لقيت الدعوة إلى إضراب عام غير محدود في كوت ديفوار التي وجهها معسكر الرئيس المنتخب حسن واتارا لتضييق الخناق المفروض منذ شهرين على لوران غباغبو الى ان يغادر الحكم استجابة وسط تنبؤات بحدوث "انفراج طفيف" في الوضع بعد "العرض الجديدا للسلام"الذي قدمته الوساطة الافريقية لكسر جمود الازمة السياسية. وعرفت العملية "البلد الميت" التي تهدف الى شل العاصمة ابيدجان استجابة لدى سكان اهم الاحياء الشعبية فيها التي تخضع منذ حوالي اسبوعا لحظر ليلي عقب مواجهات دامية حيث تقلصت حركة المرور واغلقت المحلات التجارية فيها وبالخصوص في تلك الاحياء التي تعتبر اهم معاقل الرئيس المنتخب حسن واتارا. وعلى غرار هذه الاحياء فان الاجواء كانت مماثلة الى حد ما بمدينة بواكي الواقعة وسط البلاد والتي تعتبر معقل القوات الجديدة (المتمردون السابقون) الموالية للرئيس المنتخب واتارا باستثناء بعض المحلات التجارية التي باشرت نشاطاتها. اما في بعض الاحياء الاخرى في ابيدجان فان الدعوة لم تلق الصدى المطلوب اذ ان الحركة كانت "عادية" وفقا لمصادر اعلامية. ودعا إلى هذا الإضراب العام تحالف الرئيس واتارا "تجمع الهوفويين من اجل الديمقراطية والسلام" و اراده اضرابا "غير محدودا" الى ان يغادر الرئيس المنتهية عهدته غباغبو السلطة لصالح واتارا الفائز في الانتخابات بمصادقة المفوضية العليا للانتخابات و الاممالمتحدة و ب"مباركة" دولية. ويأتي هذ الاضراب العام غذاة تجديد الوساطة الافريقية لمساعيها الرامية الى اقناع الرئيس غباغبو بالرحيل لفسح لمجال لخصمه واتارا لمباشرة نشاطاته كرئيس شرعي لكوت ديفوار بعد تزكية "واسعة" من المجتمع الدولي. وتحمل المهمة الحالية للوساطة الافريقية "بصيصا من الامل في التوصل الى انفراج " في الوضع بالنظر الى تصريحات الوسيط الافريقي ورئيس وزراء كينيا رايلا اودينغا التي ترجح ان يتم عقد لقاء قريب بين واتارا وغباغبو وذلك بعد المحادثات التى أجراها مع هذا الاخير حيث وصفها بالمثمرة. مشيرا إلى أنه سينقل حصيلة هذه المحادثات إلى واتارا. ورحب معسكر غباغبو بفكرة التحاور مع المعسكر الخصم وفقا لما اكده المتحدث عنه دي ميللو و لكن لمتحدث باسم الحسن واتارا" استبعد إى إمكانية لإجراء لقاء مباشر مع غباغبو قبل إعلانه بشكل واضح تنازله عن السلطة". وأمام تعقيدات هذا الموقف "غير المسبوق" تجد الوساطة الافريقية "صعوبة كبيرة" في فك خيوط الازمة السياسية التي تشعبت وادخلتها تداعيات الوضع في طريق "مسدود" لكنها تحاول مجددا اقناع غباغبو و "بضمانات" لترك السلطة بعدما فشلت في العديد من المرات في تحقيق"الهدف المنشود". ويرى المراقبون بان المهمة الافريقية "ليست بالهينة بالنظر الى اصرار كل طرف على موقفه فغباغبو يرفض اطلاقا التنازل عن السلطة رغم الضغوط الدولية و القيود الاقليمية المفروضة عليه و التي ذهبت حتى الى التهديد باللجوء الى التدخل العسكري لتنحيته و بالمقابل يرفض واتارا التنازل عن منصب الرئيس لانه هو الفائز في الانتخابات معلنة و مصادق عليها من طرف مفوضية العليا للانتخابات و الاممالمتحدة و بتاييد دولي "واسع". وتأتي مساعي الوساطة الافريقية في الوقت الذي اجتمع فيه رؤساء الاركان دول التجمع الاقتصادي لدول غرب افريقيا (ايكواس) اليوم في باماكو عاصمة مالي لبحث ما جاء في قرارات اجتماع ابوجا في نهاية الشهر الماضي لبحث مبدا القوة "المشروعة" التي اعتمدها اغلب الدول الاعضاء في التجمع الاقليمي ك"خيار اخير"لحمل غباغو على مغادرة الحكم. وجاء اجتماع باماكو استكمالا لاجتماعات رؤساء أركان إيكواس التي تم خلالها الاتفاق على استمرار تطوير"الجاهزية العسكرية" للتدخل توازيا مع جهود المفاوضة السياسية التى يقوم بها قادة إيكواس وذلك برغم تحفظ غانا على المشاركة بقوات فى حالة تفعيل هذا الخيار . و كان رئيس "ايكواس" جوناثان غوودلاك و رئيس مفوضية التنفيذي للتجمع جيمس فيكتور جيهو قد اكدا ان "خيار التدخل العسكرى الجماعى" فى كوت ديفوار "لا يزال مفتوحا فى حالة استنفاذ كافة فرص التفاهم السلمى لحسم الموقف". وفي هذا الاثناء اجل مجلس الامن في اجتماع عقد اليوم بنيويورك التصويت عن قرار بارسال 2000 جندي لتعزيز مهام قوات حفظ الامن الاممية المتواجدة في كوت ديفور لكي تصل الى 11500 جندي لعدنم موافقة روسيا على ذلك. وسيعقد المجلس الامن اجتماعا نهاية الشهر الحالي في اعقاب سلسلة الهجمات المتتالية التي يشنها جنود موالون لغباغبو على دوريات وأفراد قوات حفظ السلام الأممية العاملة فى أبيدجان. وتعرضت دوريات تابعة للقوات الاممية كانت تنتظر اليوم امام فندق باالعاصمة قدوم الوسيط الافريقي اودينغا لاجراء المحادثات مع معسكر غباغبو لاطلاق النار.وقتل شخص على الاقل في عملية لاطلاق نار فى منطقة تابعة لأنصار الرئيس واتارا في ابيدجان. وتسببت أعمال العنف التي أعقبت الانتخابات الرئاسية في كوت ديفوار في مقتل 247 شخصا منذ منتصف ديسمبر الماضي, وفقا لتقرير للأمم المتحدة. وعلى صعيد آخر، تتواصل العقوبات الدولية المفروضة على الرئيس المنتهية عهدته حيث اتخذ الاتحاد الاوروبي إجراءات عقابية ضد عائدات السندات الإيفوارية المتداولة فى بورصاته والبالغ قيمتها 2ر3 مليار دولارر أمريكى وتجميد عائدات تقدر بنحو 30 مليون دولار أسبوعيا لهذه السندات فضلا عن حظر سفر غباغبو و 58 من ومعاونيه وعائلاتهم إلى الأراضى الأوروبية.