أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية إبراهيم مراد، أن ظاهرة الفساد بكل أشكالها أصبحت تمثل أحد أهم المعوقات التي تعكر صفو المسار السلس للإصلاحات العميقة التي باشرتها السلطات العمومية، تجسيدا لالتزامات السيد رئيس الجمهورية، ودعا إلى مضاعفة جهود مختلف الفاعلين لمكافحته، محذرا في ذات الوقت كل من تسول له نفسه مساومة المواطنين في أبسط حقوقهم أو التعدي على المال العام. وقال إبراهيم مراد خلال إشرافه أمس بالجزائر العاصمة على إطلاق الشبكة الجزائرية للشفافية «نراكم» والإطلاق الرسمي لبوابتها الإلكترونية، في اللقاء الذي نظمته السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، و المرصد الوطني للمجتمع المدني، أنه «لا يخفى على أحد أن ظاهرة الفساد بكل أشكالها أصبحت تمثل أحد أهم المعوقات التي تعكر صفو المسار السلس للإصلاحات العميقة التي باشرتها السلطات العمومية تجسيدا لالتزامات رئيس الجمهورية» وكبح مختلف الجهود المبذولة من قبل الدولة في مجال ترقية الاقتصاد الوطني والدفع بعجلة التنمية المحلية وتحسين الإطار المعيشي للمواطنين». من هذا المنطلق- يشدد الوزير- على أنه بات من الضروري أكثر من أي وقت مضى مضاعفة الجهود المبذولة من قبل جميع الفاعلين من أجل التصدي لهذه الظاهرة السلبية بالعمل في إطار منسق ومشترك، وتشجيع ثقافة التبليغ لدى المواطنين باعتبارها سلوكا إيجابيا وحضاريا. وذكّر في السياق بأن موضوع مكافحة الفساد يندرج ضمن أولويات السلطات العليا للبلاد، الرامية إلى تعزيز دولة الحق والقانون ومكافحة كل أشكال الفساد بإشراك كل الهيئات العمومية وممثلي المجتمع المدني. كما اعتبر أن استحداث «الشبكة الجزائرية للشفافية» كآلية رقمية ووضعها حيز الاستغلال يشكل ثمرة جهود مشتركة بين قطاع الداخلية والجماعات المحلية، والسلطة العليا للشفافية و الوقاية من الفساد ومكافحته بمشاركة الجماعات المحلية وممثلي الجميع من خلال سلسلة اللقاءات الثرية المنظمة على المستوى المحلي، حيث لمسنا –يضيف مراد - وجود إرادة حقيقية ومشتركة بين مختلف الفعاليات للانخراط في هذا المسعى. و عن التدابير التي اتخذها قطاع الداخلية في إطار مسعى مكافحة الفساد تحدث إبراهيم مراد عن أن القطاع باشر جملة من الترتيبات على المستوى التنظيمي والعملي من خلال توجيه تعليمات للولاة بضرورة اتخاذ مجموعة من التدابير في ما يخص مكافحة الفساد الإداري وتحسين الخدمة العمومية، وتمثلت هذه الترتيبات أساسا في، تعزيز آليات الرقابة على نشاط المصالح الإدارية الموضوعة تحت سلطة المسؤولين المحليين، و إرساء ثقافة التبليغ عن التجاوزات باعتبارها سلوكا إيجابيا وحضاريا سواء من قبل المواطنين أو من قبل الموظفين داخل الإدارة. تفعيل نظام اليقظة القانونية لرصد مختلف الثغرات القانونية والتنظيمية وتبليغها للمصالح المركزية للوزارة من أجل تداركها ومعالجتها ، الحرص على التكفل الفعلي بانشغالات المواطنين بصفة دورية وسريعة وتحسين ظروف مبدأ الشفافية وتحسين ظروف الاستقبال، وكذا تيسير وتبسيط الإجراءات الإدارية، و تعزيز مبدأ الشفافية من خلال تمكين المواطنين من حقهم في الإعلام والتوجيه والإطلاع وترسيخ أخلاقيات العمل الإداري و تثمين القدرات المكتسبة في مجال تحسين الخدمة العمومية. وفي ذات السياق عمل القطاع- يضيف المتحدث ذاته- بالتنسيق مع السلطة العليا للشفافية و الوقاية من الفساد ومكافحته على تكريس نظام التصريح بالممتلكات من خلال حث مختلف الإطارات والمنتخبين المعنيين بضرورة التصريح بالممتلكات التي يحوزونها ومرافقتهم في ذلك بتوضيح كيفيات التصريح وفق النموذج المحدد لذلك، والتذكير بالآجال القانونية والتحسيس بالتدابير الإدارية والجزائية المترتبة عن عدم الالتزام بهذا الإجراء. إضافة إلى ذلك يعمل قطاع الداخلية على تعزيز الدور الهام للمفتشية العامة للوزارة ، وكذا المفتشيات العامة للولايات في مراقبة نشاط مختلف المصالح الإدارية على المستوى المحلي وتقييم أدائها وعملها والتحقيق في مختلف التجاوزات المبلغ عنها بطريقة قانونية، والوقوف على مختلف الاختلالات واتخاذ تدابير تصحيحية من أجل تصويبها أو مباشرة الإجراءات العقابية في حق المخالفين. وفي الختام جدد وزير الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية التزام قطاعه بدعم جميع المساعي التي تصب في هذا المجال والانفتاح على مختلف الآراء والمبادرات، مشيدا بالدور الهام ومستوى الوعي الذي بلغه مجتمعنا المدني بحيث أثبت في كثير من المناسبات حسا وطنيا من خلال تغليب الصالح العام والوقوف إلى جانب الدولة ومؤسساتها. كما جدد التأكيد بالمناسبة على أن الدولة ومؤسساتها لن تدخر أي جهد لمحاربة هذه الظاهرة ومحاسبة كل من تسول له نفسه مساومة المواطنين في أبسط حقوقهم أو التعدي على المال العام. بدورها أبرزت سليمة مسراتي، رئيسة السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، خطورة الظاهرة وقالت إنها جريمة لا تعترف بالحدود الجغرافية، وسلاح فتاك يعطل التنمية المحلية ويفشل البنى التحتية، وهو ما يستدعي هندسة منظومة كاملة ترتكز على هيكلة مختلف الإجراءات الخاصة بالوقاية منها. كما شددت على دور المجتمع المدني فيما يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، من خلال وضع إطار عمل مشترك يتمثل في الشبكة الجزائرية للشفافية « نراكم» كدعامة أساسية في تنفيذ ومتابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته للفترة بين 2023و 2027. أما نور الدين بن ابراهم رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني فقد أشاد بالمكانة التي يحظى بها المجتمع المدني في سياسة الدولة بعد دستور 2020، باعتباره مرافقا لتجسيد الإصلاحات، و لذلك فإن الدولة ماضية في جعل المجتمع المدني دعامة لحماية المال العام ومكافحة الفساد، داعيا الجمعيات إلى لعب دور تحسيسي ووقائي بالاستعانة بآليات الإخطار ومنها الشبكة الجزائرية للشفافية. ويتركز عمل الشبكة الجزائرية للشفافية على تشجيع مشاركة المجتمع المدني ووسائل الإعلام في الوقاية من الفساد ومكافحته، والتحسيس بمخاطر الظاهرة و آثارها الوخيمة على المجتمع، والعمل على تكوين المكونين في هذا المجال، وإجراء دراسات استقصائية لقياس مدركات الفساد من خلال عينة المنخرطين في الشبكة، وأيضا تشجيع التبليغ عن الفساد. إلياس -ب