- الدستور الجديد عزز الممارسة البرلمانية بإعلان أكبر حزب معارض في الجزائر، وهو الأفافاس، مشاركته رسميا في التشريعيات المقبلة، يكون عقد التشكيلات السياسية المحسوبة على المعارضة، والتي تفاعلت بالإيجاب مع هذا الرهان الهام، قد اكتمل تقريبا، فماعدا جيلالي سفيان، المقاطع، يبدو طلائع الحريات لعلي بن فليس في طريق مفروضة نحو إعلان دخول المعترك الانتخابي. ودفع تعزيز دستور 2016 للممارسة البرلمانية المعارضة إلى التخلي عن خيار المقاطعة، مثلما يؤكده مراقبون ويتغاضى عن ذكره رؤساء الاحزاب سالفة الذكر، بالإضافة إلى الطموح للبقاء او الدخول لقبة البرلمان التي عادة ما تغري الأحزاب. أعلنت أحزاب المعارضة تباعا مشاركتها في الاستحقاقات التشريعية المقبلة، رغم أن الكثير منها حاولت إيهام الرأي العام في سابق الشهور باتجاهها نحو مقاطعة هذا الرهان، بدعوى عدم توفر الضمانات السياسية والقانونية لشفافية العملية الانتخابية. وأوعزت قيادات هذه الاحزاب ترجيحها كفة المشاركة، وهي التي رفعت من قبل شعار لجنة التنظيم المستقلة، لعدة اعتبارات، في مقدمتها عدم تفويت افتكاك حضور في البرلمان، يضمن حضورها الدائم في الساحة السياسية، والتعبير عن مواقفها من مختلف القوانين والأحداث الوطنية من جهة، ويعزز ممارستها كحزب لأن المقاطعة ليست في نهاية المطاف إلا إقصاء ذاتيا، يكلفها لاحقا غياب في الساحة الوطنية. لكن مراقبين يؤكدون في السياق أن دستور 2016، هو الذي جعل الأحزاب السياسية التي تنشط في المعارضة تراجع حساباتها جيدا، قبل الإعلان عن مواقفها من المشاركة في استحقاقات بحجم التشريعيات، لاسيما وأنه عزز ممارستها في البرلمان من خلال حق الإخطار طبقا لأحكام المادة 166، المكفول بموجب المادة 99 التي تنص على تمتع المعارضة البرلمانية بحقوق تمكنها من المشاركة الفعلية في الأشغال البرلمانية وفي الحياة السياسية، ويتعلق الأمر بحرية الرأي والتعبير والاجتماع، والمشاركة الفعلية في الأشغال التشريعية، إلى جانب المشاركة الفعلية في مراقبة عمل الحكومة وتمثيل مناسب في أجهزة غرفتي البرلمان. ولحد الآن، لم يعلن عن مقاطعة الانتخابات القادمة سوى حزب جيل جديد، حسبما صرح به رئيسه، جيلالي سفيان، بينما يتوقع إعلان مشاركة طلائع الحريات لزعيمه علي بن فليس مطلع جانفي المقبل، فبرغم الاعتراضات التي اشهرها مؤخرا في وجه العملية الانتخابية، إلا أن رئيس الحكومة الأسبق يدرك جيدا ما معنى الغياب عن رهان كبير كهذا. ولم يتم أيضا الإعلان سوى عن تحالف انتخابي واحد سيجمع حركتي النهضة والعدالة والتنمية، أين اتفق أعيان هذين الحزبين الإسلاميين على وثيقة إعلان النهضة التاريخية والدخول بقوائم مشتركة في التشريعيات المقبلة لضمان تمثيل أكبر فيما تخلت حركة مجتمع السلم عن تجربة التكتل الأخضر الذي جمعها بالنهضة والإصلاح خلال برلمانيات 2012، دون أن تتحمس كذلك للتكتل مع جبهة التغيير وحركة البناء. وفي إحصاء أولي، يرجح أن يتجاوز عدد الاحزاب المشاركة في تشريعيات 2017 حاجز ال50 حزبا معتمدا، لكن محللين كثر يتوقعون تلاشي أحزاب المناسبات والبرامج العجفاء والمصالح الضيقة خلال الأدوار الإقصائية للانتخابات والتي تتمثل في جمع التوقيعات اللازمة للمنتخبين ونسبة 4 بالمائة في التشريعيات السابقة، ما سيفرز، حسبهم، خارطة سياسية جديدة في الجزائر.