لا شيء يتحرك في السياسة من محض الصدفة، فالذي حدث خلال الايام الماضية في المملكة العربية السعودية، والاوضاع التي تعيشها المنطقة في الشرق الأوسط، يجرنا إلى إعطاء تفسير وحيد لتحركات الرياض وحلفائها ضد لبنان، وهو أنهم مغتاضون من انقلاب موازين القوى في كل من سورياوالعراق واليمن لصالح ما يعتبرونهم الأطراف المضادة لمشروعهم (الشرق الأوسط الجديد)، لذلك اتجهت المملكة إلى تصعيد اللهجة ضد اللبنانيين و حزب الله بشكل خاص، لقلب الطاولة على الجميع وإعطاء الصراع لمسة طائفية لتسهيل تحقيق الأهداف المسطرة. ولم تتوقف الرياض عند نقطة التصعيد فقط، بل اتجهت إلى ترتيبات جديدة يراها البعض على أنها تسبق إعلان حالة حرب على الشعب اللبناني في القادم من الايام!. جاء في صحيفة معاريف الكيان الصهيوني أمس، أن السعودية وقيامها بهذه الهجمة السياسية غير المسبوقة ضد لبنان، راجع الى إحساسها بأنها فشلت في تحقيق اهدافها في كل من العراقوسوريا، وهذا ما يؤكد التحركات المفاجئة والغاضبة لولي العهد، محمد بن سليمان ضد لبنان، التي لم تكتفي فقط بالتهديد بالحرب على لسان وزير شؤون خارجيته، بل صعدت من لهجتهم ضد لبنان مع عدة دول خليجية، فبعدما أعلنت صراحة على أنها ستجتاح لبنان لاقتلاع حزب الله من جذوره والذي اتهمته باستهدافها، أمرت أمس الرياضوالإمارات والكويت رعاياها بعدم السفر إلى لبنان ودعت الموجودين فيه إلى مغادرته فورا جراء الأوضاع التي تمر بها جمهورية لبنان، ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن مصدر في الخارجية السعودية قوله بالنظر إلى الأوضاع في الجمهورية اللبنانية؛ فإن المملكة تطلب من رعاياها الزائرين والمقيمين في لبنان مغادرتها في أقرب فرصة ممكنة . ونصحت الخارجية السعودية مواطنيها بعدم السفر إلى لبنان من أي وجهة دولية أخرى، دون تقديم أي تفسير أو توضيح، ونقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) دعوة الخارجية الكويتية لكافة المواطنين الكويتيين المتواجدين حاليا في لبنان إلى مغادرته فورا. ونقلت عن مسؤول في الخارجية قوله إن القرار جاء نظرا للأوضاع التي تمر بها جمهورية لبنان الشقيقة وتحسبا لأي تداعيات سلبية لهذه الأوضاع. وشددت وزارة الخارجية الإماراتية على ضرورة التزام مواطنيها بقرار عدم السفر إلى لبنان. وكانت الإمارات قررت في فيفري 2016 قررت منع مواطنيها من السفر إلى لبنان وتخفيض حجم بعثتها الدبلوماسية في بيروت إلى حدها الأدنى. وكان مكتب رئيس الوزراء اللبناني المستقيل، سعد الحريري قد قال في وقت سابق، إن الحريري عقد في الأيام الأخيرة الماضية عددا من اللقاءات مع دبلوماسيين أجانب. وأضاف أن الحريري التقى أمس في الرياض، السفير الفرنسي لدى المملكة العربية السعودية كما التقى عدد من الدبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة في اليومين الماضيين. ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول في الحكومة اللبنانية قوله إنهم في لبنان يخشون أن يكون رئيس الوزراء المستقيل موجود تحت الإقامة الجبرية في العاصمة السعودية الرياض. وأضاف أن بلاده تخطط للتنسيق والعمل مع حكومات أجنبية لضمان عودة الحريري للبنان. وقالت مصادر أخرى مقربة من الحريري إنه أجبر على الاستقالة ووضع تحت الإقامة الجبرية. لكن المملكة العربية السعودية وأعضاء من تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري، نفوا أن يكون تحت الإقامة الجبرية، ولم يصدر أي تصريح عن الحريري نفسه. وكان الرئيس اللبناني ميشيل عون قال إنه ينتظر عودة رئيس الحكومة لتفسير أسباب استقالته. وأعلن الحريري استقالته السبت الماضي من الرياض، قائلا إن مؤامرة كانت تحاك لاستهداف حياته، متهما إيران وجماعة حزب الله اللبنانية ببث الفتنة في العالم العربي. وأطاحت استقالة الحريري بحكومة ائتلافية كانت تضم حزب الله ، وأعادت لبنان إلى صدارة الصراع الإقليمي بين السعودية وإيران، كما أنها قد تؤدي، كما يقول مراقبون، إلى نشوب أزمة سياسية وتوتر طائفي في البلاد.