بوتفليقة يدعو إلى تدريس التاريخ بلا تدليس و تطهيره من التخريجات الاستعمارية الملغومة دعا رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أول أمس إلى ضرورة تدريس تاريخ البلاد بما في ذلك تاريخ الثورة بلا تدليس استنادا إلى منابعه الصافية، و العمل على تطهيره من أضرار الكتابات العشوائية والتخريجات الاستعمارية الملغومة بالافتراءات والتشويهات، ملحا في ذات السياق على ضرورة الإسراع في توثيق شهادات المجاهدين من أجل كتابة تاريخ الثورة والحركة الوطنية انطلاقا من رؤية رصينة ومعايير موضوعية. و في إعرابه عن مخاوفه من إمكانية اندثار الشهادات الحية التي تختزنها صدور المجاهدين، قال الرئيس بوتفليقة في رسالة وجهها للامين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين عشية مؤتمرها الحادي عشر "كلما رحل مجاهد أيا كانت رتبته وموقعه في هرم الثورة إلا وتدفن معه حقيقة تاريخية وتذهب معلومة ثمينة هدرا ما لم تسجل وتوثق"، مضيفا أنه و بالنظر إلى مرور الزمن ورحيل الرجال والنساء العارفين بخبايا الأحداث ومجرياتها "فإننا قد غدونا أمام حالة ملحة لا مجال فيها لأي تهاون أو تأخير". و طالب جميع المعنيين بالإسراع إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه باعتبارهم الأدرى من غيرهم بأن البناء الذي يتم بلا تاريخ يكون بناء لا دعامة ولا أساس له. معتبرا أن أي أمة ينقص فيها الوعي التاريخي "هي أمة بلا مناعة وأمة ناقصة القدرة على الخلق والإبداع والاندماج في التطور". وشدد رئيس الجمهورية في نفس السياق على أهمية كتابة تاريخ الثورة وتاريخ الحركة الوطنية انطلاقا من رؤية رصينة ومعايير موضوعية تهدف إلى سبكه وصياغته بما يفضي إلى ما يطمح إليه كل الجزائريين والجزائريات، تاريخ تتصالح فيه الذات مع موضوعها بلا انتقاء ولا إقصاء ولا إخفاء ولا تدليس للحقائق. و قال في هذا الخصوص أن التاريخ فضلا عن كونه ضرورة حيوية وحق للأجيال القادمة هو أيضا ساحة من ساحات إثبات الوجود ومرتكز لا محيص عنه في ميادين المغالبة وساحات العراك. و في تطرقه إلى الاستحقاق القادم، أعرب رئيس الجمهورية عن يقينه بأن الانتخابات التشريعية المقررة يوم 10 ماي القادم ستشكل انتقالا نوعيا أكيدا يتجاوب مع إرادة التغيير السائدة في الأذهان ويساهم في التخلص من بعض الرواسب السلبية. و قال رئيس الجمهورية "إني على يقين من أن الانتخابات التشريعية القادمة التي ستجري في إطار معطيات جديدة من حيث الضمانات الملزمة أو الوسائل القانونية المعززة أوغيرها من المقتضيات ستشكل انتقالا نوعيا أكيدا يتجاوب مع إرادة التغيير السائدة في الأذهان وعزمنا على التخلص من بعض الرواسب السلبية التي أثرت على المرافق العامة وعلى صورة مؤسسات الدولة ومستويات أدائها". واعتبر الرئيس بوتفليقة أن انتخاب مجلس تشريعي بتركيبة بشرية تعكس الإرادة الشعبية الحرة وتمثلها أحسن تمثيل هو بمثابة "خطوة من شأنها أن تعلو بمنحى التطور المنشود وتساعد على توفير أفضل شروط للتقدم في المجالات الأخرى". "وأنه ليسعدني حقا يضيف رئيس الجمهورية أن تحقق أمتنا هذا الإنجاز وهي تتأهب للاحتفال بالذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية لتبرهن بذلك على قدرتها في المحافظة على هذا المكسب الذي افتكته بتضحيات جسام". و في حديثه عن الأهمية المصيرية لعملية التصويت في الاقتراع القادم، أكد رئيس الجمهورية أنه ينبغي على كل المواطنين أن يدركوا بأن صوتهم مهم ومؤثر في صناعة القرار وتحديد المسار و في حماية مكتسبات البلاد. وأوضح بأن الثورة الحقيقية إرادة تغيير وبناء وتجديد مستمر معتبرا أن "الوطنية الأصيلة قرينة المواطنة الصالحة التي ينبغي أن تتجلى لدى كافة أفراد المجتمع وعيا وسلوكا". وألح على أن هذه المواطنة ينبغي أن تتجلى في "التزام كل المواطنين بتحمل مسؤولياتهم وأداء واجبهم الوطني وممارسة حقهم الدستوري بالمشاركة المكثفة في مختلف المواعيد الانتخابية المقبلة ابتداء من الانتخابات التشريعية معبرين عن اختيارهم الحر مدركين أن صوتهم مهم ومؤثر في صناعة القرار وتحديد المسار وفي حماية مكتسبات البلاد وتثمينها". وأشار الرئيس بوتفليقة إلى أن البلاد انتقلت من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية من خلال تحديث مؤسسات الجمهورية ودعم دولة الحق والقانون وتجذير الممارسة الديمقراطية وكذا حماية الحريات وترقية حقوق الإنسان في مختلف جوانبها. و ذلك بهدف أن يعيش الجميع في كنف مجتمع متوازن متكافل مزدهر تتجلى فيه المواطنة في أرقى صورها الممكنة وينعم فيه جميع الجزائريات والجزائريين بحياة حرة كريمة. محمد.م