تعتبر قسنطينة ولاية رائدة وطنيا في قطاع الفلاحة، بعد احتلالها الصدارة في إنتاج الحبوب الشتوية والبقوليات الجافة بكمية تقارب 1.8 مليون قنطار في آخر موسم، رغم المساحة الصغيرة للولاية وطنيا، كما لم تقتصر الريادة في إنتاج الحبوب، بل امتدت أيضا للتسميد الآزوتي ومكافحة الأعشاب الضارة، لكن يصادف هذا القطاع عدة عراقيل حالت دون الوصول إلى التصدير للولايات الأخرى بما يتوافق مع المردودية الكبيرة، كما تبقى الولاية مطالبة بالاستثمار في غزارة الإنتاج في الصناعات الغذائية التحويلية. وتقدر المساحة الزراعية بولاية قسنطينة حسب تقرير للجنة المكلفة بقطاع الفلاحة، بالمجلس الشعبي الولائي، ب175.975 هكتارا وتمثل 78 بالمئة من المساحة الإجمالية للولاية، ولكن المستغلة فعليا تقدر ب125.010 هكتارا أي نسبة 71 بالمئة، ورغم ذلك فقد افتكت عاصمة الشرق المرتبة الأولى وطنيا في إنتاج الحبوب الشتوية والبقوليات الجافة بكمية 1747502 قنطار رغم أنها تحتل المرتبة 41 وطنيا من حيث المساحة، ويمكن حسب التقرير أن تغطي النقص الحاصل في ولايات مجاورة لها من الحبوب. وتجني قسنطينة 24 قنطارا من الحبوب في الهكتار الواحد، فيما بلغ مردود البقول الجافة 15 قنطارا في الهكتار، تسهر على خدمتها يد عاملة فلاحية تقدر بأكثر من 23700 عامل، وحسب الحصيلة النهائية لموسم الحصاد 2019-2020 المقدمة من مديرية الفلاحة، فقد قدرت المساحة المزروعة ب 61515 هكتارا من القمح الصلب و19340 هكتارا من القمح اللين و8111 شعيرا و1304 هكتارات من الخرطال بمجموع 90270 هكتارا. كما شمل التسميد الآزوتي مساحة 90125 هكتارا بنسبة مئوية قدرت ب99.83 بالمئة، أما عملية مكافحة الأعشاب الضارة فقد مست 85400 هكتار بنسبة وصلت إلى 94.60 بالمئة من المساحة المزروعة، ما جعل قسنطينة تحتل المرتبة الأولى وطنيا بخصوص العمليتين. وبلغ عدد نقاط التجميع حسب مديرية الفلاحة، 15 نقطة، بطاقة تخزين إجمالية للولاية تقدر ب2037000 قنطار كما وصل عدد الحاصدات إلى 413، وارتفعت طاقة تخزين الحبوب في قسنطينة، من أقل من 720 ألف قنطار إلى أزيد من 2 مليون قنطار خلال سنة 2018 وذلك بعد تدشين صوامع التخزين الجديدة بالخروب، وحسب الحصيلة، تمثل مساحات زراعة القمح الصلب ما يقارب 68 بالمئة من مجموع الحبوب الأخرى، حيث يتم التركيز على إنتاجه بالدرجة الأولى لأهميته البالغة في الوجبة الغذائية للمواطن الجزائري. مخزون الحبوب يُحوَّل إلى الغرب خلال الجائحة كما بلغت حصيلة تجميع الحبوب لحملة الحصاد والدرس للموسم الماضي، قرابة مليون 748 ألف قنطار وتخص القمح الصلب والقمح اللين والشعير والخرطال أي بنسبة 80.5 بالمئة من المحاصيل، واستطاعت قسنطينة جمع أكبر كمية من الحبوب بالرغم من الظروف الصعبة التي شهدتها البلاد بسبب الأزمة الصحية، حيث تقوم بتحويل وإمداد الولايات الشرقية المجاورة وحتى الغربية بالحبوب. وسجلت شعبة البقول الجافة في السنوات الأخيرة قفزة نوعية من حيث المساحة والإنتاج، وهذا راجع لسياسة تشجيع إدراج البقوليات الزراعية والعلفية في الدورات الزراعية، حسب المصدر ذاته، وبلغت كميات العدس المحصودة 18540 قنطارا زرعت على مساحة 1556 هكتارا، والحمص 28895 قنطارا والفول الجاف 48640 قنطارا و البازلاء «الجلبانة» 2040 قنطارا، ليبلغ مجموع الإنتاج 98115 قنطارا على مساحة 6560 هكتارا مزروعة وحصدت كلها، وعرف الموسم الفلاحي المنصرم زيادة في إنتاج البقول الجافة مقارنة مع الموسم الذي قبله، وذلك بأكثر من 4000 قنطار جعلت من قسنطينة رائدة وطنيا في هذه الشعبة. مساحات معتبرة وقروض لضمان موسم ناجح وتحضيرا للموسم الفلاحي الجديد، رفعت المصالح المعنية من عدد الفلاحين المستفيدين من القرض الرفيق، بعد أن وصل عدد الملفات المقبولة إلى 1654 وقيمة القرض الممنوح إلى مليار و800 مليون دينار، إلى غاية 4 جانفي من السنة الجارية، ولوحظ ارتفاع عدد المستفيدين منه في الموسم الجاري مقارنة بالموسم الماضي أين قدر مجموع الفلاحين ب1591 فلاحا. كما قامت مديرية الفلاحة، بتوفير كميات من البذور وزع جزء منها، حيث بلغت كمية البذور المعتمدة 125440.75 قنطارا وزعت منها 90144.5 قنطارا، أما كمية تلك العادية فوصلت إلى 13456 قنطارا، كما بلغت كمية سماد العمق قرابة 100 قنطار. وبلغت مساحة المحروثة تحضيرا للموسم الفلاحي الجديد إلى غاية 11 جانفي من السنة الجارية، 88300 هكتار متمثلة في الخرطال والشعير والقمح اللين والقمح الصلب، وتتم حملة الحرث والزرع في ظروف جيدة حسب مديرية الفلاحة، من خلال توفير المدخلات والبذور والأسمدة على مستوى تعاونية الحبوب والبقول الجافة وكذلك المرافقة المالية للفلاحين في إطار القرض الرفيق لتكون نسبة تقدم عملية الزرع 97 بالمئة. أما بالنسبة للأعلاف، فقد سطر هدف بالوصول إلى زراعة 11005 هكتارات من الأعلاف الخضراء والجافة، وقد تم زرع 10435 هكتارا أي بنسبة تقدم تقدر ب 95 بالمئة. «البناء الريفي أدى إلى اختفاء الطابع الفلاحي للمزارع» وبالرغم من أن الولاية رائدة في المحاصيل الكبرى، إلا أن الفلاحين يعيشون كل موسم هاجس الخوف لاعتمادهم على التساقط المطري، لذا كان من الضروري إحداث التنوع في محاصيلها الزراعية كالتوجه نحو توسيع زراعة الخضراوات والفواكه والبقوليات الجافة وأعلاف الحيوانات والتي تعتمد على مياه السقي، حسب التقرير الذي أعده المنتخبون. وذكرت لجنة الفلاحة بالمجلس الشعبي الولائي، أن الفلاحين يشتكون من نقص المورد المائي بالولاية الموجه للسقي، خاصة أن المساحة المسقية لا تتجاوز 2159 هكتارا وتمثل 1.7 بالمئة من المساحة الصالحة للزارعة التي تعتمد على المياه المستخرجة من الآبار وعددها 239 بئرا، منها 91 عميقة و34 منبعا مائيا تتأثر بمدى سقوط الثلوج على قمم جبالها، تضاف إليها بعض الحواجز المائية الترابية والتي تمتلئ شتاء ويجف معظمها صيفا. وحسب تقرير اللجنة الولائية، فإن نقص المياه الموجهة للسقي الفلاحي أول المشاكل التي تصادف الفلاحين، وهو ما دفع بهم إلى الاعتماد على الزراعة الشتوية الواسعة وإغفال شعبة الخضراوات والفواكه والأعلاف والتوسع في تربية الحيوانات من أجل لحومها وألبانها. كما تؤدي الخلافات ما بين الورثة إلى التجزئة وتقسيم الأرض فيتعطل استغلالها أو تحول إلى نشاطات أخرى غير فلاحية، وطرح المنتخبون أيضا ما وصفوه بمشكلة دعم البناء الريفي الموجه أصلا للفلاحين الذين يملكون وثائق لأراضيهم، ولكن استفادة أشخاص لا علاقة لهم بالزراعة، وفق اللجنة، تسبب في اختفاء الطابع الفلاحي للمزارع وتحولها إلى قرى يطالب أصحابها بالمرافق الضرورية. وذكرت اللجنة الولائية أن الفلاحين يحصلون بفضل دعم الدولة، على القرض الرفيق الذي تصل قيمته إلى 200 مليار سنتيم دون فوائد، وعلى دعم مادي آخر كتوفير آلات الحرث والبذر والحصاد والدرس، إضافة إلى الحصول على البذور والأدوية والإرشادات تصاحبها امتيازات الإعفاء من دفع الضرائب، لتطوير النشاط الفلاحي مع استحداث مناصب عمل جديدة وتحقيق اكتفاء ذاتي، إلا أن هذه الامتيازات تُحول في بعض الحالات، حسب تقرير اللجنة المعروض نهاية الأسبوع الماضي، إلى استثمارات خارج إطارها الفلاحي، حيث تذهب للمدينة لاستثمارها في التجارة والسياحة والعقارات المبنية، في غياب المتابعة والمراقبة من طرف المعنيين بالقطاع، وفق المنتخبين. بالمقابل، ذكر المنتخبون أن الفلاحين يشتكون من تأخر تسوية ملفاتهم العالقة ما بين اللجنة الولائية ومديرية أملاك الدولة، لتحرير عقود امتياز، إذ يوجد 219 ملفا لمستثمرات لم تحول بعد من حق الانتفاع إلى حق الامتياز، وتوسيع المدن على حساب الأراضي الزراعية كالمخطط التوجيهي الذي يؤدي إلى تآكل المساحات الزراعية لفائدة مشاريع بناء. وتمثلت توصيات أعضاء اللجنة بعد الخرجات الميدانية التي قاموا بها عدة مرات، في ضرورة التدخل لأخذ حصة الولاية من مياه سد بني هارون الموجهة للسقي، وتسريع الدراسة الخاصة بمشروع إنجاز السد المائي على مستوى بلدية بني حميدان والذي سيتسع ل 100 مليون متر مكعب واستغلال جزء منه للسقي، وكذا إعادة النظر في المجاري المائية التي صدر بشأنها قرار ولائي بمنع استخدامها في الري. «يجب استثمار الإنتاج في الصناعات الغذائية التحويلية» وأجمع منتخبون خلال مداخلاتهم أن قطاع الفلاحة بقسنطينة رائد وطنيا، إلا أن ذلك لم يمنع من نقل بعض الانشغالات والمشاكل، أهمها المطالبة بتطوير جانب الصناعات الغذائية التحويلية من أجل مسايرة التفوق في الكميات المنتجة، كما تحدثوا عن اكتراء فلاحين من خارج الولاية للأراضي ونقل المحاصيل المجنية في ما بعد إلى خارج الولاية. كما طالب منتخبون، بتنويع المحاصيل الزراعية عوض التركيز على الحبوب فقط، وأشاروا للزيادات التي بلغت 10 بالمئة في أسعار الأسمدة والأدوية، وتحدثوا أيضا عن نقص غرف التبريد، واستغلال بعض خزانات المياه في حامة بوزيان، وبناء حواجز وسدود لاستغلالها في السقي خاصة وأن طبيعة قسنطينة ملائمة، إضافة إلى تأخر منح البذور للفلاحين ما قد يفقد المحاصيل قيمتها. مدير الفلاحة لا نعاني من مشكل تخزين وغرف تبريد ورد مدير المصالح الفلاحية جمال الدين بن سراج، على بعض مداخلات المنتخبين، مؤكدا أن قسنطينة لا تعاني من مشكل تخزين ولا من نقص في غرف التبريد، موضحا أن هناك مشروعين في طور الانجاز في ابن زياد وزيغود يوسف من أجل دعم بقية المخازن، أما غرف التبريد فأكد المسؤول أن الولاية تتوفر على ما يكفي منها، ممثلا بأن مزارعين أنشأوها في مساحات تابعة لهم ولم يجدوا ما يخزنون بها. أما بخصوص شكوى الفلاحين من البذور الرديئة، رد المتحدث أن البذور التي تحوز عليها قسنطينة، متعددة السلالات ويتم العمل على تطويرها أكثر، كما يتم تحويلها إلى ولايات شرقية وبغرب الوطن، كما كشف أن الولاية شرعت فعلا في التحول إلى الصناعات الغذائية التحويلية، بعد تمكنها من احتلال الصدارة وطنيا حسبه، في تجربة الطماطم الصناعية بمصنع عين الباي وإنتاج 20 قنطارا، بمردودية 1000 قنطار في الهكتار. وعن مشكلة السقي رد المسؤول، بأن مصالحه منحت تراخيص لفلاحين من أجل الحفر والتنقيب عن المياه بأموالهم الخاصة وهو ما حدث في بلديتي عين عبيد وبن باديس، حيث بلغ العمق إلى 250 مترا دون الوصول، مضيفا أن مصالحه تستبشر بانطلاق 17 مشروعا تابعا لمديرية الموارد المائية، وعن ترك مساحات غير مستغلة في الزراعة، أرجع ذلك إلى أن الأمر متعمد من أجل تلقي حصة الولاية من البذور. وأكد ممثلون عن مديرية الفلاحة، أن 70 فلاحا استفادوا من عقود امتياز بشراكة مع مستثمرين، في مشاريع لأجل إنتاج الحبوب والسلجم والخضراوات وكذا في مجال تربية الأبقار وتربية النحل وحفر الآبار والأشجار المثمرة.