يعالج أبو عمران الشيخ في كتابه (مسألة الحرية في الفكر الإسلامي) قضية علاقة القدرة الإلهية بحرية البشر؟ وعلاقة الإنسان بأفعاله. بمعنى هل الإنسان حر في أفعاله وسلوكه أم مجبر، وهي القضية التي ظهرت منتصف القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي، وقد خاض فيها المعتزلة كتابة ومناظرة مع خصومهم، ورغم الانتصار السياسي لخصومهم إلا أن رأي المعتزلة كان له تأثير في الكثير من الفرق والمدارس والتيارات الفكرية والتصوفية والكلامية؛ بل إن التأثير المعتزلي ظهر حديثا في آراء ومقولات الكثير من المفكرين والمجددين، ومنهم جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومحمد إقبال، الذين استلهموا فكر المعتزلة لصياغة مذهبهم عن الحرية الإنسانية واستثارة حركة تحويلٍ للمجتمع الإنساني، بهدف إدماجه في تيار الحضارة العالمية، بعد قرون من الانحطاط. مما يكشف عن راهنية الفكر الاعتزالي الذي بقيت عقلانيته خاضعة للوحي مدافعة عنه.