عاد التقني المغترب أحسن آيت عبد المالك إلى تجاربه التي بصم عليها مع عدة فرق ومنتخبات إفريقية، متحدثا في حوار مع النصر اختياره في منصب مدير فني للاتحاد السوداني لكرة القدم، كما أبدى الكفاءة الجزائرية التي تلقت تكوينها في ألمانيا، رأيه في المنتخب الوطني والكرة الجزائرية، وعدة أمور أخرى تكتشفونها في هذا الحوار. حاوره: مروان. ب - تعد من الكفاءات الجزائرية المغتربة، التي صالت وجالت بعدة بلدان إفريقية، هل لك قبل أن تقدم نفسك أكثر للجمهور الجزائري، أن تخبرنا كيف تتعايش والأزمة الصحة الحالية ؟ بداية، شكرا لكم على هذا الاهتمام، وأود أن أطمئنكم بأنني في صحة جيدة وكل أموري على أحسن ما يرام، خاصة بعد أن غادرت السودان شهر مارس الماضي، صوب مسقط رأسي بمدينة فرانكفورت الألمانية، أين أقيم رفقة عائلتي، ونحن جميعنا بخير ولم يصب أي أحد بفيروس كورونا الذي أحدث حالة طوارئ في كافة بلدان العالم، وعن تقديم نفسي لقرائكم الكرام، فأنا مدرب جزائري مغترب، كان له شرف خوض عدة تجارب في أوروبا وإفريقيا، لعل آخرها شغلي الآن منصب المدير الفني الوطني للاتحادية السودانية لكرة القدم، حيث أعمل برفقة التقني الفرنسي إيبارت فيلود المعروف لدى الجزائريين، بحكم عمله مع عدة فرق محلية، كما أحوز على عدة شهادات تدريبية من أعلى مستوى، في صورة «ليوفا برو» وليسانس «أ» من الأكاديمية الألمانية للرياضة وكاف «أ» وماستر في الرياضة من جامعة ديجون الفرنسية، دون أنسى امتلاكي شهادة محضر بدني من جامعة ديجون وشهادة مدرب حراس من جامعة كارفايون الفرنسية أيضا. - كيف التحقت بالاتحاد السوداني لكرة القدم وما هو عملك بالتحديد معه؟ قبل الالتحاق بمنصبي على مستوى الاتحادية السودانية لكرة القدم، عملت مع منتخب دولة جنوب السودان لسنة واحدة، قبل أن أقرر وضع حد لهذه التجربة، في ظل عدم توفر ظروف العمل المناسبة، لأنضم بعدها إلى نادي المريخ الذي قدمت معه نتائج لا بأس بها، جعلتني محل اهتمام الاتحادية السودانية التي عرضت علي منصب المدير الفني الوطني، حيث أمضيت عقدي شهر فيفري الماضي، وكنت قد باشرت عملي الجديد من خلال الاهتمام بتأطير ورسكلة المدربين، كما أعد حلقة الوصل بين الناخب إيبارت فيلود والاتحادية السودانية، إضافة إلى اهتمامي بإيجاد الحلول الأنسب لتطوير كرة القدم في السودان، غير أن تفشي فيروس كورونا أوقف كل شيء، وجعلني أعود إلى ألمانيا، ولكن مع عملي عن بُعد. - قبل شغل منصب مدير فني وطني عملت مع عدة فرق ومنتخبات إفريقية، حدثنا عن تلك التجارب ؟ مشواري التدريبي انطلق منذ أكثر من 20 سنة، حينما أشرفت على شبان شبيبة القبائل، وعدة فرق جزائرية أخرى، ولكن سأكتفي بالحديث عن تجاربي الإفريقية أولا، والبداية بعملي مع نادي جوليبا المالي موسم 2010 -2011، قبل أن أتوجه إلى البطولة الكاميرونية المحترفة في موسم 2013 - 2014، وهي المحطة التي مكنتني فيما بعد من تولي منصب الناخب الوطني لمنتخب بورندي سنة بعد ذلك، حيث حققت معه نتائج رائعة، أين وقفنا ندا للند أمام منتخبات إفريقية معروفة، على غرار السنغال ومصر، اللذين تغلبا علينا بصعوبة كبيرة، كما ساهمت في وصول هذا المنتخب المغمور لنهائيات كأس أمم إفريقيا 2017، لألتحق بعدها بمنتخب جيبوتي الذي اكتفيت بالعمل معه لسنة واحدة، كوني لم أكن مرتاحا في غياب أدنى شروط العمل، غير أن هذا لم يمنعن من المساهمة في تطوير هذا المنتخب، الذي شهد قفزة نوعية مؤخرا بوصوله إلى الدور الثاني من التصفيات المؤهلة إلى مونديال قطر 2022، أين أوقعته القرعة إلى جانب منتخبنا الوطني. - في ظل معرفتك بمنتخب جيبوتي، بماذا تنصح الناخب الوطني جمال بلماضي؟ كما هو معلوم منتخب جيبوتي يتواجد في نفس مجموعة الخضر إلى جانب بوركينافاسو والنيجر، وأرى بأن منتخبنا الوطني أمام فرصة سانحة للتأهل إلى نهائيات كأس العام مجددا، ولكن يتوجب على أشبال الناخب الوطني جمال بلماضي الحذر من خيول بوركينافاسو، كونها الوحيدة القادرة على مزاحمتنا على تأشيرة العبور للدور التصفوي الأخير، في ظل تواضع مستوى جيبوتي والنيجر، وخاصة جيبوتي التي أعرف منتخبها جيدا، بحكم عملي معه مؤخرا، حيث لن يكون قادرا على مقارعة رفاق محرز سواء بالجزائر أو حتى بجيبوتي، وسيكتفي بكسب الخبرة من احتكاكه ببطل إفريقيا 2019، غير أن الحذر مطلوب ووضع الأقدام على الأرض أكثر من ضروري، إذا ما أردنا الحفاظ على مكاسبنا الأخيرة. - كان لك فرصة العمل في الجزائر، حدثنا عن تلك التجارب والأسباب التي جعلتك لا تعمر مع الفرق طويلا ؟ بداية عملي في مجال التدريب انطلقت من شبان شبيبة القبائل موسم 1998 واستمرت إلى غاية 2001، قبل أن أتحول بعدها إلى جمعية وهران الناشطة آنذاك في القسم الأول، حيث عملت بإخلاص مع مدرسة «لازمو» لسنة واحدة، لأقرر بعدها العودة إلى أوروبا، حيث استلمت موسم 2003-2004 العارضة لنادي أوندورم بمارسيليا وبعدها عدت إلى مسقط رأسي بفرانكفورت، أين أشرفت على فريق أفسي فرانكفورت لأقل من 17 سنة، ليتم منحي فيما بعد منصب مدرب رئيسي في مركز تكوين نادي فرانكفورت الناشط في «البوندسليغا»، وهي التجربة التي مكنتني من تطوير مؤهلاتي أكثر، في ظل عملي لسنتين كاملتين، قبل أن أنتقل إلى الفريق الأول لنادي والدورف، لأضع بذلك حدا لتجاربي أوروبا، كوني اكتفيت فيما بعد بالعمل في عدة بلدان إفريقيا على غرار مالي والكاميرون، ولو أن حديثي أكثر سيكون على تجاربي بالجزائر التي عدت لها من جديد من بوابة اتحاد الحراش موسم 2011-2012 بعد أن شغلت منصب مدير رياضي، ولكن الظروف لم تسمح لي بالمواصلة، في غياب أدنى الإمكانيات، وهو نفس ما حدث معي في تجربتي مع اتحاد العاصمة التي لم تزد عن سنة واحدة، أين صُدمت بغياب المرافق وقلة الموارد وكلها أمور عجلت برحيلي. - بصراحة، ما رأيك في مستوى البطولة الجزائرية التي عملت بها وتتابعها أيضا؟ لكي أكون صريحا معكم، بطولتنا المحلية لا ترقى إلى مستوى التطلعات، في غياب أدنى شروط العمل، ناهيك عن المستوى المتدني للاعبين، على الرغم من المواهب التي نمتلكها في كافة أرجاء الوطن، فكرة القدم الحديثة باتت تتطلب عديد الأمور، على غرار الجانب البدني والتكتيكي وهو الذي نفتقده في الدوري الجزائري، فلاعبنا لا يستوعب الخطط الممنوحة له، كما أنه لا يُجاري النسق العالي، ما تسبب في غيابه عن صفوف المنتخب الوطني المشكل من عناصر تنشط خارج الوطن، ولذلك علينا بمراجعة الحسابات، إذا ما أردنا تشكيل فرق تضم أسماء قادرة على تشريف الراية الوطنية، خصوصا في المسابقات القارية، ويكفي الاقتداء بأوروبا التي جعلتنا نتشرف بمتابعة لاعبين كبار، على غرار الويلزي غيغز الذي لم يضع حدا لمشواره مع مانشستر يونايتد الانجليزي سوى بعد وصوله إلى 39 سنة، وكل هذا يعود إلى لياقته البدنية الرهيبة التي أبقته متألقا. - بماذا تعلق على عودة الدوري الألماني، رغم عدم زوال وباء كورونا ؟ ألمانيا أثبتت في عدة مناسبات بأنها دولة عظمى، ويكفي أنها كانت السباقة لاستئناف المنافسة رغم مخاطر فيروس كورونا، حيث شهدنا مباريات في ظروف حسنة، ووسط إجراءات وتدابير وقائية من أعلى مستوى، وكل هذا بفضل السلطات الألمانية والاتحاد الألماني للعبة، حيث اتخذا القرار المناسب وتحملا كافة العواقب، خاصة وأنهم كانوا حريصين على منح كل ذي حق حقه، فلا يعقل أن يتم احتساب النتائج السابقة، ومنح البطولة والمراتب المؤهلة إلى مسابقات أوروبية، لبعض النوادي على الرغم من تبقي أكثر من 10 جولات كاملة، وهو ما شهدناه في فرنسا التي استعجلت بإلغاء الموسم الكروي وورطت رابطة المحترفين نفسها مع فرقها المحلية، ولو أن الاتحاد الأوروبي اقترح مؤخرا فكرة خوض أدوار تمهيدية، لتحديد هوية المتأهلين إلى مسابقاته الموسم المقبل. - بالحديث عن «البوندسليغا»، ما رأيك فيما يقدمه لاعبنا الدولي رامي بن سبعيني مع نادي بوروسيا مونشنغلادباخ ؟ فخور بما يبصم عليه لاعب الخضر رامي بن سبعيني، حيث بات من أفضل مدافعي «البوندسليغا»، والجميع يتحدث عنه وعن أدواره الدفاعية والهجومية، ويكفي أنه يمتلك في رصيده خمسة أهداف لحد الآن، أبرزها هدفين أمام العملاق نادي بايرن ميونيخ، ناهيك عن هدفه الأخير في مرمى أنتراخت فرانكفورت، أنا أتوقع له مستقبلا كبيرا، كونه اكتسب ثقة كبيرة في النفس، كما أن اختياره اللعب في ألمانيا كان صائبا، حيث سيمكنه من تطوير مستوياته أكثر، وقد نراه في نادي أوروبي أكبر، رغم أن الجميع يعلم بأن غلادباخ، يعد من خيرة النوادي في القارة العجوز. - لو نطلب منك تقييما لأداء المنتخب الوطني وعمل جمال بلماضي، ماذا تقول ؟ كنا سعداء للغاية بإنجازات الخضر في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2019، حيث حصدوا اللقب عن جدارة واستحقاق، وجعلونا نفتخر بهم في كل مكان، والفضل في ذلك يعود إلى الناخب جمال بلماضي، الذي كان قرار الاستنجاد بخدماته صائبا، ولو أننا جميعا نعلم بأن الاتحادية الجزائرية لم تكن تفكر بخياره من قبل، وفضلت عليه أسماء أثبتت فشلها الذريع، صدقوني كرة القدم لا تعترف بعامل السن، وبلماضي صفع كافة المشككين، رغم أنه في سن الأربعين فقط، كما أن قوة شخصيته وانتمائه إلى نفس بيئة لاعبي الخضر سهل من مأموريته، فخطابه في هذه الحالة كان يصل دوما إلى رفاق رياض محرز، ما جعلنا نرى محاربين فوق أرضية الميدان، نجحوا في الإطاحة بمنتخبات كبيرة مثل كوت ديفوار والسنغال ونيجيريا، ناهيك عن تلاعبهم بمنتخب كولومبيا وديا، أنا متفائل بمستقبل الخضر في وجود مدرب بمواصفات بلماضي، وآمل أن نفاجئ الجميع في مونديال قطر، كوننا نمتلك كافة المؤهلات للبصم على أفضل نتيجة لمنتخب عربي وإفريقي. - تبدو معجبا بتركيبة الخضر، من تراه العنصر الأكثر تأثيرا وأضاف ما يحتاجه منتخبنا الوطني؟ منتخبنا الوطني يضم في صفوفه نجوم لامعة يتقدمهم لاعب مانشستر سيتي الانجليزي رياض محرز الذي تغير مردوده مع الخضر منذ استلام جمال بلماضي زمام العارضة الفنية، فهذا اللاعب الموهوب لم يكن يقوم بأدواره الدفاعية مع المدربين السابقين للخضر، ما جعلنا نعاني دوما من الجهة اليمنى، ولكن المتابع لأداء الخضر في الكان الأخيرة، يرى بأن قائد الخضر كان متميزا بأدواره الدفاعية أكثر من الهجومية، والفضل في ذلك يعود للناخب الوطني الذي أوصل له رسالة خاصة، دون أن أنسى ما بصم عليه الشاب إسماعيل بن ناصر، الذي يعد من خيرة لاعبي نادي ميلان هذا الموسم، ليؤكد بأن تتويجه بلقب أفصل لاعب في نهائيات كأس أمم إفريقيا لم يكن من محض الصدفة، وعليه المواصلة، لأنني أراه قادرا على حمل ألوان أكبر الفرق في القارة العجوز، صدقوني بلماضي محظوظ بهذا الجيل الرائع، وآمل أن نستثمر في هذا الأمر لتحقيق كل ما نصبوا إليه.