تتجه سوق النفط بخطى متسارعة نحو استعادة التوازن وتزداد عوامل الثقة بالسوق واليقين من القدرة على التعافي، بسبب جدية الخطوات نحو تطبيق اتفاق خفض إنتاج البترول الذي بادرت به الجزائر والذي ينص على تقليص المعروض بنحو 1.8 مليون برميل يوميا وبدأ تطبيقه بداية العام الجديد بمشاركة 22 منتجا نصفهم من أعضاء أوبك ، والنصف الآخر من المنتجين المستقلين. ورغم أن الأسبوع الأول من الشهر الجاري لم يكن كافيا لتقييم السوق خاصة أنه أسبوع عطلات في أوروبا والولايات المتحدة، إلا أن مراقبين يرون أن السوق تلقى دعما إيجابيا واسعا من خطوات قامت بها دول الخليج بالإعلان عن برنامج خفض الإنتاج وفق الحصص المتفق عليها وتم بالفعل إخطار العملاء بتقليص الإمدادات بشكل يغطي حصص الخفض التي تبلغ للسعودية 486 ألف برميل يوميا والعراق 210 آلاف برميل يوميا والكويت 131 ألف برميل يوميا. وفي مؤشر على بدء مسيرة تعافي السوق، اختتمت أسعار النفط على ارتفاعات سعرية، حيث سجل النفط في ختام الأسبوع ارتفاعا طفيفا بفعل الإقبال المتزايد على الشراء بعقود آجلة لينهي الخام الأسبوع على مكاسب محدودة بفعل صعود الدولار. ووفقا ل رويترز ، فقد ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 21 سنتا إلى 57.10 دولار للبرميل في التسوية بعد تحركها في نطاق 56.28 إلى 57.47 دولار للبرميل، وحقق العقد مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي. وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 23 سنتا في التسوية إلى 53.99 دولار للبرميل بعد تداوله في نطاق 53.32 إلى 54.32 دولار للبرميل. في سياق متصل، نقل تقرير لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك تفاؤلها الشديد بوضع سوق النفط خاصة بعد بدء تطبيق اتفاق خفض الإنتاج، مؤكدة أن المنظمة تستعيد دورها المؤثر في السوق بفضل إدارتها الجديدة التي تتبنى استراتيجية مستقبلية جيدة وواعية. ولفت التقرير إلى أن إستراتيجية أوبك الجديدة ستؤدي إلى تحقيق عديد من الآثار الإيجابية المتنوعة على السوق وأهمها نمو الاستثمارات الجديدة، وزيادة التنقيب والاسكتشافات في مجال النفط والغاز وإضافة احتياطيات واستحداث فرص عمل متعددة في الصناعة وزيادة الاعتماد على التكنولوجيات الجديدة، وتطوير بناء القدرات، والتغلب على المخاوف بشأن البيئة وذلك بصورة أكثر فاعلية مقارنة بأي وقت سابق. وأشار التقرير إلى أن أبرز نتائج التطور في منظومة العمل في أوبك تمثلت في المساهمة بشكل كبير ورئيسي في التوصل إلى توقيع ثلاث اتفاقيات تاريخية ومحورية خلال أشهر قليلة وهي اتفاق الجزائر في 28 سبتمبر الماضي، وتوقيع اتفاقية فيينا في 30 نوفمبر الماضي التي حددت حصص الخفض لكل منتج في المنظمة وتوجت الاتفاقات بالاتفاق الثالث في 10 ديسمبر، الذي تم خلاله إعلان التعاون بين أوبك وبعض الدول المنتجة للنفط غير الأعضاء في أوبك ودخل الاتفاق حيز التنفيذ في أول الشهر الجاري. ويرى التقرير أن الاتفاقات الثلاثة التي تبلورت في الاتفاق الأخير ستؤدي إلى استعادة الاستقرار في السوق من خلال الحد من زيادة المعروض في السوق، والسيطرة على تراكم المخزون والدفع في تجاه إعادة التوازن للسوق، مشيرا إلى أن هذا الأمر يعتبر ضروريا للمساعدة في تشجيع الاستثمارات الجديدة وهو أمر حيوي من أجل مستقبل آمن سواء على مستوى صناعة النفط أو على مستوى الاقتصاد العالمي بشكل عام.