يحظى لإلتحاق الطفل لأول مرة بالمدرسة باهتمام خاص من طرف العائلات الجزائرية، والتي تمارس العديد من العادات والطقوس، التي من شأنها أن تكون فأل خير على الطفل، باعتبار هذا اليوم نقطة البداية في مشواره الدراسي وحياته ككل. حيث تقوم العائلات الجزائرية، ومع كل دخول مدرسي، بعدة تحضيرات بغية وضع أبنائها في جو مريح بدءا، من شراء الملابس الجديدة واقتناء الأدوات المدرسية، وإلى تحضير الأطباق الشهية بشتى أنواعها. تستعد العديد من الأمهات والجدات الجزائريات بطريقتهن الخاصة، حيث تقوم الكثيرات منهن بالتحضير لدخول أبنائهن المدرسة قبيل الدخول المدرسي بأسابيع، إذ يقمن بتهيئة أبنائهن الصغار بشراء ملابس جديدة، والتحدث معهم عن مميزات وفوائد المدرسة، لتحبيب الطفل بالدراسة ولتحضيره نفسيا للدخول إلى عالم جديد يكتشفه لأول مرة، ويعد أول يوم من الدخول المدرسي بالنسبة للمتمدرسين الجدد كيوم عيد بالنسبة لهم ولعائلاتهم، التي تقوم بعدة تحضيرات مميزة احتفالا بهذا اليوم المميز في حياة الطفل والعائلة، إذ لا تزال أمهات تحضر لهذا الحدث وتعتبره مناسبة حقيقية لتنوع في تحضير الوجبات، لعل أهمها الخفاف الذي يترأس قائمة الوجبات وذلك تيمنا به ليكون مسار الطفل الدراسي خفيفا. وهو ما أطلعتنا عنه العديد من النسوة ممن التقت بهن السياسي خلال جولتها الاستطلاعية في العديد من شوارع العاصمة، لتقول في هذا الصدّد نادية من العاصمة والتي تتحضر لدخول ابنها المدرسة لأول مرة، إن من بين العادات التي نقوم بها عند دخول الطفل لأول مرة إلى المدرسة هو طهي ما يعرف بالخفاف الذي يُصنع من الدقيق والخميرة والماء ويترك العجين يخمر جيّدا، حتى يتضاعف حجمه، ليكون انتقال الطفل من طور لآخر أسهل وليكون الخفاف لخفة الرأس والقدرة على الفهم والاستيعاب أكثر. وهو الأمر الذي أكدت لنا العديد من السيدات عليه، وتختلف العادات الخاصة بهذا اليوم من عائلة إلى أخرى، حسب المنطقة التي تنحدر منها العائلة، فهناك عائلات تعد أكلات أخرى مثل الرفيس، البغرير والمبرجة وغيرها من الأطباق الحلوة الخاصة بالمناسبات السعيدة، حيث لا تزال العديد من العائلات محافظة على هذا التقليد الجميل ومن بينها هذه الأسر التي مازالت متمسكة بهذا الإرث المعنوي ، والذي له وقع إيجابي وجميل على نفسية الأطفال، حيث أن المناسبة تنطبع في ذاكرة الطفل وترافقه طوال حياته، وهو ما اطلعنا عليه سفيان ليقول في هذا الصدد، بأنه يذكر اليوم الأول الذي دخل فيه للمدرسة وكيف كانت تحضيرات والدته وجدته ليضيف المتحدث، أنه اليوم يستعد لدخول ابنه لأول مرة وسيخصه باحتفال خاص، ويحبذ كثيرون من الأولياء اقتناء الملابس الجديدة والبهية لأطفالهم، وذلك لرفع معنوياتهم وتشجيعهم أكثر وهو ما أطلعتنا عليه صفية، حيث تقول أنها اقتنت لابنها ملابس جديدة وستقوم بتحضير الخفاف في اليوم الأول، الذي يذهب فيه ابنها إلى المدرسة وسيكون الخفاف أول من يتناوله في صبيحة الدخول المدرسي، لتضيف أنها ستقوم أيضا، بتوزيع ما قامت بإعداده على جيرانها وأحبابها للتعبير عن فرحتها بدخول ابنها إلى المدرسة لأول مرة. وعن العبرة من تحضير هذا الطبق خصيصا بهذا اليوم، وأمام جملة الآراء التي أجمعت عليها العديد من النسوة، وجدنا الأخريات منهن تخلين عن هذه العادات وذلك لانشغالهن بأمور أخرى، على غرار العمل والانهماك وغيرها من الأمور التي لا تفسح بهذا المجال؛ وعن أسباب تخلي العديد من النساء عن هذه العادات القديمة، حيث تقول حياة في هذا الصدد، أن العمل والانشغال الدائم للأولياء فرض نفسه ليتخلى الكثيرون ويتغاضى عن بعض العادات الجميلة، ويبقى التحضير والاحتفال بدخول الأطفال المدرسة لأول مرة، من بين أهم المحطات لدى العائلة وأجمل التقاليد بالمجتمع.