تأثرنا بالتعثر ليس خوفا من الفشل في التأهل و إنما إحساس بالذنب المقترف في حق الأنصار حاوره : صالح فرطاس أكد الحارس الدولي وهاب رايس مبولحي أن الإستقبال الكبير الذي حظي به "الخضر" بملعب تشاكر بالبليدة قبل إنطلاق مباراة الجمعة الماضي ضد تانزانيا كان دليلا قاطعا على العلاقة الوطيدة التي تربط المناصرين الجزائريين بالمنتخب و الألوان الوطنية على حد سواء، مما دفعه إلى حد الجزم بأن التأثر الكبير الذي أبداه اللاعبون عقب نهاية المباراة لم يكن جراء الخوف من العجز في التأهل إلى " الكان " ، و إنما كان سببه العجز عن تحقيق حلم الملايين من المشجعين بتجاوز المنتخب فترة الفراغ التي يمر بها.. مبولحي الذي إلتقه " النصر " عقب تلك المواجهة تحدث بصدر رحب عن أول مقابلة رسمية له بالجزائر، و قضية مشاركته كأساسي رغم أنه كان قد غادر معسكر الخضر لمدة 48 ساعة، و كذا عن حظوظ النخبة الوطنية في حجز تذكرة المرور إلى غينيا الإستوائية و الغابون، إضافة إلى مغامرته الإحترافية و صفقة إنتقاله إلى نادي سياسكا صوفيا البلغاري. كنت أول لاعب جزائري دخل أرضية الميدان للقيام بحركات تسخينية قبيل إنطلاق اللقاء، فهل كنت تنتظر رد فعل مثل الذي حظيت به من طرف آلاف الأنصار؟ صدقوني إذا قلت لكم بأنني لم أكن أتصور إطلاقا أن يحظى المنتخب بمثل هذا الإستقبال، لأن السيناريو الذي عايشناه في المباراة الودية ضد الغابون قبل أقل من شهر جعلنا كلاعبين ندرك بأننا خيبا آمال جماهيرنا، سيما و أن تلك المواجهة كانت الأولى لنا منذ مشاركتنا في المونديال، و الهزيمة دفعت بالأنصار إلى التشاؤم المسبق، فضلا عن كون بعض الجرائد تحدثت طيلة الأيام التي سبقت مباراة تانزانيا عن تراجع الإقبال الجماهيري على شراء التذاكر... و قد حدثنا المدرب سعدان عن هذا الجانب في الحصة التدريبية الأخيرة، لكننا إكتشفنا صورة مغايرة تماما للمعطيات التي كانت بحوزتنا، إذ أن وصول الحافلة التي كنا على متنها إلى البوابة الرئيسية لملعب تشاكر سمح لنا بالوقوف على المكانة الحقيقية للمنتخب في قلوب مناصريه الأوفياء، لأن المدرجات كانت مكتظة عن آخرها، و اللاعبون و الطاقم الفني حظيوا بإستقبال حار، و هنا إذا سمحتم أود أن أوضح شيئا مهما .. تفضل ... ما هو؟ مما لا شك فيه أن أغلى ذكرى أحتفظ بها تبقى الدعم المعنوي الكبير الذي حظيت به من طرف الجمهور الجزائري في مباراة إنجلترا في مونديال جنوب إفريقيا، لكن ما صنعه الأنصار في تشاكر يبقى تاريخيا بالنسبة لي في مغامرتي القصيرة مع النخبة الجزائرية، لأنني تفاجأت لرد فعل الجماهير عند دخول الحافلة إلى محيط الملعب، و ترديد كل الأنصار شعار " وان، تو، ثري، فيفا لالجيري " هز كياني و حرك مشاعري، الأمر الذي دفعني إلى سبق كل الزملاء و الدخول أولا إلى أرضية الميدان للقيام بالحركات التسخينية، و هذا كله من أجل التحرر من الضغط النفسي، و محاولة كسب المزيد من الثقة في النفس، لكن أن تصل الأمور إلى حد هتف أزيد من 30 ألف متفرج بإسمي، فإنني لم أكن أتوقع أن تكون الصورة بهذه الدرجة، حيث أحسست حينها بأنني بطل قومي، متواجد فعلا بين أبناء وطن الأجداد، و كأنني ولدت من جديد ، كوني اكتشفت عالما آخر، و أوركيسترا المدرجات أذهلتني و جعلتني أقتنع بأنني لن أندم على تلبية الدعوة و الموافقة على اللعب لصالح المنتخب الجزائري، رغم أنني شاركت في اللقاء الودي ضد الغابون، غير أن تجاوب الجماهير لم يكن بهذه الصورة النادرة. نعود الآن للحديث عن المقابلة، كيف تقرر إقحامك كحارس أساسي رغم أنك كنت قد غادرت التربص لمدة يومين؟ الإجابة الشافية على هذا السؤال ليست من صلاحياتي، لأن الطاقم الفني هو الذي قرر إقحامي ضمن التشكيلة الأساسية، و تواجدي مع المنتخب في التربص يعني بأن أبقى دوما تحت تصرف المدرب، بصرف النظر عن قضية جاهزيتي من عدمها، و الحقيقة أنني كنت على أتم الإستعداد من الناحيتين البدنية و المعنوية للمشاركة في هذه المباراة، حيث شاركت في ثلاث حصص تدريبية، و قضية مغادرتي المعسكر لم تؤثر إطلاقا على الجانب البدني، أو التركيز لهذه المواجهة، إذ سافرت إلى بلغاريا بعد حصولي على ترخيص من الطاقمين الفني و الإداري، و غيابي لم يدم سوى يومين، بعدما تعذر علي المشاركة في حصتين تدريبيتين، لكن عودتي إلى التربص كانت قبل 48 ساعة من موعد اللقاء، مما سمح للطاقم الفني بالوقوف على مدى جاهزيتي للعب كأساسي فقرر المراهنة على خدماتي. مشاركتي ضد تانزانيا كانت متوقعة و قاواوي يبقى برتبة مدرب و ليس زميل لكن سيدريك أستدعي في آخر لحظة كبديل لك، و قواوي و زماموش كانا ينتظران ؟أن يلعب أحدهما كأساسي . أليس كذلك؟ إستدعاء سيدريك يبقى من صلاحيات الطاقم الفني، و هذا الإجراء إتخذ بصفة إحتياطية تحسبا لأي طارئ، لأنني و عند مغادرتي التربص حددت مدة 48 ساعة للعودة مجددا إلى المنتخب، غير أن ذلك لم يكن يعني بأن قادر فعلا على التحكم في موعد عودتي، مما جعل الشيخ سعدان يستدعي سيدريك للمشاركة في التدريبات.. أما بخصوص مدى جاهزية قواوي و زماموش للعب في التشكيلة الأساسية فإننا جميعا عملنا بجدية في التدريبات، ليس من أجل الظفر بمنصب الحارس الأساسي، و إنما لتمكين الطاقم الفني من الوقوف على قدرة أي واحد من الحراس على اللعب كأساسي، و الحقيقة أننا كنا في نفس مستوى التحضير و الإستعداد، و قرار إختياري لحراسة المرمى في هذه المباراة لم يؤثر إطلاقا على معنويات زماموش أو قواوي؟، بل بالعكس فقد حظيت بتشجيع كبير منهما، و خبرة قواوي ساعدتني كثيرا على كسب المزيد من الثقة في النفس، لأنه يبقى بالنسبة لي بمثابة المدرب و ليس الزميل و المنافس على منصب الحارس الأساسي. و بالعودة إلى أطوار اللقاء، هل كنت تتوقع تلقي هدفا مباغثا عكس مجرى اللعب و من كرة ثابتة؟ الحقيقة أن الشيخ سعدان كان قد طالبنا بضرورة توخي الحيطة و الحذر، و تفادي التوجه الكلي صوب الهجوم بحثا عن هدف مبكر، لكن و عند الدخول إلى أرضية الميدان سارت الأمور في إتجاه معاكس، لأن كل من تابع اللقاء يقف على الفوضى الكبيرة التي ميزت الحملات الهجومية لمنتخبنا، و الكرات الطويلة أعطت ثقة كبيرة للخصم، رغم أننا كنا قادرين على إفتتاح باب التسجيل منذ اللحظات الأولى... الفشل في ترجمة الفرص المتاحة إلى أهداف أربك الزملاء و أفقدهم التركيز و التوازن، و مع ذلك فإننا لم نكن نتوقع إطلاقا تلقي هدفا، لأن تانزانيا إكتفت بالدفاع، و لم تناور بتاتا في الهجوم، و الهدف المباغث كان من عواقب التوقع السيئ للجدار الدفاعي، لأن المخالفة كانت من مسافة بعيدة، و لا أحد كان يعتقد بأنها ستخترق الجدار و تستقر في الشباك، حتى أنا شخصيا لم أكن أنتظر هذا السيناريو، رغم أنني طلبت من زملائي تحصين جدار الدفاع قبل تنفيذ المخالفة، و هذا لا يعني بأنني أحاول التنصل من المسؤولية، بل أن الخطأ نتحمله جميعا، و ليس من كانوا مشكلين للجدار الدفاعي فقط. و ما هو السيناريو الذي كنت تتوقعه بعد هذا الهدف؟ لا أخفي عليكم سرا إذا قلت بأن رد فعل الجمهور عقب هدف تانزانيا سمح لنا من تجاوز مرحلة الإحباط النفسي، لأن إهتزاز المدرجات دفعة واحدة لترديد شعار " وان، تو، ثري، فيفا لالجيري " لحظة تواجد الكرة في شباكي دليل واضح على أن هذا الهدف المباغث لم و لن يكون كافيا لجعل الأنصار يفقدون الثقة في منتخبهم، كما أن هذا الأمر ساعدنا على التسلح بإرادة فولاذية من أجل رفع التحدي، و قد نجحنا في تعديل النتيجة في أواخر الشوط الأول، و تلقينا التشجيع من مناصرينا في المرحلة الثانية، و لم نشك لحظة واحدة في قدرتنا على تحقيق الإنتصار، حيث تحكمنا كلية في زمام الأمور، إلا أن الحظ أدار لنا بظهره، و حال دون ترجمة الفرص الكثيرة إلى أهداف. رد فعل الجمهور جعلني لا أندم إطلاقا على إختياري اللعب للمنتخب الجزائري بعد هذا التعثر، ما هي نظرتك الشخصية لبقية المشوار، و الحظوظ في التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا المقبلة؟ الأكيد أن هذا التعادل ليست نهاية العالم، لكن ما أثر في نفسيتنا نحن كلاعبين هو خيبة الأمل التي لحقت بالملايين من الجزائريين، لأننا كنا ننتظر هذه المواجهة لتحقيق الفوز الذي يمكننا برد الإعتبار، سيما و أن المناصرين لم يهضموا هزيمتنا في اللقاء الودي ضد الغابون، و الكثير منهم إنتقد مشاركتنا في مونديال جنوب إفريقيا، رغم أنها تبقى في نظري إيجابية، و التعثر أمام تانزانيا لم يكن في الوقت المناسب، لأنه تزامن مع فترة الفراغ التي يمر بها المنتخب، فضلا عن التغيير الذي طرأ على التشكيلة بإقحام وجوه شابة جديدة، و مع ذلك فإنني أعتبر الدخول من الآن في متاهة الحسابات سابق لأوانه، لأننا و رغم هذه النتيجة نبقى دوما المرشح الأول للتأهل عن الفوج الرابع، و نحن قادرون على تجسيد هذا الهدف، و نشك في قدراتنا، لأن المرحلة الراهنة ظرفية و سنستعيد توازننا، و لن أبالغ إذا قلت بأننا مصممون على العودة بالنقاط الثلاث من تانزانيا في لقاء العودة لرد الإعتبار و التأكيد على أنها ما هي سوى مجرد عثرة. ما سر هذا التفاؤل الكبير الذي تبديه بخصوص القدرة على التأهل؟ ليس هناك أي سر، و كل ما في الأمر أننا لدينا الثقة الكبيرة في إمكانياتنا، لأننا مجموعة منسجمة و متكاملة تتسلح بالإرادة الفولاذية التي تغذيها الروح الوطنية، نعمل بجدية من أجل هدف واحد و هو السعي لتشريف الألوان الوطنية على الصعيدين القاري و العالمي، مع إصرارنا على قطع الطريق أمام كل من يحاول ضرب إستقرار المنتخب، لأن مثل هذا السيناريو عشنا على وقعه في مونديال جنوب إفريقيا، عندما كثر الحديث عن مشاكل داخلية و إنقسامات و تكتلات، لكن الحقيقة أن شيئا من هذا القبيل لم يحدث إطلاقا، و هي نفس الروح التي سنخوض بها ما تبقى من مباريات تصفوية، لأننا على يقين بأن تأشيرة التأهل لن تفلت منا مهما كانت الظروف، و قوة المنافسين. إحترافي في مانشيستر إشاعة و إعارتي حتمية للمشاركة في الدوري الأوروبي نعرج الآن على مسيرتك الإحترافية، لأن إسمك تم تداوله بكثرة في أكبر النوادي الإنجليزية و الفرنسية بعد المونديال، لكنك بقيت في بلغاريا، فهل من توضيحات بشأن هذه القضية؟ لقد تداولت معظم وسائل الإعلام الجزائرية أخبارا عن إمكانية إنضمامي إلى نادي مانشيستر يونايتيد الإنجليزي، رغم أنني لم أتلق أي عرض رسمي من إدارة هذا النادي، و قد علمت بأن مناجير مانشيستر المكلف بالحراس بروس غروبلار كان قد عاينني في المونديال، إلا أن الأمور لم تعرف أي جديد في الصائفة، كما أؤكد بأن العروض التي تلقيتها من بعض الأندية الفرنسية كانت مجرد إتصالات أولية مع المكلف بأعمالي، من دون الوصول إلى مرحلة الجلوس على طاولة المفاوضات، في الوقت الذي كانت إمكانية إلتحاقي بالدوري التركي جد واردة، غير أن مسؤولي نادي صلافيا صوفيا البلغاري أصروا على ضرورة التفاوض معهم من أجل بيع عقدي بصفة نهائية، و هذا هو الإشكال الرئيسي الذي أرغمني على البقاء في بلغاريا . و ماذا عن صفقة إعارتك للنادي الأول في مدينة صوفيا فريق " السياسكا "؟ هذه الصفقة أبرمت في ظرف قياسي بالإتفاق بين رئيسي الناديين، لأنني كنت متواجد في الجزائر للمشاركة في تربص المنتخب، و تلقيت إتصالا هاتفيا من مسؤولي فريق " صلافيا " يطلبون مني الإلتحاق في أسرع وقت ممكن ببلغاريا للتوقيع على عقد الإعارة إلى الجار " سياسكا "، لأن مهلة التحويلات في الدوريات الأوروبية إنقضت بنهاية شهر أوت الماضي، و الغرض من هذه الصفقة بحث عن " السياسكا " عن تدعيم حراسة المرمى، كونه معني بالمشاركة في منافسة الدوري الأوروبي، و إعارتي لن تكون سوى لمدة أربعة أشهر، و هي الفترة التي سيتضح فيها مستقبل هذا النادي على الصعيد الأوروبي، لأنه و في حال النجاح في التأهل فإن إمكانية تمديد عقد إعارتي إلى غاية نهاية الموسم ستكون واردة، رغم أنني كنت أحظى بتقدير كبير من طرف أنصار صلافيا، و الحساسية الكبيرة بين الفريقين جعلتني أشترط عدم المشاركة في مقابلة " الديربي " بين الناديين.