يعرف المشهد السياسي في كوت ديفوار منعرجا خطيرا وسط تصعيد امني غير مسبوق طيلة اسبوع من المواجهات خلفت العشرات من القتلى و الجرحي فيما تستعد المجموعة الافريقية الرفيعة لبلورة موقفها قبل تطبيق "خيار ملزم قانونيا و نهائيا" على طرفي النزاع في البلاد لانهاء الازمة السياسية المستعصية. ولم تتوقف المواجهات بين قوات الامن و الدفاع الموالية للرئيس المتهية عهدته لوران غباغبو و الرئيس المنتخب حسن واتارا طيلة أسبوع كامل الا بعدما حصدت عشرات القتلى و الجرحى في العاصمة ابيدجان و غرب البلاد /منطقة الفصل بين طرفي النزاع/ والعاصمة السياسية ياموسوكرو وفقا لوسائل الاعلام. ويعتبر حادث القصف المدفعي الذي وقع في ياموسوكرو "الاكثر تصعيدا" بعد سلسلة من المواجهات بين طرفي النزاع منذ تفجر الازمة السياسية في كوت ديفوار التي اعقبت انتخابات نوفمبر الماضي. وكانت هذه الاشتباكات قد تفجرت غداة وصول وفد المجموعة الافريقية الرفيعة المستوى التي كلفها الاتحاد الافريقي بالتوصل الى حل للازمة الايفوارية التي دخلت شهرها الثالث. وقد دعا غيوم سورو رئيس وزراء حكومة الحسن واتارا والزعيم السابق لحركة "القوات الجديدة" المتمردة الإيفواريين خلال الأيام القليلة الماضية على القيام ب"ثورة شعبية" ضد غباغبو لتنحيته من الحكم بعدما اخفقت كل الجهود الافريقية و الاقليمية و كذا العقوبات الدولية لحمله على التخلي عن السلطة. وطالب سورو الشعب الإيفواري ب"ضرورة أخذ زمام مصيره بنفسه والتحلي بالقوة والشجاعة لطرد غباغبو من السلطة" وحث الإيفواريين على إجراء المشاورات والمناقشات فيما بينهم في القرى والمدن والقيام بثورة نظرا لتباطؤ وتيرة خطوات "الاتحاد الأفريقي في مسار الازمة في كوت ديفوار. ومن جانبه أكد الجنرال فيليب مانجو رئيس أركان حرب قوات الدفاع والأمن الموالية لغباغبو أن العمل يتواصل في حي "أبوبو" بابيدجان الذي كان مسرحا لاحداث دامية الاسبوع الماضي بين القوات النظامية و انصار واتارا. و يرى مراقبون ان الاشتباكات الاخيرة هي "بداية لمرحلة جديدة في الصراع على السلطة في كوت ديفوار وعودة للحرب الاهلية فيها بعد وقف لاطلاق النار استمر ستة اعوام و الذي تم اليوم كسره". وأمام تردي الوضع الامني في كوت ديفوار يجتمع وفد الرؤساء الافارقة الخمس يوم 4 مارس المقبل في نواكشط بعد وساطة اجراها في 21 فيفري الجاري في ابيدجان و ذلك لبلورة موقف على آساس تقرير"حاسم" اعده وفد الخبراء الافارقة قبل اتخاذ اجراءات تكون "ملزمة قانونيا" و "نهائيا" لطرفي النزاع في كوت ديفوار لانهاء حالة الانسداد التي دخلت شهرها الثالث. و سيعكف الاجتماع حسب مصادر اعلامية على بلورة المقترحات المنبثقة عن قمة نواكشوط الاولى ونتائج الوساطة التي اجروها في كوت ديفوار واستنادا الى تقرير الخبراء الافارقة "المفصل" و بالتنسيق مع الاممالمتحدة وذلك للخروج بنتائج ستكون "ملزمة" "قانونيا" و"نهائيا" على الرئيسين الايفواريين. وكان معسكر الرئيس المنتخب واتارا قد حذر ان مهمة الرؤساء الافارقة المفوضين من قبل الاتحاد الافريقي لايجاد مخرج للازمة السياسية في كوت ديفوار "مهمة الفرصة الاخيرة" في ظل فشل سلسلة من الوساطات الافريقية منذ تفجر الازمة في تحقيق اهدافها. ويذكر أن الاتحاد الافريقي قد أقر خلال أشغال قمته الاخيرة بأديس ابابا تشكيل لجنة تتكون من خمسة رؤساء أفارقة وهم جاكوب زوما (جنوب افريقيا) و جاكايا كيكويت (تنزانيا) وبليز كامباوري (بوركينا فاسو) ادريس دبي (تشاد) برئاسة رئيس موريتانيا محمد بن عبد العزيز و ذلك في اطار المساعي الرامية لايجاد تسوية للازمة الايفوارية. وقتل في كوت ديفوار 315 شخصا منذ تفجر الازمة السياسية حسب تقرير الاممالمتحدة فيما بلغ عدد النازحين الى الدول المجاورة 82 الف شخصا. وأوضحت البعثة الاممية في كوت ديفوار في بيان لها ان عدد القتلى تجاوز 296 شخصا من بينهم 22 قتيلا الاسبوع الماضي.