الليبي مثلما حدث في تونس ومصر أصدر ضباط بالجيش الليبي بيانا يطالبون فيه كافة أفراد الجيش بالانضمام إلى الاحتجاجات المطالبة برحيل القذافي، حيث دعا هؤلاء الضباط في بيان لهم نقلته قناة الجزيرة أمس، كافة عناصر الجيش الليبي إلى التلاحم مع المتظاهرين ضد القذافي والزحف على مدينة طرابلس لطرد القذافي منها. وينتظر الملاحظون أن يلعب الجيش الليبي دورا حاسما في الأحداث على غرار الجيشين التونسي والمصري خلال الثورتين اللتين شهدهما هذان البلدان، حيث عجّل الجيش التونسي برحيل الرئيس المخلوع بن علي برفضه إطلاق النار على المتظاهرين، وساهم في عملية ضبط الأمن وتأمين المنشآت والمصالح الحيوية في البلاد بعد انهيار أجهزة الأمن، ونفس الشيء في مصر حيث التزم الجيش الحياد الإيجابي منذ قرار نزوله إلى الشوارع في يوم جمعة 28 جانفي الماضي، وأعلن منذ البداية احترامه لحق التظاهر وتفهمه للمطالب المشروعة للمتظاهرين، وتولى عملية تأمين الوضع بعد قرار انسحاب قوات وزارة الداخلية وما أعقبه من انهيار للحالة الأمنية في البلاد، ورغم ما شهدته أيام ثورة الغضب الثمانية عشرة من أعمال عنف وهجمات من جانب مسلحين موالين للنظام على المحتجين في ميدان التحرير التزم الجيش أقصى درجات ضبط النفس، ولم يطلق رصاصة واحدة، وحاول الجيش أن يقوم بمهامه تاركاً للنظام مسألة التفاوض للاستجابة لمطالب المتظاهرين، ومع رفض الشارع المصري للحوار وللمبادرات التي طرحها النظام المصري في محاولة لاحتواء الوضع، ومع تصعيد المتظاهرين لاحتجاجاتهم حتى وصلوا إلى القصر الجمهوري في مصر الجديدة وقصر رأس التين في الإسكندرية، انحاز الجيش للرغبة الشعبية في التغيير، إلى أن أجبر مبارك على التنحي وإسناد مهامه إلى المجلس العسكري الأعلى، ليتحول بذلك الجيش إلى ضامن للثورة المصرية لفترة انتقالية لحين نقل السلطة إلى حكومة ورئيس مدنيين منتخبين.ومع اندلاع الاحتجاجات في ليبيا خلال الأيام الماضية توجهت الأنظار إلى الجيش الليبي والدور الذي يمكن أن يلعبه في الصراع بين المتظاهرين المطالبين بالتغيير من جهة ونظام القذافي من جهة أخرى، وذلك في ظل الغموض والإبهام الذي يحيط بهذا الجيش وإن كانت المعلومة الأولية تدل بأن نظام القذافي من أكثر الأنظمة إنفاقاً على شراء الأسلحة في العالم، غير أنه في المقابل نجد ما يسمى بمفهوم "الشعب المسلح" وهو أحد المبادئ الرئيسية في ما يسمى بالسلطة الشعبية وفق "الكتاب الأخضر" الذي ألفه القذافي، وتعني عملياً أن جميع فئات الشعب تتدرب على السلاح، ويدرس الطلاب في المرحلة الثانوية مادة التربية العسكرية، ويشترط على كل مواطن أن يتدرب على استعمال السلاح، وحسب بعض المصادر فإن عدد أفراد هذه المليشيات يبلغ حوالي مليون ونصف من المدربين على السلاح بكافة أنواعه، وذلك زيادة على الميليشيات المكونة من أجانب يقول العديد من المتظاهرين أن النظام الليبي استعان بهم لقمع المحتجين . وفي ظروف مثل التمرد أو الاضطرابات الداخلية يفترض حظر تدخل الجيش لقمع التظاهرات أو ضرب مدنيين، ولكن ما وقع حسب ما تناقلته وسائل الإعلام الدولية و شهود عيان هو العكس، حيث وردت أنباء عن استخدام المقاتلات والدبابات في قصف مدنيين كما ذكره بعض سكان مدينة بنغازي الواقعة في أقصى الشرق الليبي. ويصعب التكهن حسب الملاحظين بالدور الذي يمكن أن يقوم به الجيش، والانحياز مع أو ضد المحتجين، خاصة مع محاولة النظام الزج بالجيش في مواجهة وصدام مباشر ضد المتظاهرين مثلما ما حدث بالفعل في مدن مثل بنغازي ودرنة والبيضاء، وهو ما سيؤدي حتما إلى حالات تمرد داخل الجيش وانضمام لصفوف المتظاهرين مثلما حصل بالنسبة للطيارين الاثنين اللذين رفضا قصف المتظاهرين وحطا بطائرتيهما في مالطا، كما قد يشهد الجيش انقساما آخر مبني على القبلية ما سيؤدي إلى اندلاع حرب أهلية كما يؤكده المراقبون، و قد يكون هناك تمرد على مستوى القيادة العليا للجيش ضد نظام القذافي لإجباره على ترك الحكم .