قصة حب طويلة في تطويع الجلد لإبداعه أبدع إبن وهران الحرفي رابح بوجروة في تطويع الجلد منذ أكثر من 36 عاما، صمم خلالها أكثر من 180 منتوجا جديدا يتراوح بين قطع الديكور والمقاعد والحقائب والمحافظ والأحزمة والأحذية والجوارب وغيرها... وجميعها – كما قال – تختلف عن الأنواع الرائجة في السوق سواء الصحراوية أو المغربية أو التونسية أو الافريقية الأخرى، لتحمل بصمته الخاصة. الحرفي الذي عرض منتوجاته بدار الثقافة محمد العيد آل خليفة خلال فعاليات الأسبوع الثقافي لولاية وهران بقسنطينة من 6 إلى غاية 11 مارس الجاري، تأسف لأنه لم يستطع أن يحضر أنواعا كثيرة من منتوجاته، موضحا بأن حرفته يدوية بنسبة 100%تستغني عن كل الآلات والأجهزة ولا تخضع – كما أكد – لقياسات ومقاييس باقي الحرفيين الذين يستعملون الجلد كمادة أولية ويتواثق نفس الأشكال والتصاميم والمعايير والقوالب على حد قوله. وأوضح بأنه يحرص دائما على اقتناء جلود خرفان ذات نوعية رفيعة من مستغانم وغليزان ويجهزها ويطوعها يديويا لمتطلبات حرفته. مشيرا الى أنه يعتمد على خياله في تصميم وتزيين كل ما ينتجه ويحرص على عدم الابتعاد عن خصائص الموضة الرائجة. وبعد أن يدون أفكاره على الورق يحضر نفسه لتجسيدها على الجلد. وقال أن إنجاز محفظة واحدة يتطلب من 3 إلى 4 أيام من العمل ليبيعها لاحقا بسعر يتراوح بين 4500 و5000 دج.. مع ضمان النوعية الجيدة والمتينة لمن يشتريها. وأضاف بأن الفرق بين منتجاته وتلك الموجودة في أسواقنا أن هذه الأخيرة ليست يدوية الصنع في أغلب الحالات ويتم تزيين بعضها برسومات وزخارف جاهزة تضمها طوابع أو قوالب مثل المغربية والتونسية. وتعتمد على تصاميم تقليدية. ويفتخر محدثنا لأنه أنجز محافظ جلدية يدوية خاصة بمناسبة احتفال مؤسسة سوناطراك بذكرى تأميم المحروقات وزينها بأشكال بنادق ونخيل وجمال من ابداعه، فنالت إعجاب إطارات المؤسسة ووزير الطاقة والمناجم. كما يفتخر لأنه علم ابنتيه وابنه المهندس في الإعلام الآلي أسرار حرفته الفنية حتى لا تضيع بعد رحيله. مشيرا إلى أنه لا يوجد احد في عائلته في هذا القطاع. وعاد بذاكرته الى أكثر من 36 عاما خلت عندما ولدت بينه وبين الجلد قصة حب جميلة وطويلة . كانت الإنطلاقة من ورشة لصنع "البلغة" وهو خف تقليدي شعبي كان يصنع من جلد الماعز ويتهافت على شرائه السياح الأجانب وعشاق الأزياء التقليدية بغرب البلاد. كان في ال 12 من عمره، عندما تعلم الحرفة على يد صاحب الورشة المغربي وزميله التلمساني في سنة 1976. وفي الثمانينات، قرر أن يعمل بمفرده، ففتح ورشة صغيرة في منزله، لم يكتف بصنع "البلغة" التي أضفى عليها لمساته الخاصة، بل شرع في صنع علب حفظ الحلي، والجمال وقطع ديكور مختلفة.. وعندما قرر أن يشمل نشاطه المحافظ والحقائب والأحزمة والمقاعد، قرر أن يستعمل جلود الخرفان نظرا لمرونتها ومكانتها وسهولة تزيينها.. مع الحرص على عدم تكرار تصاميم الحرفيين التقليديين، فاستقطب الكثير من السياح والزبائن المحليين الأوفياء وحظي-كما قال- بشهرة خاصة بين التجار المحليين عندما صنع "جوارب" شتوية من جلد الماعز غلف بعضها بالصوف لتضمن لمستعمليها الدفء والراحة، وتحفف من آلام مرضى الروماتيزم، وهو ينصح عادة زبائنه باستعمالها ليلا فيشعرون بتدفق الحرارة في القدمين ثم تعرق، مما يخلصهم من البرودة والمرض.وقد قام بتسويق كميات كبيرة منها هذا الموسم ولاقت اقبالا متزايدا – كما أكد لنا – مشيرا الى أن لديه مشاريع عديدة وأفكار لا تعد ولا تحصى يتمنى أن يوفق في تجسيدها وترويجها بالوطن وفي الخارج. وأسر الينا بأنه ينوي تصميم أنواع جديدة وفريدة من المحافظ ومقاعد خاصة للأطفال الرضع على المدى القريب. وأن كل ابداعاته ال 180 التي تمكن من انجازها خلال مساره الحرفي الفني الطويل، يحرص على عرض كل قطعة منها في ثلاثة أحجام وبثلاثة ألوان لارضاء مختلف الأذواق وتلبية كل الاحتياجات ومن أعز ذكرياته تخصيص جناح له في المهرجان الثقافي الافريقي الثاني بالجزائر العاصمة، استقطب-كما أكد- الكثير من الزوار الذين أعجبوا بمعروضاته وركزوا على انفرادها واختلافها عن الأنواع المغاربية المعروفة وكذا الافريقية التقليدية. وكذا مشاركته في مسابقة لأحسن منتوج جزائري، فتألق بتحويل تصميم "القربة" التقليدية الى محفظة تعانق خريطة الجزائر.. إلهام.ط