انخفضت حدة التوتر بين تونس وايطاليا في اعقاب توقف موجات الهجرة السرية التونسية نحو الجنوب الايطالي خاصة في اتجاه جزيرة "لامبيدوزا" في الوقت الذي تضاعفت فيه الاتصالات والمشاورات الدبلوماسية على الصعيد الأوروبي بغية ايجاد حلول لهذه الظاهرة. فالامر يتعلق حسب مصادر دبلوماسية أوروبية بالتحرك على جبهتين الأولى تتمثل في تفعيل أنشطة وكالة "فرونتاكس" لحماية الحدود الأوروبية التي بمقدورها إقامة حواجز بحرية عسكرية من حول هذه الجزيرة الايطالية الصغيرة مما يسمح بمراقبة المهاجرين النازحين من تونس نحو القارة الاوربية وثانيا تنشيط وتفعيل الاتفاقيات الثنائية بين ايطاليا وتونس الموقعة بين البلدين في السابق. وعلى هذا الاساس فان البلدين اتفقا على تجسيد وتطبيق خطة عمل لمواجهة الهجرة غير الشرعية وذلك بمناسبة الزيارة الخاطفة التي قام بها إلى تونس رئيس الدبلوماسية الايطالية السيد فرانكو فراتيني. واصبح الامر يتعلق بارساء اسس للتعاون العملي بين البلدين في كنف احترام السيادة التونسية من ذلك منح تونس مجموعة من المساعدات تتمثل بالخصوص في تجهيزات ذات تكنولوجيا رفيعة للجيش التونسي وسفن للمراقبة وشبكة من الرادارات للتدريب ومعدات تقنية أخرى. ومن أجل التعجيل في وضع حد نهائي لتدفق الاف المهاجرين التونسيين نحو التراب الايطالي اكدت روما تقديم مساعدات مالية عاجلة لتونس بقيمة 5 خمسة ملايين يورو تسمح بتمويل مشاريع تقترحها حكومة الوحدة الوطنية لتونسية المؤقتة مع اعادة تنشيط خطوط التمويل القديمة بقيمة مائة مليون يورو لاحداث مشاريع سيتم طرحها بمناسبة مشاركة ايطاليا في الندوة الدولية التي تعتزم تونس تنظيمها في شهر مارس القادم بقرطاج حول الاصلاحات السياسية والاقتصادية التي تنتهجها الحكومة التونسية الائتلافية. وتجدر الاشارة إلى ان الاف من المهاجرين التونسيين غير الشرعيين قد تدفقوا فى الاونة الاخيرة على الاراضي الايطالية هروبا من تردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية حيث طرح وزير الداخلية الايطالي مقترحات تقضي بتمركز عناصر تابعة للشرطة الايطالية على الاراضي التونسية للتصدي لهذه الظاهرة وهي الدعوة التي عارضتها الحكومة التونسية بكل شدة معتبرة ان الامر يتعلق بالسيادة الوطنية وبالتالي فان تونس لن تقبل باي تواجد عسكري اجنبي على اراضيها. ومن هذ المنطلق فان الاتحاد الاوربي تدارس المطالب الايطالية والتونسية في ان واحد من أجل تقديم المساعدات الطارئة للجانبين مما يكفل احتواء معضلة تدفق آلاف المهاجرين التونسيين على جزيرة "لامبيدوزا". وبغية تجسيد الدعم الاورربي لتونس على ارض الواقع وانجاح المرحلة الانتقالية التي يمر بها هذا البلد اعلنت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون عن تقديم منحة لدعم الاقتصاد التونسي مبلغها 258 مليون يورو من الان و إلى غاية 2013 . وأعربت عن مساندة الاتحاد "بكل قوة" للمسار الديمقراطى في هذا البلد ملاحظة ان نحو 17 مليون يورو سيتم صرفها للحكومة التونسية بصورة فورية. وبهذا الصدد جرت مناقشات بين اشتون وكبار المسؤولين في البنك الأوروبي للاستثمار حول المستجدات التي تعرفها الساحة التونسية حيث توج هذا الحوار بامكانية تأمين اعتمادات قدرها مليار يورو سيتم توظيفها في دعم المؤسسات المتوسطة والصغرى ومشاريع البنية الأساسية بتونس. كما يعتزم الاتحاد الأوربي في هذا المضمار مساندة حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية قصد تنظيم المؤتمر الدولي حول الاصلاحات السياسية والاقتصادية في تونس الذي من المقرر عقده بقرطاج خلال شهر مارس المقبل. وبعد المشاورات المكثفة التي اجراها العديد من كبار المسؤولين الاوربيين مع المسؤولين التونسيين قصد انجاح الاصلاحات السياسية والاقتصادية المسطرة برز شبه اجماع من طرف البلدان الاوربية على ضرورة منح تونس مرتبة الشريك المتقدم بغية تجاوز الصعوبات التي تواجهها في الوقت الراهن وتحقيق الإصلاح السياسي وتأمين التحول الديمقراطي. وقد دعت اشتون إلى "ضرورة مواصلة كل الاطراف السياسية التونسية التعاون" فيما بينها وتطبيق خارطة طريق "واضحة " تتضمن الاصلاحات السياسية والاقتصادية "وكيفيات تنفيذها بشكل عاجل" معربة عن موقف الاتحاد الاوربي "المؤيد" للتغيير والتحرك نحو تجسيد عهد الديمقراطية. والجدير بالذكر ان الاتحاد الاوربي يمنح تونس حاليا مساعدات مالية بقيمة 90 مليون يورو سنويا في شكل هبات فيما قدم البنك الاروبي للاستثمار لتونس العام الفارط قرضا بقيمة 500 مليون يورو مخصصة لتشييد هياكل ومنشات علاوة على قرار اتخذه نفس البنك بتقديم مساعدات من أجل تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية بعد 6 شهور من الان. كما تتصور هذه الهيئة المالية الاوربية رفع مستوى المساعادت الاقتصادية المبرمجة خلال الثلاث سنوات القادمة لفائدة تونس.