مسرحية "اللاز" توجه أصابع الإتهام لليسار الجزائري حاكمت مسرحية «اللاز» المجاهدين و نزعت عنهم هالة الإجلال و التقديس عبر تتبع أخطائهم في الثورة التحريرية، فصورت نزاعاتهم و اختلاف حكاياتهم التي تدور حول الخيانة أثناء الحرب التحريرية و هو ما أعطى روايات مختلفة و متعددة عن الثورة التحريرية تم وضعها في قالب درامي وتراجيدي. المسرحية من إنتاج مسرح سوق أهراس و من اقتباس الكاتب محمد بورحلة عن نص للكاتب الطاهر وطار، أما الإخراج و السينوغرافيا فليحيى بن عمار و قد عرضت مساء أول أمس بالمسرح الجهوي بقسنطينة في اليوم الأول من الأيام التكوينية للصحفيين العاملين بالأقسام الثقافية. تدور أحداث المسرحية حول حالة التوجس التي عاشها المجاهدون بعد نصب كمين لهم من قبل القوات الفرنسية، فيحل الشك بين رفقاء الدرب بعد سقوط قتلى بينهم ، حيث يشك كل واحد منهم في الآخر و يتهمون بعضهم البعض بالخيانة جزافا، و هو ما يربكهم و يدخلهم في حالة مناجاة مع النفس و يطرح لديهم العديد من التساؤلات. تحوم بعد ذلك الشكوك حول المجاهد اليساري الذي كان يجهر بإيديولوجيته، فيتم محاسبته على أساس انتمائه السياسي، و يقع في فخ المساومة من أجل التخلي عن مبادئه و توجهاته السياسية، وهو ما ينعكس فيما بعد على توجهات الدولة الجزائرية بعد الاستقلال من ناحية الأحادية الفكرية التي تجلت في الحزب الواحد.المسرحية بدأت بظهور فتى مجنون يذكر الحاضرين بأنه «لن يبقى في الوادي إلا حجارته الأصلية»، ليظهر في ما بعد بأنه «اللاز» في حالة من الجنون والهلوسة، و تم اختيار العربية الفصحى كلغة حوار في المسرحية ، فيستمع بطل الطاهر وطار لشكوك المجاهدين و ارتيابهم، فيظهر مشهد حكم العسكر فيتضاعف جنون اللاز، في إشارة ضمنية لعدم تقبل خيانات بعض رفاق الثورة الذين تمكنوا في ما بعد من حكم البلاد. العمل المسرحي الجديد تخلى فيه المخرج عن الديكور، حيث اعتمد الممثلون في حركاتهم على مجسم حديدي يلتفون حوله و تدور الحورات بينهم، في حين استمرت الموسيقى الحزينة طيلة مدة العرض الذي تجاوز الساعة و الربع وهو ما أضفى على الجو العام حزنا، يقترب من التراجيديا. ما لاحظناه عن المسرحية أنها تخلت تماما عن العنصر النسوي، فكانت رجالية بامتياز، حيث أنها أظهرت ستة جنود شاركوا في الثورة التحريرية و ركزت في أحاديثهم على الإختلافات السياسية التي كانت خلال الثورة التحريرية وبعدها بسنوات، في حين كانت جل الحوارات تحمل طابعا إيديولوجيا جعلها الركح منبرا للرؤى المختلفة التي تبناها الجزائريون في تلك الفترة. الرواية المقتبسة عن رواية «اللاز»للكاتب الجزائري الطاهر وطار، ركزت على السياسة و لم تظهر الجوانب الأخرى من حياة اللاز التي تطرق إليها العمل الأدبي، فمخرج المسرحية الذي كان سينوغرافيا من قبل اعتمد على سينوغرافيا غطت على الحوارات و هو ما جعل العمل الفني يكاد يخرج من المسرح إلى فنون أخرى .