تمت المصادقة على عملية استعجالية تستهدف إزالة مخلفات الأحداث الأليمة التي كانت قد شهدتها منطقة ميزاب، والتي سيتم إطلاقها في آجال قريبة من قبل مديرية حفظ التراث الثقافي وترميمه بوزارة الثقافة، حسبما استفيد من المسؤول المكلف بالتراث بمديرية الثقافة لولاية غرداية. هذه العملية التي سبقها تشخيص شامل ودقيق من قبل خبراء في مجال ترميم التراث الثقافي والمعماري، وفقا لقانون التراث 04/98، قد استغرقت وقتا، لاسيما فيما تعلق منه بإجراءات المصادقة على كل مرحلة دراسة من قبل الوزارة الوصية، مثلما أوضح محمد علواني. وقد أنجزت تلك الدراسات على أربع مراحل لكل موقع من طرف الخبراء بمساهمة أعضاء المجتمع المدني بهدف إعادة إبراز القيمة الثقافية لهذه الكنوز التراثية القديمة، وجعلها عاملا مساهما في التنمية الاقتصادية المحلية، لاسيما في مجالي السياحة والصناعة التقليدية، كما أضاف ذات المسؤول. وسيتم إطلاق عملية الترميم قريبا في كنف الشفافية وانخراط للمجتمع المدني بعد المصادقة من قبل الوزارة الوصية على المرحلة الرابعة التي استكملت من تلك الدراسات، حسبما أكد مسؤول التراث بمديرية الثقافة، موضحا بالمناسبة أن أي تدخل في القطاع المحمي يخضع لموافقة الوزارة الوصية. ويحتضن سهل وادي ميزاب الذي يضم أربع بلديات (غرداية وبونورة والعطف وضاية بن ضحوة) شبكة القصور العريقة التي شيدت في القرن ال10، والتي تتميز بخصوصيتها المعمارية التي تضمن حياة جماعية، تحترم التركيبة الاجتماعية للسكان. ويحصي محيط سهل ميزاب الذي يغطي مساحة قوامها 4.000 هكتار مع مبانيه التقليدية وواحاته الغناء ونظام السقي التقليدي الذي يتميز به، ومعالمه العريقة ومواقعه التاريخية أكثر من 200 موقع، وقد صنف تراثا عالميا في 1982 من قبل المنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو). كما حظيت سهل ميزاب أيضا بتصنيفه قطاعا محميا من قبل السلطات العمومية بإصدار في 4/6/2005 مرسوما تنفيذيا رقم 5/209 الذي يسمح بإعداد مخطط الحفظ بما يتوافق مع قانون التراث 4/98 الصادر في 15/7/1998. ويرى من جهته، النسيج الجمعوي المحلي أن عملية صيانة وترميم المعالم الجنائزية وغيرها من المقابر التي تضررت خلال الأحداث الأليمة التي كانت قد شهدها سهل ميزاب، بالكاد تؤتي ثمارها في الميدان. وفي رسالة رفعت إلى السلطات المعنية، ذكر أعضاء النسيج الجمعوي الفاعلين في مجال المحافظة على التراث الثقافي المادي واللامادي بميزاب أن البرنامج الاستعجالي لترميم خمسة مواقع مسجلة من قبل السلطات العمومية في 2014 قد تأخر تجسيده في الميدان عقب استعادة منطقة غرداية السلم والسكينة. ودق أعضاء النسيج الجمعوي بغرداية ناقوس الخطر بخصوص حالة التدهور المتقدمة لهذا التراث الذي يتشكل أساسا من المعالم الجنائزية، على غرار مقابر المشائخ باعيسى أوعلوان وبابا ولجمة، ومحضرة عمي موسى الذي يعد واحدا من مؤسسي قصر غرداية في سنة 1100، ومسجد الشيخ عمي سعيد، وساحة الرحبة بوسط قصر غرداية العتيق. هذه الكنوز التراثية التي تشهد تدهورا لحالتها يوما بعد يوم بفعل عوامل الزمن، وقسوة التقلبات المناخية، وسلوكات الإنسان، مما يساهم في تشويه الماضي المضيء لميزاب، وتتطلب تدخلا استعجاليا، لاسيما على مقربة حلول موسم ربيع 2018 الذي يعد بإطلاق باقة من الأنشطة الثقافية والسياحية بالمنطقة، كما ورد في ذات الوثيقة.