زحف قياسي على تشاكر يؤكد إستعادة الخضر لمكانتهم في قلوب الجزائريين عرفت مباراة أمس إقبالا قياسيا فاق كل التوقعات، بالنظر لأهميتها البالغة، فالأجواء الكبيرة التي عاشتها مدينة البليدة منذ الساعات الأولى لفجر أمس، جسدت عودة العلاقة بين الخضر وملايين المناصرين، فالإقبال الكبير أعاد إلى الأذهان ذكريات تصفيات مونديال جنوب إفريقيا قبل سنتين، لأن « النكسة « في تشاكر أمام تانزانيا قبل 771 يوما كانت آخر فرصة صنع فيها المنتخب أفراح الجزائريين مباشرة بعد المونديال. و لعل الصورة التي عايشناها طيلة يوم أمس بالبليدة دليل قاطع من ملايين الجزائريين على أنهم مناصرون من نوع « خاص « ، لأنهم برهنوا على تعلقهم الكبير بالمنتخب و الألوان الوطنية على حد سواء، و ما التحديات التي رفعها آلاف المناصرين إلا تأكيد صريح بأن الروح الوطنية التي يتسلح بها الجزائريون تبقى من أبرز نقاط قوة الخضر و واحد من أهم أسرار نجاح الكرة الجزائرية في العودة إلى الواجهة على الصعيدين القاري و العالمي بعد غياب طويل، لأن المناصرين كانوا في الموعد ، و في مستوى تطلعات اللاعبين الذين طالبوا بدعم جماهيري يكفيهم لإستعادة الثقة و الروح التي كانوا عليها في تصفيات مونديال جنوب إفريقيا. و إذا كانت مدينة البليدة تبقى المعقل المفضل للخضر ، كون « بركة تشاكر « مازالت تحمل معها ذكريات الإنجازات التاريخية للكرة الجزائرية، فإن هذه المدينة إستعادت أمس الأجواء المميزة التي إفتقدتها لنحو سنتين ، حيث إنطلقت منبهات السيارات منذ الساعة الخامسة فجرا، و كانت شوارع باب السبت، بابا علي، و حديقة الروضة المحاذية لملعب تشاكر ممتلئة عن آخرها بآلاف الأنصار الذين حجوا فرادى و جماعات إلى مدينة الورود ، حاملين بين أيديهم أكياسا بها مأكولات و قارورات ماء، مع الإصطفاف في طوابير طويلة لأزيد من ساعتين من الزمن أمام المدخل الذي إعتمدته الجهات المنظمة ، فالآلاف من المشجعين قدموا من وهران و تلمسان، و قسنطينة، عنابةقالمة و تبسة لتسجيل حضورهم المميز في ملعب تشاكر، و أوركيسترا المدرجات كانت في الموعد ، و اهتزت المدرجات كرجل واحد لترديد عبارة « وان، تو ، ثري فيفا لالجيري « طيلة فترة التنشيط التي سبقت المواجهة. الإقبال الجماهيري القياسي دفع باللجنة المنظمة إلى إتخاذ العديد من الإجراءات لضمان السير الحسن لهذه المقابلة، خاصة ما يتعلق منها بتنظيم و تسيير الجماهير للدخول إلى الملعب، حيث تقرر فتح الأبواب أمام المناصرين في حدود منتصف النهار ، فالآلاف من المشجعين حضروا مبكرا إلى الملعب ، مما جعل ساحته الرئيسية تعيش صبيحة استثنائية، بانطلاق الإحتفالات و الأفراح مبكرا ، و قد إمتلآت المدرجات المكشوفة عن آخرها في حدود الساعة الثالثة زوالا، بعد ثلاث ساعات فقط من فتح الأبواب، رغم صعوبة الدخول إلى الملعب. وقفنا خلال الجولة الإستطلاعية التي قمنا بها في أوساط الأنصار على أن آلاف المشجعين قدموا من ولايات الشرق و الغرب، و الجنوب ، و أجبر أغلبهم على المبيت في الساحة المحاذية للملعب، مع إقتناء تذاكر الدخول بأسعار خيالية في السوق الموازية، و هذا على أمل التمكن من مشاهدة المباراة، الأمر الذي أكده لنا شاب من ولاية بسكرة و الذي إلتحق بالبليدة سهرة السبت على متن سيارة رفقة أربعة من أصدقائه، لكنهم لم يتمكنوا في نهاية المطاف من الحصول على التذاكر بسبب نفاذها، مما أرغمهم على اللجوء إلى السوق السوداء، كما إلتقينا شابين قدما من ولاية جيجل ، إلا أنهما اصطدما بمشكل عدم توفر السيولة المالية التي تمكنهما من شراء التذكرة، و قد أشار أحدهما في معرض حديثه للنصر بأنه لا يحوز حتى على المبلغ الذي يمكنه من دفع ثمن تذكرة العودة إلى منزله ، لكن و كما قال فإن كل شيء يهون من أجل المنتخب الوطني، بينما وجدنا مجموعة أخرى من المناصرين قدمت من ولاية قسنطينة ، حيث أن هؤلاء المشجعين اضطروا إلى قضاء ليلتهم في العراء بمحاذاة الساحة الرئيسية للملعب، لأن الأمل كان يراودهم في الحصول على تذاكر من نقاط البيع المعتمدة، غير أنهم وجدوا أنفسهم مخيرين بين شراء التذكرة من السوق الموازية أو العودة من حيث أتوا. جرحى في صفوف الأنصار بسبب فوضى الطوابير لم يكن الدخول أمس إلى ملعب تشاكر أمرا سهلا للأنصار، بل كان حكرا على من استطاع إليه سبيلا، و ذلك بسبب توافد آلاف المشجعين دفعة واحدة منذ الصباح الباكر على محيط الملعب، الأمر الذي نتج عنه تشكل طوابير طويلة من جحافل المناصرين، و قد كادت الأمور أن تخرج عن إطارها بعد ان تشكلت طوابير طويلة للأنصار أمام المدخل الرئيسي و الوحيد، والإشكال طرح بالنسبة للمشجعين الذين لم تكن بحوزتهم تذاكر الدخول، و الذين يتعمدون الدخول وسط مئات المناصرين على أمل الإنفلات من المراقبة، و هو ما دفع بالمنظمين إلى تعزيز التغطية الأمنية، قبل أن تتطور الأمور على مستوى كل الحواجز المنصوبة على مقربة من البوابة الرئيسية للمدرجات المكشوفة، بتزايد عدد المشجعين الذين لم تكن بحوزتهم تذاكر الدخول، مما أدى إلى حدوث تدافع كبير في الطوابير الطويلة، بقيام مئات المناصرين بمحاولات لإقتحام الحاجز الأمني البشري و الحديدي الذي كان منصوبا الأمر الذي تسبب في سقوط عشرات منهم على القضبان الحديدية التي إستعملت لتنظيم الطوابير، مما خلف تعرض بعض المناصرين لجروح خفيفة، مع إقدام وحدات الأمن على تعزيز تعدادها على مستوى المدخل الوحيد المخصص للمناصرين و بالتالي التحكم أكثر في الجانب التنظيمي، و هو ما إضطر المئات من المناصرين على مغادرة محيط الملعب ، بعدما إستحال عليهم الدخول كونهم لا يحوزون على تذاكر. أسعار خيالية في السوق السوداء و تذاكر مقلدة طرحت للبيع ألقت قضية التذاكر بظلالها على أجواء الأنصار، لأن رحلة البحث عن التذكرة كانت شاقة بالنسبة للآلاف الذين قدموا من خارج البليدة، و « البزنسة « فعلت فعلتها وصنعت هذ القضية حديث الأنصار ، و ذلك بعد طرح 24 ألف تذكرة للبيع، فتم بيعها بطرق أثارت التحفظات، لأن التذاكر نفذت بعد 5 ساعات فقط من انطلاق عملية البيع، و هو السيناريو الذي فتح المجال على مصراعيه أمام المختصين في البزنسة، لأن سعر التذكرة تضاعف بعشر مرات مقارنة بقيمته الحقيقية ، حيث أخذت بورصة التذاكر في التصاعد مع اقتراب موعد المواجهة، ليبلغ ذروته صبيحة أمس حيث تم طرح مئات التذاكر للبيع بمبلغ تراوح ما بين 1200 و 1800 دينار جزائري للتذكرة الواحدة الخاصة بالمدرجات المكشوفة، في حين بيعت الدعوة الخاصة بالمنصة الشرفية بسعر 4500 دينار، و تزامن التهاب الاسعار مع التحاق آلاف المناصرين القادمين من ولايات أخرى كقسنطينة، جيجل، باتنة، بسكرة، وهران، بشار و تلمسان. على صعيد آخر طفت على السطح مشكلة التذاكر المقلدة، وهو ما وقفنا عليه عند اقترابنا من بعض الباعة للاستفسار على السعر فيسارعون إلى التأكيد على أن التذاكر التي بحوزتهم أصلية و أن هناك مئات التذاكر المزورة مطروحة للبيع في ساحة الملعب بقيمة1000 دينار للتذكرة. 8آلاف شرطي لتأمين المباراة و إجراءات إستثنائية لدخول الأنصار سخرت الجهات المعنية 8000 عون أمن للتكفل بالتغطية الأمنية لهذه المواجهة، حيث سارت الإجراءات التنظيمية لمباراة الأمس على وقع تدابير أمنية إستثنائية للتحكم في الإقبال القياسي للأنصار، مع تكليف فرقة أمنية تتشكل من 200 عون بمهمة المراقبة في محيط أرضية الميدان تحسبا لأي طارئ. و ضبطت اللجنة المنظمة جملة من التدابير الإحتياطية للتحكم في الأنصار، من أبرزها تشكيل حاجز أمني على مستوى المسلك المؤدي من وسط المدينة إلى محطة المسافرين، مع إخضاع كل مناصر للمراقبة ، من خلال إظهار تذكرة الدخول و كذا بطاقة إثبات الهوية، مع منع المشجعين من إدخال المأكولات و المياه المعدنية و حتى ولاعات السجائر إلى الملعب، إلى درجة أن أكواما من أكياس محملة بالأكل ظلت مرمية على مستوى نقاط المراقبة الأمنية. كما منعت وحدات الأمن الأطفال القصر من الدخول إلى الملعب ، كما تم توقيف ثلاثة شبان حاولوا تصوير مقاطع فيديو لمناوشات خفيفة بين الانصار و وحدات مكافحة الشغب على مستوى البوابة الرئيسية للملعب، حيث تم إقتيادهم إلى مقر الأمن للتحقيق معهم.بالموازاة مع ذلك قامت لجنة التنظيم بتوفير أكياس المياه للمناصرين في المدرجات، مع منح تراخيص لمستثمرين خواص بفتح 10 محلات للإطعام على مستوى المدرجات المكشوفة، في الوقت الذي تم فيه فتح مدخلين فقط للأنصار، من أجل التحكم أكثر في الجانب التنظيمي، لأن المناصر مجبر على المرور عبر 4 حواجز أمنية قبل الإطمئنان على حجزه مكانا في المدرجات. ص . فرطاس * تصوير : الشريف قليب أصداء .... * تراجع سعر التذاكر في السوق السوداء إلى عتبة 400 دينار جزائري بعد غلق بوابات الملعب قبل 5 ساعات من موعد إنطلاق اللقاء، لأن غلق الأبواب أبقى مئات التذاكر بحوزة المتخصصين في « البزنسة» و الذين اقدموا على خفض السعار في محاول للتخلص من التذاكر، رغم علمهم المسبق بان التذكرة لن تشفع لصاحبها بمتابعة المقابلة من المدرجات. * وصلت الحافلة التي تقل المنتخب الوطني إلى ملعب تشاكر في حدود الساعة السادسة و النصف مساء، و قد خصها المناصرون بتجاوب كبير، سيما و أن المدرب حليلوزيتش عمد إلى إدخال لاعبيه مباشرة إلى الملعب من أجل الوقوف على الجواء التي يصنعها الأنصار في المدرجات، و قد دوت عبارة « وان، تو ، ثري « الملعب، و هتف الأنصار مطولا بحياة سوداني، فيغولي و بقية العناصر. * عاين طاقم التحكيم الغيني أرضية الميدان قبل ساعة و 45 دقيقة من الموعد المحدد لإنطلاق المباراة، و لو أن الحكم الرئيسي بوبكر بانغورا و الحكم الرابع سيديبي دياكيتي يحتفظان بذكريات سيئة في ملعب البليدة، بسبب رفضها هدفين للمنتخب الجزائري في مباراة رواندا التي أقيمت قبل سنتين في إطار تصفيات مونديال جنوب إفريقيا. * حظي المنتخب الليبي بإستقبال حار من طرف الجمهور الجزائري، لأن العناصر الليبية و بمجرد دخولها ارضية الميدان وجدت الترحاب و التصفيق في المدرجات، مما جعل القائد أحمد سعد و رفاقه يقدمون على مبادلة الجماهير الغفيرة التحية، و الشكر على الإستقبال الذي حظيت به. * كان المدافع مجيد بوقرة ضيفا مميزا في ملعب البليدة، لأن المدرجات إهتزت عن آخرها بمجرد أن دخل « الماجيك « أرضية الملعب متوجها إلى المنصة الشرفية، حيث هتف آلاف المناصرين مطولا بإسمه، معربين عن أملهم في عودته السريعة إلى دفاع المنتخب، و هو ما وخز مشاعر بوقرة الذي تأثر من التضامن الكبير للجمهور الجزائري معه، إذ بادلهم التحية و شكرهم على الإحترام الكبير الذين يكنونه له. * ظلت المدرجات التي خصصها المنظمون للجمهور الليبي شاغرة، لأن اللجنة المنظمة تركت جناحا بنحو 1500 مقعد على الجهة اليمنى للمنصة الشرفية لمناصري منتخب ليبيا، لكن هذا الجناح بقي شاغرا، في ظل عدم تنقل أي مناصر ليبي إلى البليدة. * سجلت الصحافة الليبية حضورها بملعب مصطفى تشاكر بوفد يتشكل من 15 إعلاميا تحصلوا على الإعتماد الرسمي، من بينهم مبعوثان لقناتين تلفزيونيتين، و كذا مبعوث لإحدى الإذاعات، إضافة إلى 8 إعلاميين من الصحافة المكتوبة.