مجلس المحاسبة يكشف عن تجاوزات في تسيير قطاعات وزارية ألاف المناصب الشاغرة في قطاعات التربية، الصحة و التعليم العالي أبدى مجلس المحاسبة انشغاله الشديد حول تسيير الإنفاق العمومي و صرف ميزانية الدولة وتسيير الصناديق الخاصة ، و أشار إلى تجاوزات في صرف الأموال العمومية وسوء تسيير بعض المشاريع العمومية ، وغياب الفواتير وضعف الرقابة، وضعف تحصيل الجباية العادية وصعوبة مراقبة الجباية النفطية ،وعدم سد كثير من المناصب في مصالح الدولة رغم حاجتها لعشرات الآلاف من المناصب كقطاعات التعليم العالي ، التربية والصحة. وأشار المجلس في تقريره الخاص بتقييم تسوية الميزانية لسنة2011 إلى تجاوزات في التسيير والإنفاق، واستمرار قطاعات حكومية في تجاهل توصيات سابقة له، و خص قطاعات الثقافة والصحة و الطاقة والمناجم و التضامن الوطني والمالية بأهم الانتقادات، منها تقديم احتياجات غير مبررة أو تفتقر للواقعية ، و الإفراط في تقدير تخصيصات الميزانية لبعض الأبواب ، وزيادات هامة في الاعتمادات المالية غير المبررة، وضعف استهلاك الميزانية . و في ميزانية وزارة الطاقة سجل التقرير ممارسات تتضمن عدم احترام قانون الصفقات العمومية فيما يخص الاستشارة وغياب تام لإجراءات داخلية تسمح بتأطير ومتابعة الاتفاقية المبرمة بين سوناطراك ووزارة الطاقة والمناجم في إطار تنفيذ برنامج تحلية مياه البحر، كما كشف عن عدم إعداد دفاتر الشروط فيما يخص إنجاز المدينة الجديدة لحاسي مسعود ومدرسة المناجم بالعابد، و أشار الى غياب جرد وزارة الطاقة لممتلكاتها المقتناة وهي الخروقات التي تفتح الباب أمام عديد التساؤلات والشكوك حول تسيير الحسابات المالية و الميزانيات المخصصة لهذا القطاع الحيوي الذي يعد شريان الاقتصاد الوطني. و لاحظ المجلس أن استمرار تجاوزات وغموض في تسيير الصناديق الخاصة وعدم استغلال عدد منها رغم أهميتها ، وهي صناديق ترقية التكوين المهني و ترقية التمهين و الشراكة دعم الاستثمارات رفع مستوى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تنمية النقل العمومي .وتضمن التقرير انتقادات لتسيير صناديق تخضع لوزارة المالية نفسها ، كصندوق النفقات برأس المال وصندوق دعم نسب الفائدة على الاستثمارات، بسبب الفوارق في السجلات المحاسبية للآمرين بالصرف و المحاسبين ونقص الوثائق . وتكررت نفس الملاحظات بخصوص ميزانية قطاعات حكومية أخرى، بما فيها الوزارة الأولى حيث سجل مثلا عدم ضبط القيود المحاسبية المتعلقة بمشاركة الجزائر في المعرض العالمي بكوريا الجنوبية و برمجة عمليات عديدة لتقييم رخص البرامج. و ركز التقرير انتقاداته الحادة لقطاع الثقافة وسجل برمجة إعانات ومساهمات لفائدة مؤسسات لم تنشأ بعد، و في مجال التضامن الوطني سجل التقرير ملاحظات شبيهة بتقرير العام الماضي، ومنها نفقات غير مبررة بالشكل الكافي وعدم احترام شروط منح الإعانة للجمعيات ومنح دعم لجمعيات غير معترف بوضعها بالعمل في إطار الصالح العام.و سجل من جديد المعاملة التمييزية التي يحوز عليها تنظيم المنظمة الوطنية للطلبة الجزائريين التي مكنت من 59 بالمائة من مجموع الإعانات التي قدمتها الوزارة للجمعيات. و أشار مجلس المحاسبة أن وزارة المالية سجلت بالنسبة لسنة 2011 فقط مبلغ 668.54 مليار دينار من المداخيل الجبائية من بينها أكثر من 173 مليار دينار تعود لسوناطراك مقابل تسليمها لأكثر من 44 ألف شهادة إعفاء من الرسم على القيمة المضافة لإعفاءات أخرى تم منحها لمستثمرين، وأورد التقرير أنه يتعذر مراقبة تلك الشهادات والإعفاءات الممنوحة مباشرة من طرف سوناطراك، كما لاحظ المجلس أن بعض الشهادات تم تسليمها خرقا لأحكام قانون الرسم على رقم الأعمال. وسجل المجلس في تقييمه لقطاع الجباية مثلا: أنه رغم تحسن المداخيل ب18 بالمائة في 2011، حيث حققت الإيرادات الجبائية 1511.44 مليار دينار، فانه يسجل ضعف تحصيل الضريبة على أرباح الشركات و ضعف تحصيل الضريبة على الجداول الضريبية ، ويعود السبب إلى قصور في تحديد الوعاء وإجراءات التحصيل الجبري و نقص متابعة التصريحات الجبائيةو غياب موظفين مؤهلين وذوي الكفاءة المطلوبة في مجال الجباية و النظام المحاسبي ونقص التدخلات الميدانية . وسجل المجلس في مجال الجباية ضعف حاصل الضريبة على الأملاك، حيث لا تتجاوز 148.93 مليون دينار أي ما يعدل نسبة 0.02 من مجموعة الضرائب المباشرة ، وارجع الوضع إلى التأخر في إنهاء عملية مسح الأراضي، غياب الجرد العام للممتلكات المبنية وغير المبنية، ضعف التنسيق بين مصالح إدارة الضرائب، والأملاك الوطنية والجماعات المحلية، ونقص عدد التدخلات و الموظفين.وسجل التقرير أيضا ضعف حصيلة الرسم على الأعمال ،بسبب تنامي السوق الموازية . وسجل التقرير عدم قدرة وزارة المالية على التدقيق في أرقام بنك الجزائر، وأرباح شركة سوناطراك، وقال في تقريره أن وزارة المالية تكتفي بتقييد هذه الأرباح دون إجراء أية رقابة على صحتها ومصدرها. وفي مجال الجباية النفطية سجل التقرير أن ترتيبات التسيير والوسائل الداخلية للجباية البترولية لم تشهد تطورا جوهريا رغم النصوص التعديلية التي طرأت منذ إصدار القانون المتعلق بقوانين المالية في 1983. كما سجل وجود نقائص "في الممارسة والأداء السليم والملائم لمهام مختلف المتدخلين " ، ولفت إلى أن مديرية كبريات المؤسسات لا تقوم بدورها في تقييم الجباة النفطية حيث لا تتوفر إلا على ثلاثة أعوان على مستوى الجباة البترولية. ولا تتوفر على وسائل ملائمة للتحقق من التصريحات المقدمة إليها. في نفس السياق سجل التقرير ان سلطة ضبط المحروقات ، التي أنشأت بموجب قانون المحروقات لسنة 2005، غير عملية ليومنا هذا، في حين تبقي وكالة الوكالة الوطنية لتثمين المحروقات "النفط" غير ناجعة رغم الصلاحيات الموسعة التي تحوز عليها.و سجل بهذا الخصوص أن شركة سوناطراك تستمر في خرق التشريعات وفي تحديد الإتاوة و الضرائب والرسوم المستحقة بموافقة المدرية العامة للضرائب و النفط على أساس كتيب أو دليل يفتقد لأي قوة قانونية. وتوج التقرير تقييمه السلبي لأداء قطاع الجباية بغياب الفعالية للمجلس الوطني للجباية ، فهذه الهيئة تبقي غير عملية رغم صدور النصوص التنظيمية . و أرجع مجلس المحاسبة الاختلال في قطاع الجباية والضرائب إلى عدم تعاون بعض الوزرات و الهيئات العمومية و المؤسسات الاقتصادية و التجارية فيما يخص الاطلاع المخول قانونا لقطاع الإدارة الجبائية، و يتجلى ذلك من خلال التأخر في الرد على طلبات المعلومات، وغياب شبكة وطنية للإعلام تمكن من الاطلاع على العمليات المصرفية. عشرات الآلاف من المناصب شاغرة وأشار تقرير المجلس، إلى إحصاء عشرات آلاف مناصب العمل الشاغرة في تسع دوائر وزارية، ويتعلق الأمر بوزارات التربية والعدالة والتعليم العالي والداخلية والصحة والتكوين المهني والشؤون الدينية والثقافة والفلاحة وقال التقرير أن العديد من مناصب الشغل ظلت شاغرة على مستوى المصالح الإدارة المركزية والمحلية بالرغم من أن الدولة رصدت لها مخصصات مالية. ويتعلق الأمرب42556 منصب في قطاع التربية، و 10733 في قطاع العدالة، و 20705 منصب في قطاع التعليم العالي و 18349 في قطاع الصحة و 6309 في قطاع التكوين المهني. وقال التقرير، بأن التحقيقات التي قامت بها اللجنة المكلفة بالملف، كشفت وجود فارق كبير بين تعداد الموظفين الحقيقيين، وعدد الموظفين الشاغلين لمناصب فعلية. وفسر التقرير هذه الوضعية التي أكد تسجيلها على مدار السنوات السابقة بعدم تجسيد المخططات السنوية لتسير الموارد البشرية بعنوان السنة المالية والتي من أجلها فتحت مناصب مالية رغم تخفيف القيود التي أدخلت على إجراءات التوظيف بموجب التعليمة التي وجهها الوزير الأول عبد المالك سلال الرامية إلى تسهيل إجراءات التوظيف في الوظيف العمومي. وأقر التقرير أن شغور المناصب المالية الذي مس معظم القطاعات بنسب متفاوتة وصلت في البعض منها وعلى رأسها قطاع التربية إلى أكثر من 30 بالمئة اثر بشكل ملحوظ على الأهداف و المهام المسندة لتلك القطاعات.