لم تتوصل جهود الوساطة الإفريقية إلى حل للازمة السياسية في كوت ديفوار في ثان مهمة لها تهدف إلى اقناع الرئيس المنتهية عهدته ولايته لوران غباغبو التنحي من السلطة لصالح الرئيس المنتخب حسن واتارا الذي أعلن عن انتهاء المباحثات مطالبا خصمه بالانسحاب "في اقرب الآجال". وأمام تحدي"واضح" لكل الضغوطات والقيود الإقليمية والدولية المتزايدة التي أدت إلى عزلته "تماما"رفض غباغبو الذي أعطاه المجلس الدستوري الفوز في الانتخابات الرئاسية رغم إعلان المفوضية العليا للانتخابات فوز منافسه حسن واتارا رئيسا لكوت ديفوار التخلي عن منصبه الرئاسي ضاربا المساعي الإفريقية "عرض الحائط". وتجاهل غباغبو الذي يحظى بدعم الجيش مطلب الوسطاء الأفارقة الثلاثة التي أوفدتهم المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا/ايكواس/و هم رؤساء سيرليون والبنين و الرأس الاخضر/ رفقة ممثل الاتحاد الإفريقي رئيس الوزراء الكيني رايلا اودينغا بعد مباحثات أجروها معه أمس في القصر الرئاسي بأبيدجان لبضع ساعات ليجتمعوا بعدها مع الرئيس المنتخب حسن واتارا فى فندق"الغولف"الخاضع لحراسة قوات حفظ السلام الأممية. وقبيل مغادرتهم ابيدجان باتجاه ابوجا عقد الوسطاء الافارقة الاربعة اجتماعا ثانيا مع غباغبو دون احراز "ادني تقدم" في ظل اصرار هذا الاخير التشبت بالسلطة الا انهم قالوا "نكتفي بالقول بان المباحثات ستستمر". و فور وصولهم الى العاصمة الفيدرالية لنيجيريا اجتمع الموفدون الافارقة مع الرئيس غودلوك جوناثان وهو الرئيس الحالي للتجمع ايكواس لاطلاعه على تقرير عن مهمتهم في ابيدجان. لكن الرئيس المنتخب واتارا اكد عقب لقائه مع الوسطاء الافارقة بان"باب المباحثات قد اغلق و لابد ان يغادر غباغبو السلطة في اقرب الاجال"رافضا تشكيل"لجنة تقييم "التي اقترحها خصمه غباغبو لانهاء الصراع الذي افرزته نتائج انتخابات 28 نوفمبر الماضي. وتطالب ايكواس بانسحاب غباغبو من السلطة لصالح الرئيس المنتخب حسن واتارا و الا فان استخدام "القوة المشروعة" سيكون الخيار الوحيد الذي ستلجا اليه في" اخر المطاف" وهو الامر الذي تجرى الاستعدادات لتنفيذه. وفي هذا السياق كان رئيس ايكواس قد صرح بان المنظمة الاقليمة ستصدر ابتداء من اليوم الثلاثاء قرارا بشان "خطوات جديدة ستنفذ فيما يتعلق الوضع في كوت ديفوار". ومن جانبه قال وزير اعلام سيراليون ابراهيم بن كاربو ان"التجمع الاقليمي لدول غرب افريقيا /إيكواس/ مستعد لاستخدام القوة كملاذ آخير لاجبار غباغبو على التنحية". وأضاف "ان لجنة ايكواس لن تسمح لغباغبو بالبقاء فى السلطة لكنها ترغب ايضا في ان يتنحى بشكل يحفظ الكرامة ويمكن استخدام القوة المشروعة ك"خيار أخير" لكننا نعتقد ان غباغبو يمتلك من الحكمة الكافية مايجعله يقنع نفسه بالتنحي عن السلطة قبل ان نبلغ هذا الحد". وكان غيوم سورو رئيس وزراء واتارا وزعيم القوات الجديدة/المتمردون السابقون/ قد دعا بالحاح المجتمع الدولي الى إزاحة غباغبو بال"قوة" إذا ما مضى في تجاهله للدعوات "المتكررة" من اجل الانسحاب من الحكم. وكان باغبو الذي يصر على الاحتفاظ بمنصبه الرئاسي و عدم الرضوخ للضغوطات "مهما كانت" قد جدد مطالبته برحيل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والقوات الفرنسية المساندة لها معللا ذلك بإطلاقها النيران على المدنيين متهما المجتمع الدولي ب"محاولة القيام بانقلاب عليه". و للمساهمة في إنهاء مسلسل الصراع في كوت ديفوار قالت الولاياتالمتحدة أنها مستعدة لاستقبال الرئيس غباغبو اذا طلب للمساعدة على وضع حد للازمة في بلاده. وقال مسؤول أمريكي الذي رفض الكشف عن هويته في تصريح"نريده أن يرحل واذا أراد المجيء إلى هنا فسننظر بالتأكيد إلى هذه الإمكانية كوسيلة لحل الأزمة الحالية". واضاف "لكن كل الإمكانيات قد تختفي بسرعة بسبب ما يحصل على الأرض" مشيرا إلى أن "كل المؤشرات التي في حوزتنا في الوقت الراهن فانه متشبث برأيه ". و قد أدى الوضع الأمني المتأزم في كوت ديفوار إلى تدهور الوضع الإنساني حيث أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن إنشاء أول مخيم للاجئين القادمين من كوت ديفوار في ليبيريا والذين يواصلون في التدفق يوميا خشية من وقوع حرب أهلية في البلاد. و أوضحت المفوضية الاممي انه "تم تسجيل 18.091 لاجئ في ليبيريا الذين يواصلون التدفق يوميا حيث يصل من 400 إلى 500 لاجئ يوميا. و يفر الايفواريون من أعمال العنف المندلعة في بلادهم والذي وصفه مجلس الأمن الدولي ب"أعمال وحشية" والتي يمكن أن تتسبب في وقوع "جرائم ضد الإنسانية". ويوجد حاليا نحو 200 لاجئ إيفواري في غينيا كما أعرب الاتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر عن مخاوفه من تدفق اللاجئين إلى بوركينا فاسو ومالي وغانا. و على صعيد آخر أكد سيمون مونزوالمكلف بالتحقيق في وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان في كوت ديفوار"وجود أدلة على وقوع عمليات قتل خارج نطاق القانون" في ظل الأزمة السياسية التي أعقبت الإنتخابات الرئاسية فيما أبلغت بعض عائلات الضحايا بنفسها عن تعرض ذويهم للقتل "خارج نطاق القانون" والاختفاء. و تتهم منظمات حقوق الإنسان أنصار الرئيس غباغبو بتنفيذ عمليات اختطاف للمعارضين له في الوقت الذي تقدر فيه الأممالمتحدة عدد الأشخاص الذين قتلوا أو فقدوا على مدار الشهر الماضي وحده قد بلغ 200 شخص معظمهم من مؤيدي واتارا.