قضت محكمة الجنح بعنابة في جلسة النطق بالأحكام، صبيحة أمس، بتسليط عقوبة 7 سنوات حبسا نافذا في حق الخبير العقاري (ي.ع.س)، و الذي تم توقيفه متلبسا بتلقي 100 مليون سنتيم «رشوة» من صاحب مركبة سياحية بمنطقة «بلفودار» بالشريط الساحلي ، فيما عاقبت المحكمة كاتب المحامي، الوسيط في القضية (ب.ر.ع) بثلاث سنوات حبسا نافذا. ممثل الحق العام التمس في حق المتهمين في جلسة المحاكمة التي جرت قبل أسبوعين، 10 سنوات سجنا نافذا، عن تهمة تلقي مزية غير مستحقة و النصب و الاحتيال. و تابعت نيابة الجمهورية المتهمين الاثنين، بناء على ادعاء الخبير نفوذه في جهاز العدالة للحكم لصالح الضحية، في قضية طرد من قطعة أرضية مجاورة لمشروعه الاستثماري. و تعود وقائع القضية إلى تاريخ 30 أفريل 2017 عندما تقدم أمام مصالح الأمن المدعو «مهناوي جمال» صاحب مركب سياحي بالشريط الساحلي، من أجل رفع شكوى ضد الخبير القضائي (ي.ع.س) و كاتب المحامي (ب.ر.ع) الذي طلب منه مزية غير مستحقة لأجل تسوية ملف نزاع عقاري حول قطعة أرضية في حي بلفودار، مدعما شكواه بتسجيلات صوتية قام بتسجيلها، تضمنت حوارات و مفاوضات تمت بينه و بين المشكو منه (ي.ع.س)، واضعا تحت تصرف الأمن مبلغ مالي قدر 100 مليون سنتيم مشكل من أوراق نقدية من فئة 2000 دج، و التي تم نسخها و إرجاعها للطرف الشاكي، و بعد اتخاذ جميع الإجراءات القانونية، تم نصب كمين للمشكو منه، و الذي تم توقيفه بالقرب من مقر مكتبه الكائن بشارع بوزراد حسين وسط المدينة، و هو بصدد استلام كيس بلاستكي أسود اللون به المبلغ المالي السالف الذكر من طرف ابن الضحية. و أثناء التحريات الأولية، تبين أن المدعو «حميد» و يتعلق الأمر بالمدعو (ب.ر.ع)، و هو كاتب لدى المحامي (ب.ف)، هو من قام بالوساطة بين الشاكي و المدعو (ي.ع.س) من أجل مساعدته في القضية السالفة الذكر، و هو ما تبينه التسجيلات الصوتية المقدمة من طرف الضحية و كذا تصريحات الأطراف، و قدر المبلغ المطلوب من طرف الخبير العقاري ب 3.5 مليار سنتيم، و بعد مفاوضات بين الشاكي و الخبير بتاريخ 26 أفريل 2017، اتفقا على مبلغ 1.2 مليار سنتيم، على أن يسلمه له في اليوم الموالي، ثم تأجلت عملية الدفع لمصادفة يومي العطلة، و بعدها اتصل الضحية بكاتب المحامي و أخطره بقيمة المبلغ، فرد عليه الأخير بضرورة تسليم ذلك لتسوية الملف القضائي، و بعد مفاوضات أخرى اتفق الشاكي مع الخبير العقاري على تسليمه له مبلغ 400 مليون سنتيم بتاريخ توقيفه، كون النطق بالحكم في القضية محل النزاع سيكون بتاريخ 3 أفريل 2017، و قد دعم الضحية شكواه بالتسجيلات الصوتية خلال كل المفاوضات و المساومات التي تمت بينه و بين الخبير العقاري و كاتب المحامي. و خلال جلسة و المحاكة، أنكر الخبير العقاري (ي.ع.س) ما نسب إليه، و صرح بأنه علم من الضحية و صديقه المتهم عند أول لقاء له بالضحية، بالقرار القضائي الصادر بطرد الضحية من القطعة الأرضية المشيد عليها مشروع استثماري، و هدم المنشآت المبنية فيه، و قال أنه لم يعد الضحية بإيجاد حل له أو يسعى للتوسط له قبل صدور قرار قضائي، في الاعتراض المقدم من قبل الضحية، و الذي لم يتم الفصل به، و أشار أنه لم يُوهمه بوجود نفوذ حقيقي على الجهة التي ستتولى الفصل، أو أنه سيسعى ليكون خبيرا عقاريا معينا من طرف الجهة القضائية، و مضيفا أنه لم يخبره أنه سينجز له «خبرة مجاملة» مقابل دفع مزية غير مستحقة بمبلغ مالي قدره 3.5 مليار سنتيم لصالح شخص آخر، و نفى الخبير أيضا أن يكون قد تفاوض مع الضحية على تخفيض المبلغ أو التسبيق المترتب عن صدور القرار، و أن يكون قد شارك المتهم (ب.ع.ح) في هذا التفاوض. و اعتبر المتهم المبلغ الذي حاول استلامه مجرد أتعاب لانجاز خبرة عقارية، و فسر القضية على أنها سيناريو من أجل التأثير على العدالة، قبل الفصل في قضيته محل نزاع على مستوى الغرفة العقارية بمجلس قضاء عنابة. و أنكر كاتب المحامي (ب.ر.ع) الوقائع المنسوبة إليه، حيث صرح بأنه على علم بالخصومة العقارية الخاصة بالضحية المطروحة على مستوى المجلس القضائي، و بصفته كاتب محامي و له خبرة، فقد نصحه بمباشرة إجراءات الاعتراض النهائي الصادر ضده بالطرد، و قام بتقديمه للخبير العقاري لانجاز خبرة عقارية له بتقييم المنشآت، و علم بأن الخبير طلب مصاريف الأتعاب التي تقدر ب 2 إلى 10 بالمائة من نسبة تقييم المنشآت، و أنه علم بالمبلغ الذي طلبه الخبير من الضحية فيما بعد، و كذا تقديم وعد له بالحصول على قرار قضائي لصالحه أو ادعائه بأن له نفوذ حقيقي على الجهة القضائية التي ستفصل في الخصومة، و تمسك بأن التسجيل الصوتي لأحاديث مع الضحية ، غير شرعي.