أتعبتني الغربة و عدت لأخوض تجربة بالإعلام الجزائري اعتبرت الإعلامية ليلى بوزيدي الشبكة المرجعية الجديدة لأجور الصحفيين بالقطاعين العام و الخاص بغير المنصفة لأنها لم ترق إلى المستوى المعمول به حتى بالدول الشقيقة التي يصل راتب الصحفيين المبتدئين بها إلى ما يقارب 200ألف دج. كما تحدثت عن مغامراتها و هجرتها بين الفضائيات العربية، و الدوافع التي شجعتها على العودة للاستقرار بالجزائر من جديد، و أمور أخرى تكتشفونها في هذا الحوار الذي سجلناه معها على هامش تكريمها من قبل المديرية الفرعية للأنشطة الثقافية بجامعة منتوري بقسنطينة بمناسبة عيد المرأة. حاورتها مريم بحشاشي -حدثينا عن قرار عودتك للعمل بالجزائر من جديد؟ - قراري كان حلما، فأنا كالكثير من الصحفيين الجزائريين بالخارج حلمت بالعمل بقناة تلفزيونية خاصة داخل وطني بدل اختيار حياة الغربة الصعبة، و ما كان ينقصنا في الجزائر هو مستوى محدد من المهنية و الإمكانيات و بشكل خاص مستوى من الحريات حتى يتمكن الصحفي من ممارسة عمله بأفق أخرى و حرية أكبر ، و ما إن وجدت الفرصة و ملامح القناة الخاصة الحرة في بلادي لم أتردد في قبول العرض. -ألا تعتبرين ذلك مغامرة و رهان غير مضمون ؟ - و لتكن كذلك فحياتي المهنية منذ البداية لم تخل من المغامرات، تجربتي بال"سي أن بي سي عربية" لم تدم طويلا لأن رغبتي في اكتشاف آفاق أخرى حملتني إلى "ميدي 1سات"التي انتهت هي الأخرى باختياري لقناة العربية و اليوم أنا أنطلق في مغامرة جديدة ، و أظن أنني لن أخسر شيئا لأن التجربة هذه المرة ستكون ببلادي. -هناك من يرى بأن الإغراءات المادية وراء عدم استقرارك بفضائية واحدة، فهل الأمر كذلك هذه المرة؟ - عن أي إغراءات مادية تتحدثون، فالمؤسسات الإعلامية بالخارج تعرف قيمة الصحفي و العمل الصحفي، و نحن هنا لا نتحدث عن القيمة المادية فقط و إنما المعنوية أيضا، بينما بالجزائر لا زلنا نتحدث عن تحسين رواتب الإعلاميين التي لم ترق بعد إلى المستوى الذي هي عليه بكل دول العالم و حتى بالدول المجاورة، فالصحفي المبتدئ بالمغرب على سبيل المثال لا الحصر يتلقى راتبا شهريا لا يقل عن 20ألف درهم أي ما يعادل بالعملة المحلية 20مليون سنتيم...لا بد من إعادة الاعتبار للمحترفين و الكفاءات بكل القطاعات و ليس قطاع الإعلام فقط. -نفهم من هذا أنك غير راضية على مرجعية شبكة الأجور الجديدة للصحفيين؟ - أكيد، فهي لا ترق إلى ما هي عليه بالدول المجاورة، فما بالك دول الخليج. -هل ستبقين على نفس نوعية البرامج التي عوّدت المشاهد الجزائري عليها خلال عملك بالقناة الوطنية؟ - لا بل سأقدم برنامجا إخباريا يوميا مدته ساعة و نصف، يتناول مختلف القضايا التي شهدتها البلاد، و في مختلف المجالات الاقتصادية، السياسية، الرياضية، الثقافية... - متى سينطلق بثه؟ - و الله لا أدري، لكن الشيء الأكيد أنه سيكون قبل موعد الانتخابات. -إذا هي عودة الاستقرار من جديد بالجزائر؟ - نعم أظنها كذلك، لأن الغربة ليست سهلة، حتى و إن كانت هي الحل و الخيار الوحيد أمام من لم يجد أفقا مهنيا مناسبا داخل بلاده، فيضطر للبحث عنه بمكان آخر. - مالذي افتقدتيه بعد مغادرتك أرض الوطن ؟ - أكثر ما افتقدت إليه هم الأهل ، الأحباب ، اللمّة، الأجواء و جمال بلادي (تقولها بحماس كبير) الذي لم أجده بمكان آخر. و أغلب الصحفيين الجزائريين الذين التقيت بهم بالخارج يؤكدون رغبتهم في العودة إلى البلاد إذا ما توفرت الظروف المهنية المناسبة. - حدثينا عن الأشياء التي قد تشتاقين إليها هناك؟ - غادرت الجزائر في 2004 لأنني كغيري من الصحفيين لم نجد الظروف المناسبة للعمل بمهنية أكبر، لأن التلفزيون الوطني ككل القنوات العمومية كان لديه أجندة خاصة، و هو ما ذهبت للبحث عنه ووجدته و لو بتفاوت بين قناة و أخرى، و ما أتمنى أن أجده اليوم ببلادي. -هل أنت متفائلة بنجاح تجربة القنوات الخاصة؟ - طبعا أنا متفائلة، لأن التجربة في حد ذاتها مكسب لقطاع الإعلام. و قد بدأت بوادر التغيير تظهر حتى على القنوات العمومية التي أدركت دون شك خطورة و صعوبة المنافسة التي ستفرضها القنوات الخاصة قريبا. سيكون هناك سقف من الحريات لم نكن ننعم به من قبل، و هذا هو الأهم. -هناك من شبهك بالطائر المهاجر الذي لا يستقر بعش واحد فما ردك؟ - (تضحك و تجيب ) عندما خضت التجربة ب"سي أن بي سي عربية" شعرت بحنين و شوق للبلاد دفعني للبحث عن مكان يقربني من الأجواء التي تركتها ببلادي، فتوجهت نحو المغرب للعمل بميدي1سات التي كانت حينها قناة إخبارية مغاربية، لكن عندما تحوّل المشروع إلى قناة محلية مغربية اضطررت للبحث عن مكان آخر لأن الأمر لم يعد يهمني فحلقت نحو العربية التي عملت بها لمدة ستة أشهر قبل أن أتلقى العرض الأخير الذي وجدته مناسبا أمام رغبتي الشديدة في العودة للعمل بوطني. - و ثمة أيضا من وصفك بالإبنة المتنكرة لأسرتها (التلفزيون الوطني) فما تعليقك؟ - لو كان سبب ذلك الانتقادات التي سبق و أن وجهتها، فذلك نابع عن حب و غيرة على المؤسسة التي بدأت بها مشواري المهني، و تعلمت به و قضيت فيه زهرة حياتي، و أنا إن انتقدت التلفزيون الوطني فذلك لأنني أحب أن يكون أفضل من باقي تلفزيونات الدول الأخرى، و لست الوحيدة من انتقدته بل حتى العاملين به حاليا لا يكفون عن فعل ذلك، و هذا من حق كل من يشعر بغيرة على مكان يعمل به.