• بادر سيف خرجت من حوضها وردة حمراء لملاقاة شجر العناب كان القمر يودع شهر آذار وكانت الشمس تنعش القندول في ربيع حملته على كتفي حملا وديعا سكنت – جوزيفين – أغصان الفجر وغصات النبيذ نهضت تسأل خيط دخان عن حب مضى والندى عن بيتها الأول وانشطر اليوم، قرأت صفحة كفها كتموج البحر أغواها جمال الفجر، لترمي بنهديها إلى عرى الأمكنة -جوزيفين – ألا تفتحين النوافذ هنا ما يشبه الزعتر على الشرفات وليكن يومك بني الجفون، أملس الجسد أو كقطة تداعب مفتاح شقتها أيتها العارية إلا من بسمة الهشيم وشرر الانتظار جئت إليك على زورق من ورق صامت وفي رئتي زهر ومهر وانكسار أخبئ لك حلما وعالما من ضوء ووردة جورية كالماء أطبق الدنيا بأغنيات الفرح *** أول اليوم تغير وجه المكان جسدي زف إلى كوكب الذكريات وأنا ما بين اليوم والأمس متشرد في صدى الصولجان رسمت بطبشور مشاغب شكل الثغر وعمق الوجع كالحب نسغه الأسماء وأنهار الدموع ودفاتر ملونة الصفحات أما الليالي كنت أعدها كخطوط الجبين دونت على صدري خطى لم تبدأ وعفوية الزنبق وعناق الأحبة غرست بقلبي تفاحة الأرض وخطة أزرارها لا تفتح هي ذي – جوزيفين – تتوقع الحزن ولا قرار لها، منجمها من طمث الجرح وخلخال الرنين تقرأ الهباء جبلا من مسافات البحث تجعل من تقاطيع الأحشاء رعشة فرح وقوس قزح تسافر مع عودة البحر على شاطئ الهبوط في رحم الوردة هي ساعة من يوم لا أول له ولا آخر لكنها إنسية في حركاتها وجن لحظة الدخول والخروج معسكر من شياطين الغابة - جوزيفين – قاسية كشجر الزان ولينة كخيزران البرك غابة مدارية الرطوبة قبل تاريخ إعلان الضياع في دربها العمودي لم تكن إلا صبية خرداء مجرد ظل أصفر اللون ورقة في مهب التصاريف والخلجات نارها هابطة الحرارة مشطب شعرها ثم صنعت ظفيرة شقراء.. وضعت أحمر شفاه حملت حقيبتها اليدوية وبضعة نقود طلبت الرحيل من المسمى إلى اللامسمى لم تكن شيئا يؤرخ أو قصة تنعش العيون كانت كقطرة ماء خرجت من صلب الرمل لتسكن سماء الشروخ أما الآن فجسد ممتلأ الوان تارة وردية وتارة نيران تنافس اللهب في احتضاره وتشنق الأشجان فيا أيتها المرأة المتحدة وتسابيح الجموح سأقرأ عليك آخر ما تبقى من موت المراكب بلغة – سومر – والهنود الحمر لما يعاندهم جرجر الحظ والطموح أسافر مع خصلات شعرك إلى رسائل اللهب والمدى والبوح أعطي المخيلة الحب كل ما يلزم رحلة السندباد وهو يصارع الأرق والرضوخ، فلا تتعجلي الإنتماء إلى – سافو – و جان دارك – إن الموت أيتها المترنحة من سكرة الطرب ليس نهاية الرسائل لكنه متعة تسبح صاعدة إلى أغصان الموج أبجدية القص على أنغام – الجاز – وذرى شمعدان هكذا يختصر الفارق بين الحياة ونهاية الذات في يوم بارد جدا فأنا.. أنا لا أريد لك الوضوح في ساحة الطهر كالهوية لا أرديك وحيدة في بؤبؤ الزهو والأرق لا أريد لك غروب الضباب والشحارير تمضغ الورق لا أريد منك سوى قاموس من آهات ورسائل مزركشة الحواف لذا سأحظى بقليل من النوم وقهوة بالكباتشينو سأحظى بيوم كله نغم فيروزي يعيد لي الهوية والدرب وقطرة الإنتماء - جوزيفين – أيتها الشاردة غزالا أبلقا في مرط مركل لكي أتمادى في معراج الكلمات أمزق ما تبقى من نسيج الوتر واللحظات أو أشتهي منك ملامسة الغصن للفنن ردي إلي خريطة الوله المتثائب، فأنا عائد إلى غابتي الفضية *** أتذكر لما صنعت شمعة من زمانها الآسي غنيت للقوام المضاء بأحلام الليل غطيت تباريح الإنسداد بآخر قميص خطته خصيصا للقائنا الأول وفي فلك تسكنه فراشات النذر أكداس من القبلات، بستان الورد وحده عبق من عطرها الصارخ أيقظنا الليل، فلا السواد سواد ولا البياض بياض يمزق السكينة كنت أركض راقصا كريم يافع دون نوم ودون غطاء قلت هذا فراش الأرض وعشب القرار لأخلع خاتمي وأهديه إلى منه سكنت لحظة الإنتشاء تنهدت لما ماج مركب البحر من صدى الإنتماء قالت: إننا عاريان وإني أرى سوءاتنا كأرانب الثلج فهل الحب أفضل دون غطاء وكان الوطن الهوية اللغة لثغة اللسان كان فارق الزمان وخط قرينيتش يتهيأ ليفصل الجسدين كان الرعد كان البرق والعندليب جاءت وحوش الرغبة حتى الهدهد رفض وصايا سليمان قلم الحبر تجمدت الدماء في عروقه ضاق الدرب تشاجر الرمل وملح البحر عادت فيروز إلى مأواها تنهد الصبح أسدلت الستائر أغلقت النوافذ طلع البدر من زهرة شفتيها وأهدابها نكست راياتها إفتتنت بشدة البرد ضاع الشاي تسرب الخلاف إلى علقتنا الخريفية وابتدأ الغناء ولحن شجي من ناي ألفت سماعه في صباي كان أبي يحفظ عن ظهر قلب تجاعيد الزمن كانت زبدة الحنان فيه خلاصة تجارب مع ناي الشهي وكانت حياتي تسير رويدا رويدا إلى منعطف الشمس وغبار القمر كان أبي أهداني مرة مكانا مضاء قرب شجرة الزعرور يداه فسحة للغناء تصنع من كل شيء مناسبة البكاء قال لي الوجود أسطورة ونحن الغرباء في فراش الطفولة كان يرشقني بأكياس الحلوى وتمر أتوهمه عسلا وكؤوس خمر كان يتفقدني كشجر يافع في حقول الجسد يسقي ضمئي بما تسير من ماء الأيام يبعد عني اضطراب القوافي ويسكنني فتوحات الأمد قال لي يا الفتى نوافذ تلك الفتاة حمراء حمراء وعاداتنا من جدد فلا تكسر الناي ناي الرجاء ولا تأسر الروح صلب الغمد قلت يا أبتي إني أرى سهر حلو قرب بئرنا الصامدة وإني أمزق حلمي وكل الصور فهل يا ترى اذا ما صنعت بأوهامنا قبرة أللحزن مكان له ليشعل قنديله والوتر؟ فإن البلاد بعيدة والدروب تخون الدروب كلانا غريب كلانا في صبحه ذاهب في شبح الذكرى فالسلام عليك وتأتي جوزيفين بشكلها المبعثر كقطة بللها المطر أو كقبرة طلعت من مضرب قصي ضيق الممر قالت: أمتيقن أن قوام الشوك يطهو من الرماد خبزا على مكنسة الجمر أمتيقن أن شموس الغد ستسطع بلا أحرف من خلل الرموز وأنك ستنهض عاري الساقين تحت مظلة القدر وأنه بوسعك امتلاك الآتي لما يطلع من سرب الأحجيات من جبةالسحر؟ جاءت كطاووس يتبعها شرر وأنا المتسلل إلى ربيع كله حرائق الأحبة والأصدقاء وأهل العشيرة كلهم حتى محمد الماغوط نهض عنيفا يدخن ما تبقى من سيجارته العرجاء أما متسع غابة الشرائط تحرر من برق الحرير كشعرة الحياة ننشدها ساعة ينام ذئب البطن وتمطر درر والماء مستقر خلاصة المجيء بساقية ملتوية كثعبان الخريف لم أجد ما أنظر إليه وأنا تحت شجر الدر دار سوى ورقة تغني أغنية السفر البلاد هي البلاد لا شرقية ولاغربية مجرد تحفة في متحف المستقبل تنتظر من يقطفها ويلعق السكر *** يا صديقي المغفلة، مطر ربيعي أنت ضفيرة مدن هاجرت من غفلتها فيا أنت أسائلك كيف أتوج قميص الملح بحواجز القبلات؟ كيف أخاطب الحقول؟ ومريم تحت النخلة بعيدة في ظلها المائي يتساقط عليها الرطب متوجة بنصائح السماء أما زرقة البحر والرصيف الضيق والوردة الحمراء فإنني يا رفيقة العمر أراقبها من ثغر تهدم بفعل موسيقى الأنامل المطرزة.... - جوزيفين ترقص، يرتعش الجسد، يهتز جذع النخلة يتبدد زهر لهفي واشتياقي غير أن الذي جئت من أجله سكن الطلقات الطائشة في زورق المسير وحدها نبتة الصبار تشبهك في الطول وحدها طيور البحر تهاجر كل موسم من الضفاف خير ما أرتجيه من تباريح مدنك العطشى إشارة تذكرني والعشاق السابقون واللاحقون عهود النجم نحو أمواج الرسائل المبعثرة جوزيفين تشرب خمرا، تشعل سيجارة تجيئ مسرعة، تشعل نيران الرغبة في الرمل الباحث عن فلزاته الملتهبة ظل يراود مشيتها، يغتال الصباح الآسن وأنا أتصفح جريدة مسائية باغتتني بقبلة رأيت حرائق الطير تنقر كؤوس السلام في براري العشق وبحيرات البراءة باغتتني بلمسة أدخلتني فضاءات الوحشة يا صديقتي التائهة في ضباب الزناد في أفق الأغاني وسلسبيل السهاد ما برحت عصافيري فقط أرصد الذعر وحشرات ملت الحر وأرصدك من مخابئ الكلمات وهمهمات العباد تدخلين مجلس الصياح طفلة ترسم بطبشور أخضر دوائر الروح تقفزين لاعبة بنرد الخصوبة وليكن ما يكن، سأغرز في عيني تفاحة وأنام على قارعة الذكرى في وقفة منتصف الأمنيات ما بين الفاصل الزمني وخروبة القيامة يا رفيقتي الباحثة عن هوية في تلافيف الدم تشبهين رسائل الرحيل تشبهين صحراء أيامي حجز زاوية مبعد مهجور يحاصرني أحمر الشفاه وبؤبؤ النهر الصاعد إلى السيف المجروح من قوام النخل يستمد الأمل زمانه الطلي ومنك استمد الخيبة فلما تفرجين عني بعدما كنت أسير رحابك كأمس غائب حدد الناي شكل صخرته ونهاية السر البخيل والإحتمال أعد لكي فطور الصباح وكلي خلايا فارغة من الضجر أعد لك شايا وزنجبيلا مريحا في سفرنا العربي على سرج غيمتنا نستريح أنادي المياه والهدهد الساحلي إلى رخامك المعبئ في دنان الضمير فيفتح الجرح مزاده الملعون تهجرني الخرائط والصور تحاصرني خطوط الطول وخطوط العرض وأنا الواضح المستمر أضع نقطة البداية مستهل الكلام عن الأرض والذكريات أراك كطعنة الورد ليس لها شفاء همزة وصل بين جثة السيف وأكسير النجاة وأمشي وحيدا...مهنتي الوقوف على مشارف الناي العتيق