أموال البنوك لتمويل مشاريع «الأوليغارشيا» كشفت قضايا الفساد المطروحة أمام المحاكم، تجاوزات كبيرة في إدارة المال العام خاصة على مستوى بعض البنوك العمومية التي رافقت أصحاب تلك المشاريع ومنها مصانع تركيب السيارات، وأفضت التحقيقات إلى كشف تواطؤ بين مدراء بعض البنوك ورجال الأعمال الذين شملتهم تلك التحقيقات، وهي التجاوزات التي كانت وراء صدور قرار بإيداع المدير الحالي للبنك الوطني، والمدير السابق للقرض الشعبي، الحبس المؤقت، بسبب قضايا تتعلق بمنح قروض خارج التدابير القانونية. أكدت التحقيقات الجارية بشأن قضايا الفساد التي فتحها القضاء، حصول رجال أعمال وأصحاب شركات على قروض بالملايير دون ضمانات، وتشير تلك التحقيقات، إلى أن بعض رجال الأعمال استفادوا من تمويلات ضخمة لإطلاق مشاريع على غرار مشروع تركيب السيارات «سوفاك» والممول من قبل القرض الوطني الشعبي، إضافة إلى مصنع «كيا»، ما أفضى إلى إيداع الرئيس المدير العام السابق للقرض الشعبي، والمدير الحالي للبنك الوطني الحبس المؤقت. وحسب تقرير للبنك المركزي، بلغت القروض الموجهة للاقتصاد الوطني 9.408.1 مليار دينار إلى غاية جوان 2018 مقابل 8.880 مليار دينار إلى نهاية ديسمبر 2017 مسجلة بذلك ارتفاعا بلغت قيمته 528 مليار دينار، ما يمثل زيادة بنسبة 6 بالمائة ما بين فترتي المقارنة. و فيما يتعلق بتركيبة القروض حسب القطاعات القانونية لوحظ أن القروض الممنوحة للقطاع العمومي ارتفعت إلى 49.3 بالمائة نهاية جوان 2018 مقابل 48.55 المائة إلى نهاية ديسمبر 2017 في حين قدرت نسبة القروض الموجهة للقطاع الخاص (بما فيها الموجهة إلى الأسر) 50.67 بالمائة نهاية جوان2018 مقابل 51.44 بالمائة إلي نهاية ديسمبر 2017 . أما بالنسبة للقروض الممنوحة إلى القطاع الخاص (مؤسسات و أسر) ارتفعت بنسبة 4.35 بالمائة حيث بلغت 4.766.8 مليار دج نهاية جوان 2018 مقابل 4.568.3 مليار دج نهاية ديسمبر 2017. وقد تمكنت مجموعة من رجال الأعمال من بسط يدها على القروض والتسهيلات البنكية في ظرف قياسي، نتيجة الامتيازات البنكية والمصرفية الممنوحة لها من طرف بعض البنوك الوطنية، والتي وجهت لتمويل مشاريع استثمارية كبرى منحت لهم عن طريق صفقات عمومية فازوا بها طيلة سنوات حكم الرئيس المستقيل، عبد العزيز بوتفليقة، وصدرت مؤخرا العديد من التقارير التي تشير إلى حصول الإخوة كونيناف على قرض بنكي بقيمة 120 مليون دولار لتمويل مشروع استثماري، كما حصل على حداد، على مئات الملايير لتمويل مشاريع عمومية خارج الأطرالقانونية. كما قامت البنوك بتمويل انجاز مشاريع الاسمنت ومصانع تركيب السيارات. ويشير محللون إلى أن قرار الحكومة برئاسة الوزير الأول السابق أحمد أويحيى، اللجوء إلى قرار طبع النقود، رغم المعارضة التي أبداها الخبراء، كان بغرض توفير السيولة المالية للبنوك قصد منحها بدورها لرجال أعمال، رغم معارضة بنك الجزائر، الذي حمل مسؤولية طباعة النقود التي شرع فيها شهر نوفمبر 2017 إلى حكومة الوزير الأول السابق أحمد أويحيى الذي رفض كل الحلول البديلة التي تقدم بها البنك المركزي من أجل عدم الوقوع في «خطر صب الزيت على النار». وبغية التدقيق في حجم الأموال الممنوحة للمستثمرين، طلبت وزارة المالية، مؤخرا، من مسؤولي البنوك العمومية إعداد تقارير مفصلة عن نسبة تغطية القروض وتسديد الأقساط من طرف رجال الأعمال المستفيدين منها خلال السنوات الأخيرة، حيث تشير المؤشرات الأولية والأرقام المتواجدة على طاولة وزير المالية أن نسبة تغطية القروض لا تتجاوز 40 بالمائة. ووفقا لمصدر من وزارة المالية فإن الطلب يشمل إعداد تقارير مفصلة عن نسبة استرجاع القروض المالية على مستوى البنوك العمومية وقائمة رجال الأعمال الذين كانت لهم الأولوية في الاستفادة من هذه القروض خلال الفترة الماضية بما في ذلك أولئك رجال الأعمال المتواجدين في القائمة السوداء لأصحاب المال المشبوه المتابعين قضائيا على غرار الرئيس السابق لمنتدى رؤساء المؤسسات السابق علي حداد، وصاحب مجمع كونيناف وصاحب مجمع سيما موتورز محي الدين طحكوت وآخرين، ونسبة الضمانات المقدمة، والتسهيلات الممنوحة لهم.