شهدت الرواية التونسية -منذ تسعينيات القرن الماضي- تطورا لافتا إن كان على مستوى التراكم الكمي أو التنوع الفني، حتى أصبح المشهد الروائي جزرا، بعضها للرواية الواقعية التسجيلية وبعضها لروايات الخيال العلمي وبعضها للرواية التاريخية، ولكن جزيرة الرواية التجريبية بدأت أكثر حضورا وتألقا في تونس. وخصص الناقد والباحث رضا بن صالح خصص لهذا المبحث كتابا تحت عنوان (التجريب في الرواية التونسية) صدر مؤخرا عن مجمع الأطرش للكتاب المختص قلّب فيه نصوصا من المدونة التونسية رآها معبرة عن تيار التجريب في الرواية. وقد جاء الكتاب في ثلاثة أبواب كبرى: تجليات التجريب والتجريب في الرواية التونسية: منجزه، حدود التجريب. وقدم لذلك كله بمدخل نظري في مفهوم التجريب. قدم لهذا الكتاب الدكتور محمد الباردي الذي يرجع التجريب إلى بداية ستينيات القرن الماضي، حيث بدأ ما سمّاه (الوعي الحاد بضرورة كتابة نص سردي يرفض النمط والنموذج)، ويشير الباحث إلى(الأدب التجريبي) ككتاب مؤسس لهذا التيار من تأليف المسرحي عز الدين المدني. غير أن (التجريب في تونس -يقول الباردي- تعلق بالقصة القصيرة والمسرح والرسم، ولكنه لم ينشغل بالرواية، فالنص التجريبي الذي أثار الجدل (الإنسان الصفر) لعز الدين المدني لم يكن في الحقيقة رواية، ولم يؤثر في النصوص الروائية اللاحقة). ويعتبر الباردي أن الانطلاقة الحقيقية للرواية التجريبية بدأت في ثمانينيات القرن الماضي، حيث انطلقت الرواية التونسية الأكثر عمقا وجدية، وتبقى (التجارب الناجحة الآن والمثيرة للاهتمام هي هذه النصوص الروائية التي تتخذ من التجريب منهجا في الكتابة وسبيلا في الإبداع). وقد اختار الباحث رضا بن صالح بعضا من أعمال فرج لحوار وصلاح الدين بوجاه وحسن بن عثمان مدونة لبحثه الذي جاء في 284 صفحة من القطع المتوسط.