رحيل الشاعر محمود بن مريومة توفي أول أمس الشاعر والكاتب محمود بن مريومة عن 64 عاما.الفقيد عرف بديوانه الشعري "المغني الفقير" و رواية "الإقامة في المناطق الممنوعة" إلى جانب نصوص عديدة تشرفت النصر بنشرها على مدار سنوات. بن مريومة الذي برز ضمن جيل السبعينيات يعد من أهم الاسماء الأدبية في ولاية جيجل التي غناها وأقام بها إلى يومه الأخير. عبد الناصر خلاف غنى كثيرا للفقراء و البسطاء من خلال ديوانه الشعري الوحيد : " المغني الفقير" الذي صدر سنة 1985 عن المؤسسة الوطنية لكتاب .. وصدح كثيرا في سماء الشعر الجزائري المعاصر من خلال قصائده الشفافة و الصافية التي تنهمر موسيقى و التي تشبه الماء خاصة قصيدته المدهشة " احبك اكثر " .. كان شاعرا بامتياز لم تخذله يوما القصيدة العمودية ولا قصيدة التفعيلة لم يتوقف عن الإبداع وانتقل إلى الكتابة الروائية حيث نشر رواية بعنوان " الإقامة في المناطق الممنوعة.". ظل شاعر المرأة والإنسان والطبيعة وفيا لقريته الجميلة " بوطالب" التي دفن فيها البارحة و التي تقع في حدود مدينة الشقفة ، أين فضل الإقامة هناك.. محمود الشاعر .. في اعتقادي هو تلاقي مجموعة من المدارس الشعرية في نهر "مريومي" واحد : نزار قباني- مفدي زكريا – ارثر رامبو – ابو القاسم الشابي.. فقط بين كل هذا الانهمار حافظ محمود خلال رحلته الجبلية من الكتابة على روح الطفل فيه.. التقيت به مرات ومرات حين كان طالبا جامعيا بجامعة قسنطينة وجمعتنا جلسات في غرفته بحي زواغي سليمان .. جمعتنا الأسابيع الثقافية منذ 1985 في مدينة الطاهير التي كانت تضم اسماء ادبية مكرسة في جيجل منها : محمد طالب البوسطجي- عبدالله عيسى لحيلح- ابن الشاطىء- عزالدين جعفري ..وأسماء وافدة : صالح سويعد- جمال بوملطة- علي بوملطة وأنا القادم من مدينة عنابة متعثرا بلغتي وخجلي.. في تلك الفترة كنت اشبه بمحمود بن مريومة لأننا " لم نشف بعد من طفولتنا" .. وبعد اغتيال الشاعر العراقي الكبير محمد طالب البوسطجي تأثر محمود بن مريومة الذي كان هو أيضا استاذ التعليم الثانوي بمدينة الطاهير إلى درجة أنه بعد سنوات حين طلبت منه ان يكتب شهادة عنه اعتذر لي بحزن لم اعهد فيه لأنه لا يملك الكلمات ..فالكلمات خانت الطفل .. و استمر ينسحب تدريجيا عن صخب المدن و زيف الشعراء .. صار يسكن داخله الحارق وصرت مثله غريبا" في أعراس المدينة" سرقتني عنابةوالجزائر العاصمة كانت امنيتي منذ اسبوعين حين زرت قرية بوطالب أن يبرمج لي صديقي الشاعر جمال بن مريومة زيارة الى بيته فقط كي اراه..انا الذي لم التق به منذ عشر سنوات..فقط حين كرم 2011 من طرف دارالثقافة عمر اوصديق ، جيجل .. تمت دعوتي الى هذا الحفل لكنني لم استطع الحضور لأني كنت في جحيم افتتاح المهرجان الوطني للمسرح المحترف..وبالمقابل أرسلت إليه رسالة مطولة – مازلت احتفظ بنسخة منها- و سأنشرها قريبا وتم قراءتها نيابة عني في هذا التكريم.. كان لقاء روحيا عبر الكلام قيل لي انه بكى كثيرا لأنني لم أخاطب فيه الشاعر بل خاطبت الطفل لا ارغب ان تكون كلماتي غارقة في الانفعالات لأن الموت حق ..بقدر ما أقول على صفحات جريدة النصر التي كانت تستقبل قصائده ، ان الجزائر في خمسينية الاستقلال فقدت شاعرا مهما يملك حساسية وتفردا فعلى الذين عرفوه الترحم عليه وعلى وزارة الثقافة ان تمنحه مساحة كبيرة في قسنطينة عاصمة الثقافة العربية .