أكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن أكثر من مليوني فلسطيني أصبحوا يعيشون تحت خط الفقر، حيث تتوزع هذه النسبة بواقع 55.7 % من الأسر الفلسطينية في الضفة الغربية ونسبة 81.4 بالمائة من الأسر الفلسطينية في قطاع غزة. وأشار المركز، في تقرير خاص أصدره عن الفقر في قطاع غزة نشر أمس، إلى نتائج مسح إحصائي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الذي أكد أن نسبة الأسر الفلسطينية التي تقع تحت خط الفقر ارتفعت إلى أكثر من 64 بالمائة في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى بداية شهر أفريل من عام 2001. ويهدف هذا التقرير، حسب المركز، إلى تسليط الضوء على ظاهرة الفقر، لاسيما في قطاع غزة من أجل الوقوف على أهم المحددات التي تقف وراء استفحال هذه الظاهرة بين الفلسطينيين وكيفية مكافحتها، كما يستعرض أهم المواثيق والإعلانات الدولية ذات الصلة بمكافحة الفقر. وقال إن ظاهرة الفقر في فلسطين تتميز بخصوصية شديدة تنبع من خصوصية القضية الفلسطينية، وما تعرض له الشعب الفلسطيني من أحداث ومآس طوال قرن من الزمن، لاسيما الاقتلاع والتشريد والحروب والاحتلال والحرمان من الحقوق الوطنية. وقد أدى ذلك إلى إفقار دائم لفئات واسعة من الشعب الفلسطيني . وبعد أن استعرض المركز السياق التاريخي للظاهرة في المجتمع الفلسطيني، أكد التقرير الحقوقي أن الفقر في جوهره ناتج عن تفاعل مجموعة من العوامل البنيوية (السياسية والاقتصادية والاجتماعية) بدأت بتعرض الفلسطينيين لعملية تهجير واقتلاع قسري عام 1948 أدت إلى تشريد مئات الآلاف منهم إلى أقطار الدول المجاورة وفي شتى بقاع الأرض وقيام دولة إسرائيل على الأرض الفلسطينية. ومن بين أسباب إفقار الشعب الفلسطيني، حسب التقرير، تلك التشريعات والأوامر العسكرية للاحتلال التي مكنته من السيطرة على الموارد الطبيعية للفلسطينيين والتحكم في القطاعات الإنتاجية، ومن ثمة، إلحاق الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي وتحويل الضفة الغربية وقطاع غزة إلى سوق للمنتجات الإسرائيلية ومصدر للأيدي العاملة الرخيصة. كما أشار التقرير الى الانتفاضة الشعبية في الضفة الغربية وقطاع غزة في أواخر عام 1987 التي أثرت كثيرا على انخفاض مستويات المعيشة وبالتالي توسيع ظاهرة الفقر من خلال تقييد حركة العمال الفلسطينيين عبر فرض نظام تصاريح. كما تركت حرب الخليج الثانية عام 1991 أثرها على مستويات المعيشة بين الفلسطينيين بسبب فقدان عدد كبير من الفلسطينيين لعملهم في دول الخليج، وفق ما أشار إليه التقرير، الذي أبرز ايضا تصعيد الاحتلال لسياسة فرض الإغلاق الشامل على الأراضي الفلسطينية وما يترتب على ذلك من حرمان لآلاف العمال الفلسطينيين من الوصول إلى أماكن عملهم داخل إسرائيل، وبالتالي، ارتفاع معدلات البطالة وتراجع مستويات المعيشة وارتفاع معدلات الفقر. وتصطدم المحاولات المتعددة لمكافحة ظاهرة الفقر في فلسطين بخصوصية تتميز باستمرار واقع الاحتلال الإسرائيلي وطبيعة المرحلة الانتقالية وغياب حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. فلا تزال إسرائيل، وفق التقرير، ماضية في مصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات وتوسيعها وتهويد مدينة القدسالمحتلة والتنكر لحقوق الفلسطينيين. وعلى ضوء هذه الحقائق، خلص المركز الفلسطيني لحقوق الانسان الى القول بأن عوامل الإفقار والاستلاب للفلسطينيين لا تزال مستمرة، بل وتتفنن قوات الاحتلال الإسرائيلي في ابتداع أساليب وأشكال جديدة للسيطرة والتحكم في الموارد الطبيعية للشعب الفلسطيني.