تونس - يتوجه الناخبون التونسيون يوم الأحد المقبل إلى صناديق الاقتراع من أجل اختيار أعضاء المجلس التأسيسي الذي سيتولى إعداد الدستور للبلاد ووضع أسس نظام سياسي جديد وتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية وصولا إلى إعادة الشرعية إلى مؤسسات الدولة. وحسب المعطيات الرسمية فان الظروف أضحت مواتية والشروط أصبحت مناسبة من أجل إجراء أول استحقاق تعرفه البلاد منذ الإطاحة بالنظام البائد في 14 يناير المنصرم. فلقد تم تزويد كل مراكز ومكاتب التصويت بالمستلزمات الكفيلة بإجراء الاقتراع فيما انتشر كل الأعوان والمؤطرين البالغ عددهم 50 ألف عونا بالدوائر الانتخابية ال 27 في كل مناطق تونس. كما تم اعتماد لغاية الساعة حوالي 10 آلاف مراقب تونسي يمثلون الجمعيات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني لمواكبة انتخابات أعضاء المجلس التأسيسي بالإضافة إلى أكثر من 600 ملاحظ أجنبي يمثلون العديد من المنظمات والهيئات والمؤسسات الدولية والإقليمية. أما هيئة المحامين التونسيين فقد قررت تأسيس مرصدا أطلق عليه اسم " شاهد" يهدف إلى مراقبة المسار الانتخابي وبالتالي الإسهام في إنجاح هذا الاستحقاق بما " يؤسس لقيام جمهورية ترتكز على أسس الديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان" حسب تصريح عميد المحامين التونسيين الأستاذ عبد الرزاق الكيلاني. وتكمن الغاية من تأسيس المرصد في معاينة التجاوزات والاخلالات والانحرافات التي قد تصدر عن جميع الأطراف المتدخلة في العملية الانتخابية وذلك بواسطة ملاحظين منتشرين في كامل التراب التونسي والمساهمة في تقديم الإرشادات والاستشارات القانونية من طرف فريق من المحامين التونسيين الذين بلغ عددهم قرابة 90 محام يتولون تقديم الإيضاحات القانونية وتسجيل كل الاختلالات. ومعلوم أن عملية " تصويت بيضاء" جرت مؤخرا بتونس العاصمة وكللت بالنجاح فتقرر تكرار عمليات التصويت الأبيض كي تمس كل مكاتب ومراكز التصويت في جميع الولايات. وبخصوص مكاتب التصويت - التي بلغ عددها 7361 عبر 27 دائرة انتخابية - فإنها ستفتح أبوابها يوم 23 أكتوبر في تمام الساعة السابعة صباحا لغاية السابعة ليلا فيما تبدا عملية الفرز مباشرة بعد انتهاء عملية التصويت مع إمكانية الإعلان عن النتائج النهائية يوم 24 أكتوبر الجاري. أما فيما يخص التصويت بالخارج فان حوالي مليون ناخب تونسي سيدلون بأصواتهم أيام 20 -21- 22 أكتوبر الجاري من أجل اختيار 19 عضوا من أعضاء المجلس التأسيسي القادم البالغ عددهم 218 عضوا . وحسب رئيس الهيئة التونسية العليا المستقلة للانتخابات فانه يمكن التحدث عن نجاح الاقتراع إذا ما شاركت في عمليات التصويت نسبة 60 بالمائة أو اكثر من المواطنين الذين يحق لهم التصويت والبالغ عددهم 7 ملايين مواطنا والذين سجل منهم 4 ملايين أنفسهم ضمن القوائم الانتخابية فيما يمكن للذين لم يسجلوا أنفسهم لحد الآن التصويت ببطاقة التعريف فقط ضمن الدوائر الانتخابية التابعة لمقر إقامتهم. وسجل رئيس الهيئة أن الحملة الانتخابية لغاية الساعة جرت في ظروف جد عادية وسط أجواء من الهدوء والطمأنينة دون تسجيل أي حوادث تذكر مبينا أن انتخابات المجلس التأسيسي تعتبر "محطة تاريخية لتكريس " المطالب والأهداف الكبرى التي رفعها التونسيون في ثورة 14 يناير وهي " الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة والمساواة وحقوق الإنسان ". وبخصوص الإجراءات الأمنية المتخذة من أجل السير الحسن للاستحقاق أكدت الحكومة التونسية الانتقالية تخصيص 42 ألف جندي وشرطي لضمان الأمن خلال الانتخابات التي تشهدها البلاد. وأفادت وزارتا الدفاع الوطني والداخلية بأنه تم تسخير 22 ألف عسكري وحوالي 20 ألفا من رجال الأمن الداخلي لتأمين حسن سير انتخابات المجلس الوطني التأسيسي علاوة على تخصيص 2500 وسيلة نقل بري و 14 وسيلة نقل جوي لنقل صناديق الاقتراع وكل متطلبات العملية الانتخابية. وبينت الوزارتان أن جميع مكاتب الاقتراع البالغ عددها 7361 مكتبا سيتم تأمينها بعناصر عسكرية مسلحة قارة علاوة على تسيير دوريات عسكرية مشتركة مع الأمن الوطني. ولفت العميد مختار بن ناصر إلى أن الاستعدادات انطلقت بسلسلة من اللقاءات جمعت ممثلين عن وزارة الدفاع الوطني ووزارة الداخلية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات تم على إثرها ضبط كل الإجراءات العملية بهدف تأمين انتخابات المجلس التأسيسي . وبدوره أفاد ممثل وزارة الداخلية هشام المؤدب أن دائرته الوزارية قامت بدراسة أمنية لكل مركز اقتراع وتم تخصيص عدد يتراوح بين 2 و10 أعوان لكل مركز حسب ما تقتضيه الحالة موضحا أن الانتخابات القادمة ستتم في أحسن الظروف من الناحية الأمنية داعيا إلى "عدم تصديق الإشاعات التي تروج عكس ذلك". ************* حضور مكثف للملاحظين الدوليين في تونس لمراقبة انتخابات المجلس التأسيسي تونس - تواكب انتخابات المجلس التأسيسي التونسي المقررة يوم الأحد العديد من فرق الملاحظين التونسيين والاجانب الذين سيتابعون مجريات اول انتخاب ينظم في البلاد بعد الاطاحة بالنظام البائد يوم 14 يناير المنصرم. ويبلغ عدد الملاحظين التونسيين الذين تم اعتمادهم حوالي 10 الاف ملاحظ يمثلون الجمعيات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني علاوة على اكثر من 600 مراقب اجنبي يمثلون العديد من المنظمات والهيئات والمؤسسات الدولية والإقليمية. ووافقت العديد من المنظمات الدولية والهيئات الغير حكومية على الاسهام في مراقبة هذا الاستحقاق من خلال ايفاد مندوبيها لمتابعة مختلف مراحل المسار الانتخابي من ذلك مركز "كاتر " الذي يراسه الرئيس الامريكي السابق جيمي كاتر والذي سيشرع في مهامه من خلال بعثة من الملاحظين الذين يبلغ عددهم 130 ملاحظا ينتمون إلى 40 دولة. كما أكد بدوره المعهد " الجمهوري" الامريكي- الذي يترأسه السيناتور جون ماكين - استعداده للاسهام في مراقبة عملية الاقتراع من خلال فريق من الملاحظين. أما المعهد" الديموقراطي" الامريكي للشؤون الدولية فقد اوفد بعثة تتالف من 49 شخصية من 17 دولة من بينهم الرئيسين السابقين لدولتي البيرو "أليخاندرو توليدو" وبوليفيا "خورخي فرناندو كيروغا". وذكر المعهد الديموقراطي الامريكي للشؤون الدولية ان عملية مراقبة الإنتخابات في تونس ستتم بما " يتوافق مع المعايير المنصوص" عليها في إعلان مبادئ المراقبة الدولية للإنتخابات. ومعلوم ان الناخبين التونسيين سيتوجهون يوم 23 أكتوبر الجاري إلى صناديق الإقتراع لاختيار أعضاء المجلس الوطني التأسيسي التونسي الذي يتألف من 218 مقعدا منها 19 مقعدا ستخصص للمهاجرين التونسيين. وسيتولى المجلس التأسيسي التونسي صياغة دستور جديد للبلاد وتركيز مؤسسات الحكم الإنتقالي وتحديد الملامح العامة للسياسة التونسية خلال المرحلة المقبلة. وتلتحق فرق المراقبين التابعة للمركزين الامريكيين بفرق الاتحاد الاوربي التي شرعت في انتشارها في وقت سابق عبر 27 دائرة انتخابية تونسية والبالغ عددها 200 ملاحظا من 26 دولة اوربية علاوة على 20 دبلوماسيا من الدول الأعضاء بالإتحاد و15 نائبا من البرلمان الأوروبي. وفي هذا المضمار بين مركز" كارتر" انه بمشاركته في مراقبة إنتخابات المجلس الوطني التأسيسي في تونس فانه يامل " ان يشكل هذا الاستحقاق "عملية ديمقراطية سلمية ذات مصداقية". وبالمناسبة سيلتقي وفدا المركزين الامريكيين مع عدد من المسؤولين التونسيين بما في ذلك رئيس الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات وزعماء الأحزاب السياسية والمرشحين المستقلين ومكونات المجتمع المدني والمسؤولين الحكوميين والمنظمات الدولية التي تشارك في مراقبة عمليات التصويت والفرز وإعلان نتائج الإنتخابات. وفي هذا السياق فان فرق المراقبين تقوم في إطار مهامها ب "مواكبة " الإعداد اللوجستي لهذه الانتخابات ومسايرة مختلف الأنشطة الموازية للاستحقاق وذلك بالتعاون مع الهيئات الانتخابية الجهوية ومكونات المجتمع المدني التونسي ومختلف وسائل الإعلام. و الجدير بالذكر ان المنسق الأميركي الخاص بعملية التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط " وليام تايلور" قد افاد خلال زيارته الاخيرة إلى تونس بان بلاده " لن تتدخل " في الشأن الداخلي التونسي نافيا أن تكون لدى الإدارة الأميركية " أية نية للتدخل " في خيارات الشعب التونسي من أجل تقرير مصيره معربا في ذات الوقت عن " دعم " البيت الابيض الامريكي لتونس في سعيها إلى تحقيق إلانتقال الديمقراطي عبر إنتخابات " حرة وشفافة يعبر فيها الشعب عن رأيه بكل حرية ويختار فيها من يمثله " بعيدا عن أي تدخل خارجي". وفي ا السياق يؤكد قانون الانتخابات التونسي على ضرورة التزام الملاحظ الاجنبي بمبدا الحياد وعدم التحريض على العنف وعدم التشكيك في مصداقية الانتخابات والتأكد من حسن تطبيق القانون من طرف كل المتدخلين في العملية الانتخابية. ويمكن ان يتدخل الملاحظ المعتمد لمتابعة مختلف مراحل العملية الانتخابية سواء المتعلقة منها بالتسجيل بالقوائم الانتخابية أو بالحملة الانتخابية أو بالاقتراع أو بعملية فرز الأصوات أو بالتصريح بالنتائج الأولية. وفي هذا المضمار يرى منظمو الانتخابات أن عملية مراقبة الانتخابات ستشمل التجمعات السكانية الكبرى التي سيكون فيها الرهان السياسي على أشده مقارنة بالدوائر الصغرى وعلى هذا ألاساس سيتم ضمان التوزيع "العادل " للمراقبين على كامل التراب التونسي.