زحف بشري قياسي لتحية أبطال صنعوا ملحمة التأهل إلى المونديال عرفت مباراة المنتخب الوطني مع نظيره الصربي إقبالا جماهيريا قياسيا، فاق كل التوقعات رغم أن المواجهة لا تكتسي أية أهمية من حيث النتيجة بالنسبة للمنتخبين بحكم طابعها الودي، لكن الأجواء الكبيرة التي عاشها محيط مركب 5 جويلية الأولمبي طيلة نهار أمس الأربعاء، جسدت العلاقة الوطيدة التي أصبحت تربط الخضر بملايين الجماهير، لأن الإقبال كان كبيرا، إلى درجة أنه خيل لنا بأن الأمر يتعلق بمقابلة هامة و مصيرية ، نتيجتها ستسمح لأشبال سعدان بإقتطاع تأشيرة المشاركة في المونديال ، كما كان عليه الحال في اللقاءات الستة التي خاضها المنتخب بملعب مصطفى تشاكر بالبليدة. الصورة التي صنعها آلاف المناصرين الجزائريين أمس بالملعب الأولمبي بالعاصمة ، كانت دليلا قاطعا على أن الخضر حجزوا مكانة في قلوب كل الشعب الجزائري، إذ أن الإقبال كان كبيرا، و قد سجلنا قدوم مناصرين من كل شبر من التراب الوطني، و هذا كله من أجل مشاهدة الأبطال القوميين عن كثب، لأن مقابلة الأمس كانت بمثابة أول ظهور لزياني و رفاقه في مباراة تلعب بالجزائر، و ذلك منذ تحقيق حلم الملايين ، بالتأهل عن جدارة و استحقاق إلى نهائيات كأس العالم المقررة بجنوب إفريقيا، لأن آخر لقاء لعبه الخضر بالجزائر كان في شهر أكتوبر الماضي ضد رواندا بالبليدة، قبل أن يخوضوا ملحمتي القاهرة و أم درمان ، ثم المشاركة المشرفة في " كان أنغولا "، و هو الطرح الذي وقفت عليه بعثة النصر من خلال الأحاديث التي كانت لها مع عشرات الأنصار أمام البوابة الرئيسية لملعب 5 جويلية، رغم أن آلاف المناصرين لم يتمكنوا من متابعة هذه المقابلة من المدرجات بسبب مشكل التذاكر، و كذا الإكتظاظ الكبير الذي شهدته مختلف الأبواب، لأن الدخول إلى الملعب كان صعبا للغاية بالنسبة لآلاف المناصرين الذين توافدوا على الملعب بعد الظهيرة. مئات الأنصار ناموا في ساحة الملعب و لم يتمكنوا من الدخول إقبال المشجعين على الملعب كان منذ مساء أول أمس الثلاثاء حيث قدم مئات المشجعين من ولايات شرقية، و غربية و جنوبية، و أجبر أغلبهم على المبيت في ساحة ملعب 5 جويلية الأولمبي، و النوم على الأفرشة الورقية، و هذا على أمل التمكن من مشاهدة المباراة، و هو ما أكده لنا مروان من ولاية تبسة و الذي إلتحق بالجزائر العاصمة أمسية الثلاثاء رفقة أربعة من أصدقائه، لكنهم لم يتمكنوا من الدخول في نهاية المطاف لسبب وحيد و هو مشكل التذاكر، إذ أوضح محدثنا بأنه و رفاقه لم تكن بحوزتهم القيمة المالية الكافية لشراء تذكرة الدخول، لأن السعر بلغ في السوق السوداء 4500 دينار للتذكرة الواحدة، في حين وجدنا سليمان البالغ من العمر 18 سنة في حالة يرثى لها، لأن هذا الشاب قدم من ولاية جيجل على أمل مشاهدة عنتر يحيى و بقية نجوم المنتخب الوطني عن قرب، إلا أنه اصطدم بمشكل عدم توفر السيولة المالية التي تمكنه من شراء التذكرة، و قد أشار في معرض حديثه للنصر بأنه لا يحوز حتى على المبلغ الذي يمكنه من دفع ثمن تذكرة العودة إلى منزل عائلته، لكن و كما قال فإن كل شيء يهون من أجل الخضر، بينما وجدنا مجموعة أخرى من المناصرين قدمت من ولاية تيسمسيلت على متن سيارة نقل جماعي، حيث أن هؤلاء المشجعين اضطروا إلى قضاء ليلتهم في العراء بمحاذاة الساحة الرئيسية للملعب، لأن الأمل كان يراودهم في طرح حصة أخرى من التذاكر للبيع، ، و مع ذلك فقد أجمع كل من تحدثوا للنصر من المشجعين بأن متاعب و مشاق السفر تهون من أجل أبطال صنعوا ملحمة كروية حقيقية بالتأهل إلى المونديال. أسعار خيالية في السوق السوداء و تذاكر مقلدة طرحت للبيع بالموازاة مع ذلك فإن أزمة التذاكر فعلت فعلتها في لقاء الأمس لأن هذه القضية صنعت حديث الشارع الرياضي طيلة أسبوع كامل، و ذلك منذ طرح 55 ألف تذكرة للبيع، فتم بيعها بطرق أثارت التحفظات، لأن التذاكر نفذت بعد 3 ساعات فقط من انطلاق عملية البيع، و هو السيناريو الذي فتح المجال على مصراعيه أمام المختصين في البزنسة، لأن سعر التذكرة تضاعف بعشر مرات مقارنة بقيمته الفعلية، حيث أخذت بورصة التذاكر في التصاعد مع اقتراب موعد المواجهة، ليبلغ ذروته في حدود الساعة الواحدة من زوال أمس حيث تم طرح مئات التذاكر للبيع بمبلغ 4500 دينار جزائري للتذكرة الواحدة، في حين بيعت الدعوة الخاصة بالمنصة الشرفية بسعر 6000 دينار، و الإلتهاب في الأسعار الذي تزامن مع التحاق آلاف المناصرين القادمين من ولايات مجاورة كالبليدة، تيزي وزو، المدية و بومرداس... على صعيد آخر طفت إلى السطح مشكلة التذاكر المقلدة، حيث تم طرح مئات التذاكر المزورة للبيع في ساحة الملعب بقيمة1000 دينار للتذكرة، و هو السعر الذي أثار انتباه المناصرين، و مع ذلك فإن البعض منهم أقدم على اقتناع تذاكر مقلدة و الدخول لمتابعة المباراة من المدرجات عوض الإنتظار لساعات طويلة أمام البوابة الرئيسية فتح أبواب الملعب قبل 8 ساعات من انطلاق اللقاء في اجراء استثنائي الإقبال الجماهيري القياسي دفع باللجنة المنظمة إلى إعادة النظر في الإجراءات التي كانت قد اتخذتها لضمان السير الحسن لهذه المقابلة، خاصة ما يتعلق منها بتنظيم الجماهير و تسيير الدخول إلى الملعب، حيث تقرر تقديم موعد فتح الأبواب أمام المناصرين للدخول إلى الساعة الحادية عشر صباحا بدلا من الموعد الذي كان مقررا في الثانية زوالا، لأن عشرات الآلاف من المشجعين حضرت مبكرا إلى مركب 5 جويلية، مما جعل ساحته الرئيسية تعيش صبيحة استثنائية، بانطلاق الإحتفالات و الأفراح مبكرا و كأن الأمر يخص مقابلة مصيرية و هامة للتشكيلة الوطنية، و قد امتلآت المدرجات العلوية عن آخرها في حدود الساعة الواحدة زوالا، أي بعد ساعتين فقط من فتح الأبواب، ليصبح إثرها الدخول إلى الملعب صعبا للغاية. أزيد من 20 ألف مناصر خارج الملعب و مشادات مع رجال الأمن و المنظمين لن نكون مبالغين إذا قلنا بأن الدخول إلى مدرجات ملعب 5 جويلية الأولمبي لمشاهدة مباراة الأمس كان لمن استطاع إليه سبيلا، لأن الأمور كادت أن تخرج عن إطارها القانوني بعد الطوابير الطويلة للمناصرين و التي اصطفت أمام مختلف بوابات الملعب، لأن الإشكال طرح بالنسبة للمشجعين الذين لم تكن بحوزتهم تذاكر الدخول، و الذين يتعمدون الدخول وسط مئات المناصرين على أمل الإنفلات من المراقبة، و هو ما دفع بالمنظمين إلى تعزيز التغطية الأمنية، قبل أن تتطور الأمور على مستوى كل البوابة بتزايد عدد المشجعين الذين لم يكونوا يتوفرون على تذاكر الدخول، حيث سجلنا إقدام مئات المناصرين على اقتحام الحاجز الأمني الذي كان منصوبا أمام البوابة الرئيسية للملعب، الأمر الذي سمح لعشرات المناصرين من الدخول، لأن وحدات الأمن لم تستعمل العنف مع المشاغبين، و اكتفت بتعزيز تعدادها لغلق الباب من جديد، و بالتالي التحكم أكثر في الجانب التنظيمي، و قد شهدت هذه الحادثة وقوع مشادات بين المناصرين و أعوان الأمن و المكلفين بالتنظيم ، في الوقت الذي بقي فيه قرابة 20 ألف مناصر خارج الملعب، لأن الأبواب تم غلقها نهائيا قبل ساعتين من الموعد المحدد لإنطلاق اللقاء، و لو أن هذا الإقبال القياسي انعكس بصورة سلبية على العائلات التي لم تتمكن سوى القلة منها من الإلتحاق بالجانب الذي كان مخصصا لها بمحاذاة منصة الصحفيين.