عرفت أسعار برميل النفط ارتفاعا بشكل طفيف نهاية الأسبوع، إذ وصلت عقود النفط الخام "مزيج برنت" إلى 57.10 دولارا للبرميل في التسوية بعد تحركها في نطاق 56.28 إلى 57.47 دولارا للبرميل. ويعود ذلك إلى الإقبال المتزايد على الشراء بعقود آجلة لينهي الخام تداولاته على مكاسب مطمئنة بفعل صعود الدولار وأخبار حول التزام منتجي منظمة الدولة المصدرة للبترول (أوبك) باتفاق المنظمة الخاص بخفض الإنتاج. زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 23 سنتا في التسوية إلى 53.99 دولارا للبرميل بعد تداوله في نطاق 53.32 إلى 54.32 دولارا للبرميل. وارتفع الدولار بوجه عام مقابل عملات رئيسية بعد أن أظهر تقرير الوظائف غير الزراعية الأمريكية تباطؤا في التوظيف في ديسمبر وزيادة في الأجور، مما يضع الاقتصاد على مسار النمو والمزيد من رفع أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي). في هذا الصدد شرعت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها الخليجيون في منح إشارات على خفض الإنتاج، التزاما بالاتفاق الذي توصلت إليه منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجون آخرون. الكويت (العضو الخليجي في أوبك) قلصت إنتاج النفط في يناير إلى نحو 2.707 مليون برميل يوميا لتصل إلى المستوى المستهدف لإنتاجها في إطار اتفاق المنظمة على خفض الإمدادات. بذلك تنضم الكويت للمملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم والتي قلّصت إنتاجها أيضا هذا الشهر بما لا يقل عن 486 ألف برميل يوميا إلى المستوى المستهدف البالغ 10.058 مليون برميل. العراق من جهته أشار إلى أنه بدأ في تنفيذ إجراءات لتقليص إنتاج النفط التزاما بقرار (أوبك) في الوقت الذي تعتزم فيه شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) الإماراتية، إجراء صيانة مقررة لحقول نفطية في شهري مارس وأفريل القادمين من شأنها أن تقلص الإنتاج لتحمل نصيبها من الخفض الذي اتفقت عليه (أوبك). للإشارة كانت الدول الأعضاء في منظمة الدولة المصدرة للبترول قد اتفقت خلال القمة الاستثنائية المنعقدة شهر سبتمبر 2016 بالجزائر، على خفض الإنتاج إلى مستوى يتراوح بين 32.5 و33 مليون برميل يوميا. تم تأييد هذا المقترح من طرف (أوبك) خلال اجتماعها بفيينا في نوفمبر الفارط، والتي توصلت فيه إلى اتفاق بخفض إنتاجها ب1.2 مليون برميل يوميا لتسقيف الإنتاج في حدود 32.5 مليون برميل يوميا بداية من 1 يناير 2017 لفترة 6 أشهر قابلة للتجديد. على صعيد آخر حذّرت الوكالة الدولية للطاقة المستهلكين من ألا يشعروا بالأمان بسبب التراجع الحاد في أسعار النفط التي ستعاود الارتفاع بشكل حاد بحلول عام 2021. مشيرة في أحدث تقاريرها إلى أنها تتوقع تعافي أسعار النفط في 2017. كما أشارت إلى توقعات أخرى تفيد أن التعافي سوف يتبعه صعود حاد نتيجة لتناقص المعروض من النفط بسبب تراجع استثمارات المنتجين في هذا القطاع الذين يعانون من هبوط الأسعار في الوقت الحالي. سعر خام برنت بلغ أدنى مستوياته في 13 سنة عند 28.88 دولارا للبرميل في جانفي من العام الماضي. وتعافى سعر الخام بعض الشيء لكنه لا زال أقل بكثير جدا من مستويات جوان 2014 عندما لامست الأسعار 115.00 دولارا للبرميل. المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة فاتيه بيرول، قال إنه "من السهل على المستهلكين أن ينخدعوا في المخزون الكبير والأسعار المنخفضة حاليا، لكننا ينبغي أن نكتب على الحائط: التراجع التاريخي للاستثمارات الذي نراه الآن يثير الكثير من علامات التعجب حول المفاجآت التي قد نراها على صعيد الأمن النفطي وذلك في المستقبل غير البعيد". خبراء استشاريون لدى الوكالة الدولية للطاقة توقعوا أن يبلغ المعروض من النفط في الأسواق العالمية 4.1 مليون برميل في اليوم الواحد في الفترة الممتدة من 2015 و2021، وهو ما يشير إلى تراجع مقارنة بالمعروض العالمي الذي ارتفع إلى 11 مليون برميل يوميا في الفترة من 2009 إلى 2015. وأشاروا أيضا إلى توقعات بتراجع في استثمارات وإنتاج النفط بواقع 17% في 2016 بعد انخفاضه بواقع 24% العام الماضي. الوكالة الدولية للطاقة ترى أن "عام 2017 فقط هو الذي سيشهد في نهاية الأمر تساوي بين العرض والطلب في سوق النفط، لكن المخزونات الهائلة التي تتراكم في الوقت الراهن سوف تضعف وتيرة تعافي الأسعار في الأسواق عندما تبدأ السوق في استعادة التوازن، عندها تبدأ تلك المخزونات في التضاؤل".