طوابير طويلة تمتد أمام مخازن القمح بقالمة بدأت الطوابير تمتد أمام مخازن القمح بقالمة، بعد أن دخلت حملة الحصاد مرحلة الذروة و بدأت معها معاناة المزارعين و الناقلين الذين تعودوا على مرافقة منتجي القمح طيلة موسم الحصاد، لأن الأسعار أصبحت مغرية مقارنة بما كانوا يحصلون عليه بقطاعات أخرى كالبناء و نقل البضائع، لكنهم يواجهون وضعا صعبا أمام مخازن القمح التي تعاني من تدني قدرات الاستقبال و التخزين و هو مشكل ظل مطروحا بالولاية الفلاحية المنتجة للقمح منذ سنوات طويلة. على طول الطريق المؤدي إلى مخازن مدينة بلخير، يجلس نور الدين منتج القمح بسهل قالمة الكبير، تحت ظل شاحنة صفراء ليحتمي من الحرارة القوية التي تجاوزت الأربعين درجة، سيقضي ساعات طويلة هنا في الطابور و ربما يومين أو ثلاثة أيام، كل الشاحنات و الجرارات كانت متوقفة عندما وصلنا إلى طابور الجحيم، منتصف نهار أمس السبت و كانت حركة استقبال شحنات القمح بمخزن بلخير بطيئة للغاية على ما يبدو، ربما يكون التدفق الكبير لشحنات القمح قد أتعب عمال المخزن ذو القدرات المحدودة. حرارة و جوع و عطش و غضب حد العراك و الاحتجاج على وضع مخازن القمح بقالمة، فهي لم تتطور و لم تساير الحركية الكبيرة التي يعرفها قطاع القمح بالمنطقة، حيث توسعت المساحة المنتجة و تطورت تقنيات الإنتاج و التكثيف و أصبحت المخازن غير قادرة على الاستيعاب و التخفيف من معاناة المنتجين الخائفين من ضياع المحصول، بسبب الحرارة و الحرائق التي تحولت إلى هاجس كبير لدى منتجي القمح بقالمة كل صيف. يقول نور الدين متحدثا إلى النصر " نحن نعمل في ظروف مزرية، كلنا نعاني منتجين و ناقلين، أحيانا نبقى مدة طويلة و ننسى حقول القمح و الحاصدات، قد نبقى أكثر من 3 أيام لتفريغ شحنة القمح، خندق التفريغ بمخزن القمح دائما متشبع و ساعات العمل محدودة، هم يتوقفون أحيانا في حدود الثامنة مساء و هذا أمر غير مقبول، نتمنى أن يتدخل والي الولاية لتمديد ساعات العمل و تشكيل فريق مناوبة لمراقبة المنتوج و استقبال الشاحنات و الجرارات و تفريغها، الدرك الوطني فقط من يزورنا بين حين و آخر لتنظيم حركة السير على الطريق المؤدي إلى المخازن، رغم الضغط و التعب و الحرارة و الجوع الجميع يحترم الطابور و لا توجد مشاكل بين المنتظرين، لكن صبرنا يكاد ينفد و لا نرى حلولا في الأفق، فحتى المخزن الجديد بمدينة بلخير لم يستقبل القمح هذا العام، مازال العمل به لم ينته بعد، نتمنى أن يتحسن الوضع السنة القادمة، نحن ننتج القمح بقوة هنا في قالمة و نساهم في تطوير الاقتصاد الوطني، لكننا نواجه متاعب تفوق حدود الصبر و التحمل". و بغضب شديد يتحدث محمد و هو مزارع صغير لم يقدر على تحمل ساعات الانتظار و الحرارة و الجوع " لدينا 3 جرارات محملة بالقمح هنا في الطابور و أجرنا شاحنات أخرى، نحن خائفون من الحرائق و نريد تفريغ الشحنات بسرعة و العودة إلى الحقول، هناك الحاصدات تنتظر وسائل الشحن المحتجزة هنا في الطابور و لا ندري متى يصل دورها للتفريغ، أمامنا أكثر من 150 شاحنة و جرار، ربما سنبقى هنا لساعات طويلة، نحن نعاني و يكاد صبرنا ينفد، نريد حلولا تخدم الزراعة و تحسن أوضاع المنتجين". و لا تتجاوز قدرات مخزن القمح القديم بمدينة بلخير 300 ألف قنطار و كان من المقرر دخول مخزن جديد يتسع لنحو 200 ألف قنطار مرحلة الخدمة هذا الصيف، لكن عملية تركيب التجهيزات عرفت تأخرا كبيرا و مازالت المنشأة الجديدة مغلقة بجانب المخزن القديم الغارق وسط الزحام و سحب من الغبار تثيرها الشاحنات و الجرارات التي تملأ ساحة ترابية غير معبدة، في انتظار المرور على معبر الوزن الوحيد الذي تجاوزه الزمن و أصبح غير قادر على تحمل المزيد.