أحيت ولاية تبسة أمس الثلاثاء، ذكرى معركة الجرف الشهيرة، وذلك بتلاوة فاتحة القرآن، ووضع باقة من الزهور بالنصب التذكاري المخلد للشهداء، وشارك في هذه الاحتفالات التي جرت أمام مقر الولاية، عدد من المجاهدين وأبناء الأسرة الثورية، وحضرها والي الولاية، والسلطات المدنية والعسكرية و الأمنية، ونوه الأمين الولائي لمنظمة المجاهدين، الشريف ضوايفية، بالظروف التي سبقت هذه المعركة، وكذا التحديات التي واجهت صانعيها، والنتائج المترتبة عنها محليا ودوليا، منوها بهذه الملحمة، التي تعد أم معارك ثورة التحرير، ومنبها إلى أن جائحة كورونا، والظرف الصحي الحالي، قد قلص من عدد الأنشطة المبرمجة لتسليط الضوء على هذه المعركة التي لا يعرفها الكثيرون. تعتبر معركة الجرف، من أشهر وأبرز معارك ثورة التحرير، وعَدها المجاهدون أم المعارك، وذلك لطول مدتها، والنتائج المترتبة عنها، وللفارق بين القوتين المشاركتين فيها، وقد اعترف الجنرال بوفو قائد الفرقة الثانية للمشاة، بصعوبة دخول قلعة الجرف بقوله: تجابه قواتنا أعنف عمليات هجومية تصدت لها عمليات التمشيط والتطهير، بحيث اعترضت قواته صحراء صلدة تمثلت في قلعة الجرف،وهو جبل قاحل محدب»، وسارت اعترافات الطيار كلوسترمان الملقب عسكريا بدوفال، المجند بين 1955 و1957 في الإتجاه نفسه، حين قال :كل ممر عبارة عن خرسانة تأوي كل شيء، السلاح والذخائر والمغارات التي بها مهاجع الجنود وقاعات التمريض، وقطعان الماعز والأغنام، أما الماء فهو متوفر في سائر المواسم،إنها قلاع دائمة ومراكز اجتماع قادة الولايات، في الوقت الذي أثنى عليها الشهيد العربي بن مهيدي وعلى صانعيها حينما خاطب المستعمر بقوله: يكفينا فخرا أننا لقّنا فرنسا درسا في البطولة في الجرف لن تنساه، ويكفي هذه المعركة فخرا، أنها أصبحت تدرس لاحقا في الكليات الحربية العالمية. وذكر المجاهد العيد بوقطف في شهادته، بأن المعركة حضرها، عدة قادة من جيش التحرير، بينهم شيحاني بشير، سيدي حني، فرحي ساعي، عجول عجول، عباس لغرور والوردي قتال –كاتب القيادة-، مقدرا عدد القتلى في صفوف الجيش الفرنسي بحوالي 700 عسكري، وجرح أكثر من 350 عسكري فرنسي، مشيرا إلى إسقاط عدد من الطائرات وحرق الشاحنات الدبابات، بينما لم تتعد خسائر المجاهدين 70 شهيدا وجرح 15 مجاهدا آخر، وفي رواية المجاهد الراحل الوردي قتال فإنه تم إسقاط 4 طائرات وتحطيمها عن آخرها وما زالت شواهدها باقية لحد الآن، مشيرا في إفادته لمجلة الجيش بأنها حققت نتائج باهرة، ومنها استقالة عدد من نواب البرلمان الفرنسي، لاستعمال جيشها للقنابل الغازية المحرمة دوليا، فضلا عن تكبد فرنسا حسبه خسائر، بحوالي مليون فرنك فرنسي يوميا، ولمدة أسبوع كامل، الأمر الذي كان عبئا إضافيا أرهق كاهل ميزانية الحكومة الفرنسية آنذاك، وشدد الأمين الولائي لمنظمة المجاهدين بتبسة ضوايفية الشريف، في السياق ذاته، بأن معركة الجرف الشهيرة، ضمت عدة قادة للثورة، وهو الأمر الذي شجع السلطات الاستعمارية على تجنيد وسائلها للقضاء عليهم، غير أن عزيمة المجاهدين، وصعوبة تضاريس المنطقة، قد أفسدت تلك المطامع والتوقعات.