صدر، مؤخرا، كتاب جديد للناقد والباحث المغربي الدكتور، محمد العنوز، تحت عنوان تفاعل الأدب والتكنولوجيا.. نصوص الواقعية الرقمية لمحمد سناجلة نموذجا . يقع الكتاب في 126 صفحة من القطع المتوسط وصدر عن دار كنوز للمعرفة في الأردن. يناقش الكتاب تأثيرات التكنولوجيا على مختلف أشكال الإبداع والتلقي بوصفهما العتبة الأساس التي تمكن من دراسة وتحليل أدب الواقعية الرقمية، حيث أفرزت العلاقة بين الأدب والتكنولوجيا ولادة نصوص تقوم على أساس التفاعل والترابط، وتنفتح على وسائط تفاعلية متعددة من مصادر متنوعة كالصوت والصورة والحركة والمشهد السينمائي والتشكيل والرسم والبرامج المعلوماتية، وذلك ضمن رؤية تسعى إلى تجديد الوعي بالنص والإبداع والنقد العربي. يقول الباحث عن دوافع اختياره لهذا الموضوع تحديدا: إن الموضع ما يزال جديدا، علاوة على قلة الدراسات التي تناولت قضية التفاعل بين الأدب والتكنولوجيا ، أما عن دوافع اختياره لروايتي شات و صقيع لمحمد سناجلة، يقول الكاتب في مقدمة الكتاب: إن رواية شات هي الرواية التفاعلية الرقمية الأكثر انسجاما مع القضية المدروسة حيث توظف عدة معطيات من مصادر متنوعة، بدءا بالنصوص (الكلمات) والأصوات والصور والألوان مرورا بالاتصال بشبكة الأنترنت، وانتهاء ببرامج الفلاش ماكروميديا، وعليه، تصبح الكلمة جزءا من كل، حيث أصبح من الممكن الكتابة بأشكال أخرى، بالصور والحركة والصوت والمشهد السينمائي. أما نص صقيع ، فتم تختياره رغم إشكالية التجنيس التي يطرحها، وذلك راجع إلى عدم عثورنا على رواية تفاعلية عربية أخرى تنسجم وموضوع البحث، إلا أن هذا لم يمنع من اعتبار نص صقيع من النصوص التي تدخل في إطار أدب الواقعية الرقمية، والتي تتفاعل من خلالها الكتابة السردية القصصية مع معطيات من مصادر أخرى . يستخدم الباحث المنهج السيميائي لمقاربة موضوعه، دون إهمال المناهج الأخرى الواردة في التحليل، ويعتبر السيميائية هي المنهج الأنسب لدراسة أدب الواقعية الرقمية، حيث يعتمد عدة مصطلحية ومفهومية تساعد في الإجابة عن الإشكال المدروس، وتمكن من بلوغ نتائج يمكن بدورها أن تخضع للتجربة والتطبيق. قسم الباحث كتابه إلى أربعة فصول، تناول في الفصل الأول منه الأدب التفاعلي الرقمي وآليات اشتغاله وقدّم فيه المفاهيم الأساسية للأدب الرقمي، مبرزا أهم سماته وأنواع نصوصه المترابطة، ووضح فيه التطور الذي عرفته نظرية النص، من خلال مجموعة من المفاهيم التي تصف العلاقات الداخلية والخارجية للنص من جهة، ومن خلال علاقتها بتكنولوجيا المعلومات والتواصل من جهة أخرى. وحمل الفصل الثاني عنوان: الرواية التفاعلية الرقمية ، أوضح من خلاله أن العلاقة بين الأدب والتكنولوجيا أفرزت نوعا جديدا من النصوص التي تقوم على أساس الترابط والتفاعل وبالذات الرواية التفاعلية الرقمية التي حدد مفهومها ورصد ظهورها في الأدبين الغربي والعربي، كما قدّم أهم سماتها على مستوى البناء واللغة والأسلوب وطبيعة القراءة، وأيضا مختلف الوسائط المتفاعلة التي تستثمرها كأداة للتواصل بين المبدع والمتلقي عبر شاشة الحاسوب. الفصل الثالث حمل عنوان أدب الواقعية الرقمية.. تحليل نماذج وقسّم فيه هذا الفصل إلى مبحثين: الأول، تناول فيه رواية شات لمحمد سناجلة بالدراسة والتحليل، وبين أن التقنيات البصرية والصوتية المميزة لها، يتطلب تحقيقها التوفر على جهاز حاسوب مزود بنظام المالتي ميديا وبرنامج الفلاش ماكروميديا ومتصل بشبكة الأنترنت. وتناول المبحث الثاني نص صقيع بالدراسة والتحليل، موضحا أن فعل الكتابة في صقيع يتحول إلى فعل مشهدي، حيث ترسم الكتابة صورا متحركة في ذهن المتلقي. أما الفصل الرابع من الكتاب، فقدّم فيه الباحث مقارنة بين الأدب الورقي والأدب الرقمي، مبينا نوعية العلاقة التي تربط بين مختلف مكونات العملية الإبداعية في طابعيها الورقي والرقمي، وأبرز مختلف المواقف المؤدية والمعارضة للأدب الرقمي والحجج التي يسوقها كل فريق.