأسها السيد الأخضر الإبراهيمي، مثمنا المجهودات المبذولة لتصحيح الاختلالات التي تشوب عملنا العربي المشترك . ودعا في هذا الاطار اللجنة إلى إتمام عملها في أقرب الآجال لتحقيق الأهداف النبيلة المنصوص عليها في ميثاق الجامعة العربية . وذكر الوزير أن الجزائر تدرك حجم العقبات التي تعترض العمل العربي المشترك، لاسيما في ظل المرحلة العصيبة والمضطربة التي تمر بها بعض دول المنطقة العربية، قناعة منها بأن الإرادة السياسية والإيمان بالمصير الواحد والمصالح المشتركة يعد ضمانة لتجاوز هذه العقبات وبناء رؤية استراتيجية موحدة .