شرع نواب المجلس الشعبي الوطني أمس في مناقشة مشروع قانون المالية والميزانية لسنة 2017 الذي قدمه وزير القطاع حاجي بابا عمي في جلسة عامة، وعلى عكس ما جرى خلال مناقشة موازنة العام الماضي سجل هذه السنة خفوتا في الأصوات التي عارضت المشروع، وأثار الكثير من النواب قضايا محلية في ولاياتهم الأصلية، وفهم ذلك على أنه شيء طبيعي بما أنهم في نهاية العهدة، بينما ثمنت كالعادة أحزاب الموالاة ما ورد فيه من تدابير لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. وعلى هذا النحو فقد ثمن النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني بهاء الدين طليبة المشروع، وقال أن هذا الأخير يحافظ على التحويلات الاجتماعية ويدعم القطاعات الحساسة مثل السكن والصحة والتربية وغيرها، ويمكن الحكومة من إنشاء الثروة ومناصب الشغل، واعتبر النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي صلاح الدين دخيلي أنه لا خيار أمام الحكومة سوى الرفع من بعض الضرائب وتحسين تحصيلها أو اللجوء إلى الاستدانة الخارجية. كما ثمّن عبد القادر حجوج عن الآفلان أيضا ما ورد في مشروع قانون المالية، وقال إن الإشكالية التي ستواجهها الحكومة اليوم تتمثل في قدرة الجهاز الضريبي القائم حاليا على التحصيل الجيد للضرائب، وهو نفس الانشغال الذي عبر عنه دخيلي عن الأرندي الذي تساءل بدوره عن قدرة وزارة المالية والمديريات الولائية للضرائب على تحصيل الجباية، وهاجم هذا الأخير المعارضة التي انتقدت المشروع، وقال إن قانون المالية أصبح شماعة تحاول بعض الأطراف تعليق فشلها عليها، وتقوم بعض التشكيلات السياسية بتخويف المواطنين وتضليلهم بوصف القانون تارة بقانون عقوبات وتارة أخرى بقانون التجويع، متغافلة المعطيات الدولية الصعبة. وقد أيد العديد من نواب الموالاة التدابير التي جاء بها المشروع خاصة ما اتصل منها برفع بعض الرسوم والضرائب واعتبروا ذلك الطريقة المثلى لتحقيق موارد مالية إضافية للخزينة.لكن نواب المعارضة الذين لم يظهروا بصوت عال هذه المرة كما جرى خلال مناقشة قانون المالية للسنة الحالية انتقدوا الزيادات في الرسوم والضرائب التي جاء بها القانون، واعتبروا ذلك إثقالا إضافيا لكاهل المواطن البسيط، مثلما ذهب إليه النائب عن جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف الذي قال إن الحكومة من خلال هذا القانون مستمرة في سياسة الإعفاءات المقدمة لأشباه المستثمرين دون تقديم حصيلة لهذه السياسة، وانتقد الرفع من الرسم على القيمة المضافة واستحداث رسوم جديدة. وتساءل النائب عن التجمع الجزائري الطاهر ميسوم عن كيفية تغطية العجز الذي قد يسجل في الميزانية بعدما بني مشروع قانون المالية على سعر مرجعي لبرميل النفط ب 50 دولارا؟ واعتبر يوسف خبابة عن تكتل الجزائر الخضراء المشروع استمرار لقانون المالية للسنة الحالية، وتحميلا للإخفاقات الاقتصادية للحكومة لكاهل المواطن المثقل أصلا بالإكراهات والمحاصر بثالوث التضخم وانهيار سعر الدينار و تجميد الرواتب منذ سبع سنوات. وقال أن موقف حزبه من المشروع يتجه نحو رفضه، وهو ما دعا إليه النائب حبيب زقاد الذي طالب من النواب رفض القانون برمته، بينما انتقدت النائب نادية شويتم عن حزب العمال كثرة الرسوم التي جاء بها القانون في وقت جمدت فيه العديد من المشاريع. ونشير أن العديد من النواب فضلوا خلال مداخلاتهم إثارة قضايا محلية على حساب مناقشة مضمون المشروع، وهو ما يفسر برغبة هؤلاء في استمالة المواطنين في دوائرهم الانتخابية بما أننا في نهاية العهدة، وقال ذلك صراحة رئيس المجلس محمد العربي ولد خليفة معقبا على مداخلة النائب بهاء الدين طليبة» هي خطبة وداع ورغبة في التجديد». وقد سجل 190 نائبا أنفسهم لمناقشة المشروع وهو رقم قياسي، ما دفع مكتب المجلس إلى خفض مدة تدخل كل نائب من سبع دقائق كما كان معمولا به إلى خمس دقائق فقط، بينما تمنح لرؤساء الكتل البرلمانية بين 15 و 17 دقيقة، وبعد نهاية النقاش يتوقع رد الوزير يوم غد الأربعاء.