في خطاب تاريخي لرئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، منذ سنوات، كانت رابع وعوده إعادة الجزائر للعب دور ريادي دوليا، وقد قال رئيس الجمهورية، آنذاك: سأعيد للجزائر مكانتها بين الأمم ، هذه هي العبارة التي كانت بمثابة المستحيل بعد أن عانى الشعب الجزائري من العزلة الدولية خلال سنوات الإرهاب، تحولت الآن لحقيقة ترافق الجزائر أين ما حلّ دبلوماسيوها في المحافل الدولية، بعد أن تمكنت الجزائر من استعادة هيبتها الدولية واسترجاع مكانتها بين الأمم، منذ وصول رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة الى سدة الحكم واعتلاء كرسي الرئاسة. فبحنكة الدبلوماسي الذي تولى منصب وزير الخارجية في سن ال25 ودافع عن مصالح الجزائر ومناصرة القضايا بإفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، والذي قال يوما في بداية رئاسته للدولة: محتاج لأي جزائري يرفع راية البلاد ويظهر للعالم أن الجزائر لا زالت حية وموجودة وواقفة، وسيكون لها شأن ، ها هي الجزائر الآن تلعب دور الوسيط الدولي بنجاح في فض النزاعات خاصة في المنطقة، فبعد التميز الذي حققته في إنهاء النزاع القائم في دولة مالي، تقف الآن لتوجيه الفرقاء الليبيين نحو الحل السياسي والسلمي وتواجه محاولات التدخل الأجنبي في المنطقة بعد أن تمكنت من الإفلات من مؤامرة ما يسمى ب الربيع العربي ، هذه المكانة الدولية ظهرت جليا بنجاح الاجتماع الأخير لدول (الأوبك) بالجزائر الذي انتهى بقرار تاريخي. الجزائر تنجح في إعادة مالي لسكة الحوار والمصالحة إن تعداد مكاسب الدبلوماسية الجزائرية، منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم في 1999، كما يجرنا للحديث عن عودة الجزائر إلى المحافل الدولية والحضور المتميز لها، وقوة طرحها لمواقفها الثابتة في أهم اللقاءات الأممية، فإنه يدفعنا لإبراز ما تقوم به في الوقت الراهن من دور محوري في المنطقة حوّلها إلى نقطة توازن وارتكاز، هذا الدور يأتي من منطلق إرث كبير للجزائر في إفريقيا وفي أمريكا الجنوبية نابع من مساندتها المطلقة للشعوب المقهورة والمستعمرة عبر المعمورة وكذا احتضانها لزعماء ثورات العالم بالجزائر، مما جعل الجزائر نبراسا يقتدى به من حيث المقاربات السياسية او من حيث البرغماتية الدبلوماسية، كيف لا وهي التي أفلتت من مؤامرة الربيع العربي ، فلا تهاون في رفض التدخل الأجنبي ولا حياد عن الخيار السياسي والسلمي، ولا أهم من طاولة الحوار وبعث مبادئ المصالحة في حل أحنك الأزمات بالمنطقة، وكان نجاح الجزائر في دفع الفرقاء الماليين لاتفاق سلام بمثابة التميّز الهام للدبلوماسية الجزائرية بعد أن تدخلت بكل ثقلها لحلحلة المعضلة المالية الازوادية، حيث تقبل المقترح الذي قدّمته الأجنحة المتصارعة، ونجحت الجزائر، بعد مفاوضات ماراطونية استمرت ثمانية أشهر، في التوصل إلى اتفاق بين الحكومة المالية والحركات المسلحة في الشمال لإنهاء الصراع الدائر في إقليم ازواد منذ عدة سنوات. لا حل لمشاكل المنطقة دون المرور عبر الجزائر وللدبلوماسية الجزائرية دور كبير في إيجاد البلسم الشافي للملمة جراح الإخوة الأعداء في ليبيا، ولكن هذا يتطلب الوقت الكافي لبلورة الحلول المقترحة. ويؤكد المختصون، أن هناك حظوظا كبيرة لنجاح الجزائر في مسعاها، خاصة إذا علمنا أن فرقاء الأزمة الليبية يؤمنون بأن الجزائر هي التي تمسك بمفاتيح الحل، بمقابل فشل دول أخرى في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، على غرار فرنسا والمغرب، هذا الدور سيظهر جليا خلال لقاء غد الأربعاء ضمن الاجتماع الوزاري التاسع لدول جوار ليبيا بمشاركة ممثلين عن منظمات إقليمية دولية، بهدف تعميق التشاور والتنسيق بين دول المنطقة لمواجهة التحديات الراهنة وبحث السبل الكفيلة بدعم العملية السياسية في البلاد. ويشارك في هذا الاجتماع وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، عبد القادر مساهل، الذي أكد في وقت سابق، أن الهدف من هذا اللقاء هو مناقشة عدة مواضيع تهم الأوضاع بالمنطقة والتي تعتبر، الآن، مستهدفة سواء من قبل الإرهاب أو الجريمة المنظمة أو المخدرات أو تسريب الأسلحة أو الهجرة السرية. وحول الاجتماع، كان قد أبرز مساهل، عقب لقائه بالجزائر مع المبعوث الأممي الى ليبيا، مارتن كوبلر، أن لقاء نيامي هو تأييد لليبيا وللنيجر أيضا الذي يمر بظروف صعبة كذلك. ولطالما أكدت الجزائر، التي بادرت باحتضان أول اجتماع لوزراء خارجية بلدان الجوار الليبي في ماي 2014، على موقفها الثابت من الأزمة الليبية القائم على ضرورة تبني الحل السياسي الذي يضمن الثوابت المتمثلة في الحفاظ على وحدة وسيادة ليبيا وتماسك وانسجام شعبها، وكذا ضرورة مكافحة الإرهاب الذي بات يشكّل تهديدا حقيقيا لكيان ومستقبل هذا البلد ووضع المصلحة العليا لليبيا فوق كل اعتبار. بن شريط: استقرار الجزائر انعكس إيجابا على دبلوماسيتها يعتبر المحلل السياسي، عبد القادر بن شريط، أن دخول الجزائر كطرف فاعل في حل مشاكل العالم، نجاحا في حد ذاته دون الحديث عن حلها نهائيا، لأن ذلك ليس مرهونا بجهود بلادنا، وإنما بمدى تفهم الأطراف المعنية بالنزاع والتي تسعى لحماية مصالحها أولا . وقال بن شريط في تصريح ل السياسي ، إن الجزائر ساهمت في حل مشكل الفرقاء الماليين وتسعى لتكرار ذلك في ليبيا، ولا يجب بأي حال من الأحوال رهن مساعينا بالنجاح أو الفشل لأن نوايا الجزائر ومقاربتها السلمية النبيلة، تعد مكسبا في حد ذاته . وعرج بن شريط على الجهود الجزائرية لحل الأزمة اليمنية، أين أشار إلى أن اقتراح بلادنا نشر قوة حفظ سلام في اليمن، هو توجه عملي في متناول الفرقاء ، كما شدّد على ضرورة إيجاد صيغة لتطبيقه وذلك لا يتأتى إلا بالخوض في بعض المسائل المتداخلة مثل الخلاف الإيراني - السعودي والأزمة السورية وأيضا العلاقات السعودية - المصرية المتدهورة وهي مشكلات تتربص بأمن واستقرار الشرق الأوسط. وعن تقييمه لوضع الدبلوماسية الجزائرية خلال فترة حكم الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، مقارنة بالمراحل التاريخية السابقة، قال محدثنا، إن الجزائر في عهده رجعت لنشاطها الدولي بعد غياب لأسباب أمنية يعرفها الجميع، مشيرا إلى انعكاس الأمن والاستقرار في عموم البلاد بالإيجاب على الدبلوماسية الجزائرية. وعاد الخبير السياسي إلى الإشادة بالدور البارز للجزائر خلال اجتماع (أوبك) الأخير والذي توّج، خلافا للتوقعات، باتفاق الدول المنتجة على خفض الإنتاج بحوالي مليون برميل، وهو ما اعتبره نقلة نوعية في موقع بلادنا كرقم هام في معادلة الاقتصاد العالمي ، حيث لا يختلف اثنان بأنها نجحت، لحد كبير، في احتواء المشاكل السياسية داخل المنظمة وكسرت الحاجز النفسي في علاقات دول مثل إيران والسعودية، ما أكسبها ثقة الدول الكبرى التي كلفتها فيما بعد بالتحضير لمؤتمر (أوبك) الحساس في فيينا الشهر المقبل. هذا الدور الدور الجزائري الرائد ومقاربتها السياسية المعترف بها دوليا، يبدو أنه لا يعجب بعض الدول المتآمرة على رأسها فرنساوأمريكا التي تسعى لإقصاء بلادنا بكل الطرق، حسب عبد القادر شريط، الذي أكد أيضا أن أطرافا إقليمية تريد بدورها إبعاد الجزائر عن أي حل في ليبيا. قنطاري: تجربة الجزائر في حل الأزمات يشهد لها التاريخ راهن الباحث والمحلل السياسي، الدكتور محمد قنطاري، على نجاح الدبلوماسية الجزائرية في حل الأزمات الأمنية في مختلف الأقطار، لأنها مبنية على أبعاد إنسانية وقيم مثلى مستمدة من روح الثورة التحريرية، كما أن التجارب أثبتت فشل السلاح في حل الأزمات العالمية، مشيرا إلى أن الحصار الدبلوماسي الذي تفرضه بعض الدول والحرب غير المعلنة التي تشنها باسم التهريب والمخدرات والسلاح، على الجزائر ستكلل بالفشل، لان تجربة الجزائر في إنجاح المفاوضات، وحل الأزمات يشهد لها التاريخ ولا يمكن أن تنجلي تحت أي ضغوط. وقال قنطاري، في تصريح ل السياسي ، إن هناك حربا غير معلنة ضد الجزائر، لضرب جهودها في حل الأزمات العربية والإقليمية عن طريق الحوار، أين تحوز بلادنا على تجربة وخبرة كبيرة في إرساء المصالحة الوطنية، ما يؤهلها لقيادة مساعي السلام في المنطقة، عن طريق احتضان المفاوضات بين أطراف النزاع، وتوفير الجو المناسب والامكانيات اللازمة لهم، مع احترام سيادة الدول ودون التدخل في شؤونها، حتى تحولت إلى سويسرا ثانية ، مثلما أوضحه الباحث الجزائري. وعاد المحلل السياسي للحديث عن توصيات الرئيس الراحل، هواري بومدين، لوزير خارجيته، آنذاك، عبد العزيز بوتفليقة، عندما قال له لما تضيق بك الأرض وتتكاثر الأزمات، ارجع الى الثورة وتاريخها المشرف ودورها الريادي في دول عدم الانحياز ، هذه التوصية التي يعمل بها الرئيس بوتفليقة حاليا، مثلما أوضحه قنطاري، الذي أكد ان الجزائر تقود، بفضل حنكة الرئيس، جبهة قوية لحل الأزمات بشعار التوحيد ووقف الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد، ما يضفي صفة القداسة إلى دورها في المنطقة. وأثنى قنطاري مطولا على حنكة الرئيس بوتفليقة في إدارة الأزمات، مذكّرا بدوره التاريخي في حركة عدم الإنحياز ونصرة القضايا العادلة في الأممالمتحدة، هذا الدور تجلى في فترة حكمه، يقول محدثنا، أين ساهم في فك العزلة والحصار المفروض على الجزائر وأرجع لها بريقها المفقود بعد فترة العشرية السوداء بفضل جولات مكوكية إلى كبرى العواصم العالمية، استهجنها مراقبون وإعلاميون، آنذاك، لكنها آتت ثمارها في الوقت الحالي أين يشهد الجميع نجاحات تلو الأخرى. ورغم ما تتعرض له بلادنا من عراقيل واتهامات فإنها تواصل العمل بهدوء ودون تهريج ومزايدات وبدأت، بالتالي، ترجع رويدا رويدا إلى مسارها التاريخي ودورها الريادي في الدبلوماسية العالمية بفضل من وصفهم محدثنا ب الرجال الوطنيين ، الذين اتخذوا من الثورة دستورا لهم ومن المصالحة والسلم شعارا لحل الأزمات. رؤساء إفريقيا يبرزون دور الجزائر عبّر رئيس مالي، إبراهيم بوبكر كايتا، مجدّدا، عن عرفان بلده للجزائر على دورها في إبرام اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر. وفي تصريح صحفي عقب محادثاته مع الوزير الأول، عبد المالك سلال، على هامش قمة الاتحاد الإفريقي الاستثنائية المخصصة للأمن البحري والتنمية في إفريقيا، أشاد رئيس مالي بدور الجزائر في إبرام اتفاق السلم والمصالحة في مالي وبدعمها لبلده. وقال في هذا الصدد: نعبّر عن عرفاننا للجزائر على دعمها الرائع الذي مكّن الماليين من إبرام اتفاق السلم ، موضحا أن المحادثات بين الطرفين سمحت بالوقوف على هذا الاتفاق الذي يحظى باهتمام مشترك ويعزز علاقاتنا التاريخية . وأضاف الرئيس كايتا، أن لقاءه مع الوزير الأول مكّنه من الاطلاع على أحوال بلد غال عليّ، ورجل نحن ممنونون له وهو الرئيس بوتفليقة . من جانبه أبرز الرئيس السنغالي، ماكي سال، دور الجزائر ومكانتها في إفريقيا، في تصريح صحفي عقب محادثاته مع الوزير الأول، عبد المالك سلال، على هامش قمة الاتحاد الإفريقي الاستثنائية المخصصة للأمن البحري والتنمية في إفريقيا، وقال: نعلم دور الجزائر ومكانتها في إفريقيا وعلاقتها مع بلدان القارة . وأوضح أنه تطرق مع سلال إلى عدة مواضيع تتعلق بالتعاون وبالعلاقات الثنائية بغية إزالة سوء التفاهم الذي يحدث أحيانا بين البلدين. وأضاف الرئيس السنغالي: قلت لأخي وصديقي، عبد المالك سلال، إنه يحدث أحيانا في الكواليس سوء تفاهم لابد من إزالته ، مشيرا إلى أنه بإمكان الجزائر والسنغال تسيير مواقفهما بطريقة تجعل التعاون بين الدولتين يخدم الشعبين. إلى ذلك، أكد الرئيس الكيني، أوهورو كينياتا، أن الجزائر ستبقى شريكا هاما لبلاده، مبرزا عزم البلدين على مواصلة تعاونهما لتعزيز هذه الشراكة. وفي هذا الإطار، أكد الرئيس الكيني أن الجزائر وكينيا سيمضيان نحو تعاون تجاري مشترك في مختلف المجالات، لافتا إلى أن الجانبين يحملان نفس الهموم إزاء ما تواجهه القارة من تهديدات. وأشار أيضا الى أنه تناول مع سلال العلاقات الثنائية بين البلدين وكيفية تعزيزها، مبرزا أن الجزائر وكينيا يجمعهما تاريخ مشترك ويتقاسمان نفس الرؤى تجاه قضايا القارة الإفريقية. مفوضية السلم بالاتحاد الإفريقي تشيد بالجزائر قال مفوض مجلس الأمن والسلم للاتحاد الإفريقي، إسماعيل شرقي، أمس، إن دور الجزائر سيكون هاما في أشغال الدورة التاسعة لاجتماع دول جوار الليبي المزمع تنظيمه غدا بنيامي، مشيرا الى جهود الجزائر المبذولة لدعم مصير الحل السياسي في ليبيا. رئيس الجمهورية وعد ووفى وبكل هذه الإنجازات المحققة، يكون رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، قد وفى بوعوده بعودة الجزائر للعب دورها الريادي دوليا واسترجاع مكانتها بين الأمم، كما سبق وأن وفى بوعوده بإعادة الأمن والاستقرار وتحقيق إنجازات هامة بمختلف القطاعات، فهي الآن، الجزائر، شامخة عزّزتها جملة الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي بادر رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، إلى اتخاذها.