تشييع جنازة الشهيد رفيق رجم في مقبرة ديدوش مراد بقسنطينة شُيّعت عصر أمس، جنازة الجندي في فرقة المظليين رجم محمد رفيق، الذي استُشهِد متأثرا بإصابته في حادثة انحراف طائرة عسكرية بمدرج القاعدة الجوية ببسكرة يوم الأحد الماضي، حيث ووري الثرى في جو مهيب بحضور جمع غفير من المواطنين و السلطات العسكرية و المدنية. الشهيد و هو من مواليد 28 فيفري 1997 بقسنطينة، التحق بصفوف الجيش الوطني الشعبي منذ سنتين و نصف، و قد تنقلت النصر أمس إلى منزل عائلته الكائن في حي الأمل المعروف بسيدي عراب بديدوش مراد، أين خيم الحزن على المكان و لم يتوقف الأقرباء و الجيران و أصدقاء الفقيد الشاب على التوافد، لتقديم واجب العزاء و مواساة العائلة في مصابها. جميع من تحدثنا إليهم من أصدقاء و جيران رفيق، أجمعوا على أن الفقيد معروف بأخلاقه الحسنة، كما أنه كان بطلا في الكيك بوكسينغ و نال ميداليات على المستوى الوطني، لكنه رفض مواصلة الاحتراف في هذه الرياضة و فضّل الالتحاق بصفوف الجيش، و قد التقت النصر بوالد المرحوم، الذي بدا عليه التأثر الشديد رغم أنه كان يحاول أن يحبس دموعه أثناء الحديث معه، حيث أخبرنا أن العائلة لم تر رفيق منذ شهر و نصف، لكنه أتى إلى المنزل يوما قبل الحادثة، بعدما سمح له المسؤول عنه بالإفطار مع أفراد أسرته، و أضاف الوالد المفجوع قائلا "لقد وصل في الظهيرة بعدما جاء مع صديقه، حيث سلم علينا، ثم طلبنا منه أنا و والدته أن يبقى في البيت ليرتاح، لكنه قال لنا بأنه يريد أن يخرج، و هو ما حصل، حيث التقى بأصدقائه و عاد قبيل الفطور». هذا هو آخر طلب وجهه لوالدته و تابع الوالد بصوت مختنق «خلال الإفطار لاحظنا جميعا أنه لم يكن مركزا معنا و شاردا، و عندنا سألناه ما بك، قال لنا بأن ليس هناك شيء»، و قد شاءت الأقدار أن يكون ذلك الإفطار آخر لقاء يجتمع فيه رفيق مع عائلته على مائدة واحدة، ففي تلك الليلة أخبرهم بأنه سيعود إلى بسكرة بالذهاب مع صديقه إلى محطة الحافلات، لكن الأب رفض و أصر على إيصاله بنفسه مع والدته، و هو ما حصل. و أضاف الأب أن الراحل قال لأمه قبل النزول من السيارة "أريد أن أجدكم قد بنيتم أساسات منزلي فوق بيتنا عندما أعود المرة المقبلة"، فكانت تلك الكلمات الأخيرة التي رددها على مسامع أمه، في حين كان حديث له مع الأب عبر الهاتف، حوالي الساعة الواحدة، عندما أخبره بأنه لم يتبق له سوى 10 كيلومترات ليصل إلى بسكرة. و سرد لنا الأب كيف سمعت العائلة بخبر الوفاة الذي نزل عليها كالصاعقة، فقد قال لنا بأنه لم يصل إليهم إلا بعد الإفطار، فيومها و على غير العادة، لم يستطع الوالد إكمال صلاة التراويح، حيث صلى ركعتين ثم ذهب للمقهى ليشرب كوب شاي، و أثناء ذلك اقترب منه شاب أخبره بأن صديق ابنه رفيق يريد أن يكلمه عبر الهاتف، و هنا شعر الأب أن أمرا ما قد حل بفلذة كبده، ليدرك أنه صادق في إحساسه عندما أخبره الصديق بأن ولده توفي في حادثة انحراف الطائرة. وبكثير من الألم و الحزن علق الأب قائلا "في البداية لم أصدق الأمر، و طلبت من صديق ابني أن يتأكد مما قاله.. لقد كانت صدمة كبيرة لم تتقبلها أمه للآن، فرفيق هو أكبر أبنائي الأربعة والأقرب إلى والديه.. لقد كان سندنا وكنا نعوّل عليه". عبد الرزاق.م