تراهن مصالح الصيد البحري لولاية الشلف كثيرا على التربية السمكية المدمجة، أحد فروع تربية المائيات، لغرس ثقافة إنتاج واستهلاك أسماك المياه العذبة لدى فلاحي ومواطني الولاية، لما لها من مساهمة فعالة في إنشاء نظام بيئي مصغر يسمح بإعادة تدوير المخلفات الفلاحية والحد من التلوث العضوي، فضلا عن الإنتاج السمكي. وتعكف ذات المصالح على إرساء ثقافة إنتاج أسماك المياه العذبة واستهلاكها، حسب رئيس مصلحة تربية المائيات بمديرية الصيد البحري والموارد الصيدية، الجيلالي بداني، من خلال إبرامها للعديد من الاتفاقيات وعزمها على إنشاء مفرخة لصغار السمك مستقبلا إلى جانب تنشيطها للعديد من الحملات التحسيسية في أوساط الفلاحين من جهة لحمل هؤلاء على الاستثمار في هذا المجال وكذا في أوساط المواطنين لتشجيع استهلاك أسماك المياه العذبة وتم في هذا الصدد، استنادا لذات المصدر، إبرام اتفاقية بين غرفة الصيد البحري بتنس وملحقة التكوين لمعهد الصيد البحري بالمرسى بمعية المصالح الفلاحية من أجل إحصاء وتكوين الفلاحين الراغبين في خوض هذا النشاط حيث تم تسجيل 120 فلاح بالولاية في انتظار إيجاد صيغة لتكوينهم قريبا وأضاف أن هذه الاتفاقية جاءت بعد المرحلة الأولى التي تم من خلالها القيام بتجارب نموذجية مع 20 فلاحا أين سجل نجاح بعض المشاريع في حين فشلت أخرى وهذا نظرا لعدم تكوينهم وإلمامهم بالشروط الايكولوجية والتقنية لضمان عيش الأسماك وتكاثرها خاصة أن كل نوع يتطلب ظروفا بيئية معينة. من جهة أخرى، كشف ذات المتحدث عن سعي مصالح الصيد البحري عقب إرساء ثقافة إنتاج أسماك المياه العذبة واستهلاكها إلى إنشاء مفرخة لصغار السمك مستقبلا وتقوم التربية السمكية المدمجة بإدخال واستزراع الأسماك في وسط مؤهل للاستغلال الفلاحي سواء في أحواض السقي الإسمنتية أو أقفاص بلاستيكية توضع في البرك والأودية وهو ما تسعى مصالح مديرية الصيد البحري والموارد الصيدية إلى نشره في أوساط فلاحي المنطقة خصوصا في ظل استفادتهم من دعم الدولة لبناء أحواض السقي، يقول بداني التربية السمكية المدمجة: ثروة سمكية، أسمدة طبيعية وجودة الإنتاج. واستنادا لرئيس مصلحة تربية المائيات بمديرية الصيد البحري والموارد الصيدية، فإن التجارب العلمية أثبتت أن ممارسة نشاط تربية المائيات في أحواض السقي يؤدي إلى التسميد الطبيعي للمياه بما يساهم في التخلي عن الأسمدة الكيماوية وكذا رفع مردودية الإنتاج بالإضافة إلى إنتاج السمك الذي يمكن تسويقه محليا، على غرار أنواع البوري، الشبوط والبلطي النيلي. وأوضح عبد القادر دريج، أحد الفلاحين الذين يمارسون نشاط التربية السمكية المدمجة، أنه ومنذ سقي مستثمرته الفلاحية بمياه الحوض الذي يحتوي على أسماك البوري، ارتفع مردود الإنتاج بشكل ملحوظ كما تغيرت نوعية الثمار نحو الأحسن بشهادة زبائنه، على حد قوله، وأضاف أنه يمارس هذا النشاط في حوض سعته حوالي 50 مترا مربعا وهو على استعداد لتوسيع نشاطه وكذا توزيع صغار السمك على الفلاحين الذين يودون إدخال هذه التقنية إلى مستثمراتهم الفلاحية بحيث تمكنهم من التخلي النهائي عن الأسمدة الكيماوية وتوفير مصدر جديد للحوم البيضاء و تقوم مصالح الصيد البحري بالشلف خلال فترة دخول بعض أصناف السمك إلى المياه العذبة للتكاثر، على غرار سمك البوري بعملية صيد صغار السمك والعناية بها لتتأقلم مع البيئة الجديدة وعذوبة المياه ليتم فيما بعد توزيعها على الفلاحين الراغبين في تربيتها وفيما يتعلق بتغذية الأسماك، ينصح المختصون أن تكون التركيبة الغذائية لهذه الأسماك مكونة من عناصر الأزوت، الفوسفور والبوتاسيوم وهو ما يتواجد في فضلات الدواجن، البط والبقر بالإضافة إلى مخلفات بعض المحاصيل الزراعية والحقول وهي مواد غير مكلفة للفلاح فضلا عن مساهمة الأسماك في القضاء على الطفيليات المتواجدة بأحواض السقي. تشجيع استهلاك أسماك المياه العذبة وتراهن مصالح الصيد البحري، موازاة مع تشجيع ممارسة نشاط تربية أسماك المياه العذبة لدى الفلاحين، على إرساء ثقافة استهلاكها رغم نفور المواطن منها وهذا بالأخذ بعين الاعتبار القيمة الغذائية التي تميزها حيث ينصح بها لمعالجة عدة أمراض مزمنة. ويوضح البروفيسور عبد القادر ديلمي بوراس، مختص في العلوم الغذائية، أن أسماك المياه العذبة تحتوي على مضادات للأكسدة ونسبة معتدلة من الأملاح بما يقاوم ارتفاع ضغط الدم كما تحتوي على نسبة 01 غرام من السكريات في كل 200 غرام ولهذا ينصح بها لمرضى السكري. وبخصوص نفور المواطن من استهلاك هذه الأنواع من الأسماك، أرجع ذات المختص ذلك إلى نقص الوعي بخصوص طريقة الطهي وكذا العادات الغذائية للمواطن الجزائري الذي غالبا ما يفضّل أسماك البحار. وفي ذات السياق، كشف مدير التكوين المهني والتمهين، حكيم إزروق إزغايمي، عن عزم مصالحه تنظيم الطبعة الثانية لمهرجان طهي أسماك المياه العذبة وتذوقها قريبا في إطار تشجيع استهلاك هذا الصنف من الأسماك ومرافقة مشاريع الشباب المتخرج من مراكز التكوين المهني في تخصص الصيد القاري من خلال التسويق لها.