نهاية شهر العسل بين باريس والرباط؟ تشهد العلاقات المغربية-الفرنسية امتحانا جديدا، قد ينهي «شهر العسل» المستمر منذ عدة أشهر، ويؤكد محللون بأن رد المغرب على ما جرى الأسبوع الماضي عندما عرضت قناة «فرانس 3» وثائقيا عن حياة الملك، والسماح لمعارضين بالتظاهر ضد نظام المخزن، سيكون له وقعه على مستقبل العلاقات، ويرى المحللون بأن أي رد غير محسوب للمغرب ستكون تكلفته غالية، بالنظر لحجم الاستثمارات الفرنسية في المغرب، والدعم الذي تجده المملكة من قبل باريس في ملف الصحراء الغربية، وهو الدعم الذي عطل كل الجهود التي تبذلها الأممالمتحدة لحل الأزمة. وبدأت بوادر تلك الأزمة تلوح في الأفق قبل أسابيع، بعدما منعت السلطات المغربية صحافيين فرنسيين من الدخول إلى أراضيها، قبل أن تأخذ منعرجا أخر الخميس الماضي عندما عرضت القناة الفرنسية الثالثة شريطا وثائقيا تحت عنوان «محمد السادس: الحكم السري « الذي أثار الكثير من الجدل قبل عرضه، وحاولت الأوساط السياسية والإعلامية الموالية للمخزن، التشكيك في صدقيته وصحة ما تضمنه من أسرار وفضائح في محاولة لحفظ وجه ملك المغرب الذي يسعى لتقديم نفسه على أنه ملك منفتح وملك الفقراء واليتامى، لكن الوثائقي الذي أعده الصحافي الفرنسي جان لويس بيريز، أعطى صورة مغايرة تماما، فالصورة لم تخلوا من الفضائح كبيرة كان أخرها ما كشفته وثائق بنما. وتناول الشريط الوثائقي، وخلال مدة تجاوزت الساعة، الحياة السرية للملك المغربي وثرواته المالية، وأماط اللثام عن الكثير من الأسرار والفضائح التي أكدت القناة أنها تملك "أدلتها بالوثائق". وغاص الوثائقي الفرنسي في الفضائح المالية التي ارتكبتها العائلة الملكية من خلال إنشائها لشركات ضخمة من المال العام وتم توجيهها لحياة البذخ للمنتسبين لعائلة العاهل المغربي والمقربين منه"، وصرح معد البرنامج، الصحافي الفرنسي جان لويس بيريز، لإذاعة «فرانس أنتير»، بأن «الانفتاح الذي تم تسجيله في بدايات حكم الملك خفت بعد ذلك وانقلب إلى شيء آخر تماما»، وتحدث عن تعرضه للاعتقال مرات عديدة في المغرب من طرف أربعين رجل أمن، عندما قدم إلى المملكة من أجل تصوير برنامجه. وأورد الصحافي ذاته أنه في البداية كان يعتزم التطرق في برنامجه إلى معالجة ذات طابع اقتصادي، تتعلق بتأثير الشركات الملكية على الاقتصاد المغربي، مضيفا أنه بعد التعمق في الموضوع ولقائه بالعديد من الصحافيين المغاربة، توسع أكثر في التحقيق ليطال «أسرار الملكية». ورسم الوثائقي الصورة الحقيقية للنظام الملكي الذي يحاول في كل مرة تقديم نفسه على أنه ملك المحرومين والمستضعفين»، وكشف الوثائقي التناقض الحاصل بين الشعارات التي يرفعها المخزن وحقيقة الوضع الاجتماعي في المغرب، بين عائلة تعيش في البذخ والفساد بينما يعاني 40 بالمائة من الشعب المغربي ويلات الفقر. ويذهب الشريط في كشف حقيقة الملك المغربي الحالي وإظهار صورته الحقيقية كشخص يتبع شهواته، ترك الحكم وتفرغ للزيارة إلى الخارج والسياحة بكل أشكالها، وترك المغرب للمافيات بكل أنواعها، وأنه على عكس والده، أطلق يد عائلته لتعبث فسادا في المغرب. فولده وابنته الصغار لديهما الآن أملاك كبيرة في المغرب والخارج وهما لم يبلغا بعد. فهذا الملك، مثلما صوره الشريط، هو مدمن كبير يتبع رذائله في أي مكان ولا يفعل أكثر من الزيارات والتسلية ومن حين لآخر يقوم بسن ظهير أو إثنين في السنة، ويكتفي بتسيير البلد بالهاتف.وحسب تعاليق القناة فإن الملك استبدل زياراته إلى القرى التي كان يُدشن فيها بعض الدور والعيادات وبعض التدشينات التي تخدع الفقراء بالصورة والتلفزيون، بزيارات أخرى أكثر كلفة، فهو لا يسافر إلى دولة خارجية إلا ويتبعه أسطول من الطائرات يقدر في بعض الأحيان بسبع طائرات. فلا يوجد أي حاكم في العالم يقوم بالفساد الذي يقوم به محمد السادس.كما استدل البرنامج بمضمون وثائق "بنما" كآخر محطة لتوثيق المساس بمال الشعب المغربي. وأشار البرنامج إلى أن ثروة العاهل المغربي "أصبحت ضعف ما كانت عليه منذ بداية الربيع العربي سنة 2011". وساق النقاش الذي بثته القناة الفرنسية عدّة أمثلة، على غرار أنه بالنسبة لمسؤولين في "الشركة الوطنية للاستثمار"، فإن العائلة الملكية باتت تسيطر على "غنيمة الحرب الجديدة"، أي مجال الطاقات المتجددة، موضحاً أن الشركة التي تدير البرنامج والتي يسيطر عليها الملك محمد السادس، ربحت شهر مارس المنصرم، في إطار اتحاد مع شركتي "أونال" و«سيمنس"، مناقصة بغرض بناء خمسة مجمعات للطاقة بقوة الرياح بعدد من المدن المغربية، التي تُقدر قيمتها ب 11 مليار درهم مغربي. ثروة الملك تفجر غضب مغاربة المهجر وتزامن بث الشريط الوثائقي، مع وقفة احتجاجية قام بها عدد من المهاجرين المغاربة ضمنهم معارضون ولاجئون سياسيون، أمام إقامة الملك المغربي في بلدة «بيتز» الفرنسية احتجاجا على الفساد والاستبداد الذي يعاني منه المغرب جراء استمرار النظام الملكي الديكتاتوري، خاصة بعد الفضائح المالية التي كشفتها اوراق بنما، وتورط الملك المغربي في تهريب أموال الشعب المغربي، في وقت يعيش غالبية المغاربة تحت خط الفقر. وشارك في الوقفة الاحتجاجية، الضابط السابق في الجيش المغربي مصطفى أديب، إضافة للصحفي علي المرابط ونشطاء مغاربة آخرين.وذكرت مصادر إعلامية أن الوقفة الاحتجاجية لم يتم منعها من طرف وزارة الداخلية الفرنسية، لكنها فرضت تنظيمها على بعد 500 متر من إقامة الملك المغربي الذي يقضي عطلة في فرنسا وذلك عكس الوقفات الاحتجاجية السابقة المتعلقة بالملك، والتي سبق ان منعتها السلطات الأمنية الفرنسية. المخزن يحرك آلته الدعائية لتشويه الوثائقي وقبيل بث الوثائقي تحركت الآلة الدعائية للمخزن في محاولة لتشويه صورة الصحفي الذي أعده، حيث اتهمت صحف ومواقع إخبارية وقنوات تلفزيونية مغربية مقربة من السلطة ما وصفته ب«أطراف معادية تستهدف العائلة الملكية لهز الاستقرار في المغرب"، في حين أشارت مواقع أخرى إلى أن "التفاصيل التي جاء بها البرنامج الذي يعده الصحافي الفرنسي جان لويس بيريز يستدعي التوضيح من قبل السلطات" في حين لم تستبعد قنوات من "تداعيات سياسية لهذا الوثائقي على العلاقات الثنائية بين فرنسا والمغرب". و وصف موقع إخباري محسوب على مقربين من القصر الملكي، ب»وثائقي تحت الطلب»، وقال أنه «تم إنتاج هذا الفيلم بتوجيهات من الأمير مولاي هشام». وأضاف ذات الموقع، أن الوثائقي الفرنسي تم إنتاجه لهدف واحد وهو «ضرب صورة المغرب في عهد الملك محمد السادس»، وذلك بالاستعانة بعدد من «المتحاملين على المملكة، الذين يرون أن لا شيء يتحرك في هذا البلد». كما حرك المخزن اذرعه عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإطلاق حملة تضامنية مع الملك محمد السادس ضد ما أسموها «محاولات خارجية لتشويه صورة ملك المغرب» ، ودعا نشطاء الحملة، كل الفايسبوكيين المغاربة داخل وخارج المغرب إلى تغيير صور « بروفيلاتهم »، حيث يطالبون بوضع صورة الملك ودعوة كل أصدقائهم إلى مشاركة صور الملك وصور تنقلاته داخل وخارج المغرب.