أكد أكاديميون ومجاهدون أن بيان أول نوفمبر تضمن إستراتيجية للتحرير الدائم و إعادة بناء الوطن و نظرة مستقبلية لجمهورية جزائرية شعبية و ديمقراطية تحت لواء وحدة وطنية، مشيرين إلى أن البيان الذي أجمع عليه الجزائريون دون مخالف، يمثل مصدرا من مصادر عزة وتاريخ لجزائر، وأن بيان أول نوفمبر وثيقة تأسيسية ومشروع إنساني متجدد . كما اتفق مجاهدون وأكاديميون في الندوة المنظمة بفضاء الطاسيلي في إطار نشاطات صالون الجزائر الدولي للكتاب ‹› سيلا 2023›› تحت عنوان ‹› الذاكرة والتاريخ: نوفمبر في قلب السيلا››، أن البيان يعد مرجعية تاريخية في تحرير الشعوب من الاستعمار لما يحمله من معاني و مبادئ التحرر من قيود الاستعمار، مبرزين بأن نداء أول نوفمبر 1954 يمثل الوثيقة التأسيسية للثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي التي استندت عليها جميع الشعوب الإفريقية و العربية المضطهدة. وفي هذا الصدد أبرز المجاهد والدبلوماسي السابق، محمد خلادي، أن بيان أول نوفمبر توجه إلى كل الشعب الجزائري أينما كان و ليس لفئة أو جهة معينة أو حزب من فصائل الحركة الوطنية بكل ألوانها السياسية، وهو ما أدى إلى توحيد كل الجزائريين والتفافهم حول الثورة، مؤكدا بأن بيان أول نوفمبر 54 يمثل نموذجا نادرا لعبقرية رؤية الثورة، ليس على الصعيد العسكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي فحسب بل يتجاوز ذلك كونه يمثل مشروع أمة تدافع عن القيم الإنسانية ومبادئ الحرية وحقوق الإنسان والعدالة، ولما تضمنه من استشراف لبناء الدولة وتعزيز مكانة الأمة الجزائرية. وأبرز في ذات الوقت بأن مظاهرات 11 ديسمبر 1960، أجهضت طموح الإدارة الاستعمارية نهائيا والتي كانت تراهن – كما ذكر - على حسم المعركة لصالحها عسكريا. من جهة أخرى تحدث المجاهد خلادي والذي كان عضوا فعالا في وزارة التسليح والاتصالات العامة ‹› المالغ›› التي أنشأتها الحكومة الجزائرية المؤقتة سنة 1958، عن تجربته في مجال الدبلوماسية، مشيرا إلى أن الرئيس أحمد بن بلة قد كلفه في سبتمبر 1962 بالتوجه إلى كوبا لفتح سفارة جزائرية هناك، أي وجد في استقباله على أرضية المطار الزعيمين الثوريين فيدال كاسترو وشيغيفارا. و من جانبه أبرز المجاهد عيسى قاسمي، أهمية ترسيخ القيم و المثل العليا لثورة نوفمبر المجيدة و الوفاء و الإخلاص إلى رسالة الشهداء التي قال أنها ستظل تتوهج في ذاتنا على الدوام، مبرزا أن نداء أول نوفمبر يعد مرجعا لأجيال متعاقبة وراسخا في ذاكرة كل الجزائريين ومنارة نستلهم منها الكثير من القيم والمبادئ التي تميز مسار الأمة الجزائرية وحضورها عبر التاريخ الإنساني وتضحياتها من أجل الحرية. ودعا جيل الشباب إلى الاقتداء بأخلاق جيل الثورة حتى نتمكن – كما قال - من بناء جزائر جديدة قوية بأبنائها. وأثناء تدخله قدم الدكتور علال بيتور، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة بوزريعة، قراءة في الجانب العسكري والجانب السياسي والدبلوماسي لثورة أول نوفمبر، والذي اعتبر بأن النصر كان مؤكدا في أذهان المجاهدين قبل أن تنطلق أول رصاصة في أول نوفمبر بجبال الأوراس، حيث قالوا ‹› إن الطريق سيكون طويلا ولكن النصر محقق››، مبرزا أن عقيدتهم في تحقيق النصر «ثابتة››. وأضاف ‹› إن بيان أول نوفمبر الذي أجمع عليه الجزائريون دون مخالف، يمثل للجزائريين مصدرا من مصادر عزته وتاريخه، معتبرا بأننا لا يمكن أبدا أن نخرج عن ما ورد في بيان أول نوفمبر، سيما البعد الاجتماعي للدولة. إن مشروع بيان أول نوفمبر أدى بالشعب الجزائري إلى الوثبة الأولى التي حررت البلاد من الاحتلال الفرنسي البغيض، وقال أن بيان أول نوفمبر مازال يملك ولا زال يملك المشروع الذي يجعل الجزائر قوة في المستقبل و المستقبل القريب، المستقبل الذي قال أننا نراه بأعيننا الآن ونستشفه. كما اعتبر مدير المركز الوطني للدراسات والبحث في تاريخ الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر نور الدين السد الذي أدار الندوة، أن بيان أول نوفمبر وثيقة تأسيسية ومشروع إنساني متجدد، وكذا تتويج ناضج لكل المواثيق والنصوص خلال تلك الفترة من الثورة التحريرية.