بات باستطاعة البنوك التجارية الناشطة في الجزائر بدءا من 2 جانفي المقبل، التصرف في العملة الصعبة الموجودة في حسابات عملائها، بعدما رخص لها البنك المركزي بيع الدوفيز، لينهي بذلك احتكارا دام عدة سنوات لتسيير العملة الصعبة المتداولة في السوق المصرفية. و حسب تعليمة أرسلها البنك المركزي مؤخرا لجميع البنوك ،فقد تم فتح سوق العملات الأجنبية ما بين المصارف، والذي يسمح للبنوك والمؤسسات المالية والوسطاء المعتمدين، بإبرام صفقات في ما بينهم وبين عملائهم لشراء وبيع العملات مقابل الدينار، ويمنح بذلك لعملاء هذه المؤسسات المالية الحق في الاستفادة من القروض بالعملات الأجنبية التي يتفاوض عليها المهتمون بحرية في ما يتعلق بأسعار الفوائد. وألزمت التعليمة البنوك التجارية الناشطة في الجزائر بترك 30% من أموال عملائها بالعملة الصعبة في خزينة بنك الجزائر، وذلك ل تغطية مخاطر صرف العملة ، فيما يمكن للبنوك التصرف في 70% المتبقية من الأموال الصعبة المودعة في أرصدة عملائها بكل حرية. وحسب المتابعين للشأن المصرفي في الجزائر، فإن هذه الخطوة التي أقدم عليها بنك الجزائر تعد تاريخية، لأنها تنهي احتكارا دام قرابة ثلاثة عقود من الزمن، كما أنها تعد ثمرة تعيين خبير مصرفي، لأول مرة، على رأس المركزي منذ إنشائه سنة 1962. وحسب الخبير المصرفي ومستشار بنك الجزائر، نبيل جمعة، فإن هذا القرار يحمل الكثير من الإيجابيات، خاصة للمصدرين، الذين كانوا يخسرون في السابق الكثير من الأموال بسبب الفجوة الزمنية الكامنة بين تغير أسعار الصرف في المركزي الجزائري وبين تحديث أسعار الصرف في البنوك. و نقلت صحيفة العربي الجديد اللندنية عن نبيل جمعة قوله إن هذا التحرير لسوق العملة الصعبة يسمح باستغلال الأموال النائمة في خزينة بنك الجزائر منذ 1991، إذ يمكن للبنوك بدءا من 2018 أن تستثمر الأموال المودعة في أرصدة عملائها من العملة الصعبة لتمويل مشاريع استثمارية أو منح قروض بالعملة الصعبة للمتعاملين الاقتصاديين. و يعتبر تحرير سوق العملة الصعبة الرسمية مطلب المتعاملين الاقتصاديين لسنوات عديدة وكان أيضا المطلب الأول للبنوك الخاصة والعمومية، وذلك حتى يستفيدوا من الأموال الكبيرة المودعة في حساباتهم، والتي منعوا من استعمالها منذ سنة 1991، أي منذ سن قانون القرض والنقد الجزائري. و لطالما اعتبر خبراء اقتصاديون أن احتكار بنك الجزائر لسوق العملة الصعبة جعل البنوك التجارية مجرد وسيط يقوم بجمع الأموال بالعملة الصعبة سواء من عمليات التصدير أو من تحويلات المغتربين والعملاء في القطاع الخاص وضخها في أرصدة البنك المركزي وحين يطلبها العميل تسترجعها مرة أخرى. ويقدر بنك الجزائر حجم سوق العملة الصعبة في ما بين المصارف المنتظر إنشاؤها مطلع العام المقبل، بقرابة 3 مليارات دولار، يمكن للبنوك تصريفها والاستثمار بها في مشاريع تراها مناسبة لها.