فتح ورشة بسيدي الجليس لتصليح الآلات الموسيقية الوترية بادر أستاذان في الموسيقى من عشاق الفن الأصيل بقسنطينة بفتح ورشة صغيرة لتصليح الآلات الوترية من عود وكمان وكذا قيثارة في حي سيدي جليس العتيق، وسط المدينة القديمة، وهذا في مبادرة لبعث الحرفة التي اختفت منذ أواخر الثمانينيات، بعد هجرة الحرفي محيمدات مهدي إلى فرنسا، الوحيد الذي كان يصنع العود العربي والكمان في رحبة الجمال بقسنطينة، و قد علمنا من معارفه بأنه يمارس نفس الحرفة حاليا بالمهجر. المبادرة انطلقت منذ حوالي ثلاثة أشهر في دكان جد ضيق مساحته لا تتجاوز أربعة أمتار مربعة ،لكنه تحول إلى خلية نحل،جراء كثافة الحركة فيه طلبا للخدمة التي اندثرت منذ أكثر من عشريتين.و ذلك بعد أن ذاع خبر عودتها في أوساط عشاق فن المالوف الذين هم بحاجة ماسة إلى الاستعانة بحرفيين في هذا المجال،بعد أن بقيت الكثير من آلاتهم الوترية ملقاة في زوايا مهملة طيلة سنوات. داخل الدكان وجدنا بعض هذه الآلات وقد عاد إليها تألقها و استعادت فعاليتها بفضل أنامل صاحبي المشروع وهما على التوالي الشيخ باجين رقيق وبتشين حسين و قد قالا للنصر، بأن اختفاء الحرفة حزّ في نفسيهما في حاضرة على غرار قسنطينة واعتبرا نفسيهما مقصرين في حقها، وهما على دراية بأصول و قواعد الحرفة النادرة و شغوفين بممارستها، مما حفّزهما على القيام بالمبادرة،و أضافا بأنهما يرميان إلى إطلاق ورشة لصناعة العود العربي الذي يتميز عن المشرقي بالعدد الزوجي لأوتاره، مشيرين إلى أن حرفيا واحدا فقط لا يزال يصنعه بقسنطينة. الحرفيان يطلبان عبر جريدة النصر ،من المسؤولين عن قطاع الثقافة بالولاية ،منحهما محلا أوسع بوسط المدينة بالصيغة التي يجدونها مناسبة و ذلك لبعث الحرفة ونقلها للأجيال القادمة باعتبارها إحدى الحرف المهددة بالاندثار،خاصة و قسنطينة لا تزال تأمل في فتح دار العود الذي أطلقه ناصر شمة منذ سنوات،وهي مقبلة على احتضان تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية. حسين ورقيق يعتمدان اليوم في ظل ندرة الحطب المستعمل في الحرفة على جارهما حرفي النحاس الذي يتيح لهما فرصة البحث عن قطع يمكن استعمالها في حرفتهما قبل أن يستعمل ما جلب من بقايا الحطب من النجارين في إشعال كيره. الحرفيان أكدا بأنهما لم يستطيعا لحد اليوم طرق أبواب المسؤولين مباشرة طلبا للمساعدة وما أقدما عليه مبادرة شخصية لبعث حرفة تتجه نحو الانقراض.