تونس: جدل واسع بين الاحزاب التونسية حول طبيعة النظام السياسي المستقبلي عشية انتخابات المجلس التأسيسي تونس - يتوجه الناخبون التونسيون يوم الأحد المقبل إلى صناديق الاقتراع من أجل اختيار أعضاء المجلس التأسيسي الذي سيتولى اعداد الدستور للبلاد ووضع أسس نظام سياسي جديد وتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية وصولا إلى اعادة الشرعية إلى مؤسسات الدولة. وكانت الطبقة السياسية التونسية قد عرفت جدلا واسعا حول طبيعة نظام الحكم المستقبلي والنظام السياسي الذي ستنتهجه الدولة التونسية في ضوء الدستور الجديد للبلاد الذي سيتكفل باعداده المجلس التأسيسي المقبل. وان كان الاجماع والتوافق قد حصل بين كل الاحزاب السياسية التونسية اليسارية منها واليمينية والوسطية حول الثوابت الوطنية منها الهوية العربية والاسلامية والتشبت بمبادئ الحرية والديموقراطية فانها لم تختلف كثيرا بخصوص الرؤى المتصلة بطبيعة الحكم وتصورات النظام السياسي المقبل حيث برز شبه اجماع على" تبني النظام الذي يمزج بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني ". ويعني المزج بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني بالنسبة لمعظم الاحزاب " ضمان أاكبر قدر من الحرية" للسلطة التشريعية للتدخل في الحياة السياسية مع "الحد للسلطة المطلقة لرئيس الجمهورية القادم وتفعيل دور السلطات الاخرى خاصة دور السلطة القضائية". وكانت حركة "النهضة الاسلامية" التونسية قد شرحت موقفها من هذه المسالة عندما ابرزت ان النظام السياسي المنشود - من خلال الدستور القادم -" يجب ان يتضمن نظاما جمهوريا مبنيا على الفصل بين السلطات واستقلال القضاء واقامة علاقات مجتمعية تقوم على اساس المواطنة والتمسك بمبدا التداول على السلطة ورفض استعمال العنف للوصول للسلطة اوالبقاء فيها". وشددت حركة "النهضة " على ان الدستور" الذي تحتاجه تونس يجب ان يقوم على الحق في التفكير والتعبير وتحرير الدين واماكن العبادة من كل التجاوزات السياسية". أما عن موقف حزب " المؤتمر من اجل الجمهورية " فانه دعا إلى "تجسيد "نظام شبه رئاسي يقوم على اساس الفصل بين السلطات وتكون من خلاله السلطة التنفيذية" منقسمة "بين رئيس الجمهورية والوزير الاول معربا عن"معارضته للنظام البرلماني تفاديا لعدم الاستقرار وفي ظل وجود احزاب ضعيفة نوعا ما" . وبخصوص موقف حزب "الوفاق الجمهوري " فقد اكد" تمسكه "على غرار جل الاحزاب الاخرى بنظام "المزج بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني" معتبرا تبني اختيار هذا النظام السياسي هو بمثابة الامر الذي" لا مفر منه". وتمحورت مقاربات السياسيين والحقوقيين التونسيين حول "اعتماد "نظام النصف رئاسي لتجنيب تونس "المخاطر" التي عرفتها ابان العهد الرئاسي للرئيس المخلوع وتفادي "سلبيات" النظام البرلماني التي مردها "هشاشة " الخارطة الحزبية في تونس " وعدم ضمان أغلبية قوية ومنسجمة قادرة على الوفاء بمتطلبات هذا النوع من الأنظمة". واعتبر رئيس "الحركة الاصلاحية " التونسية عمر صحابو أن التونسيين "عاشوا في ظل نظام رئاسي يهيمن فيه فرد واحد على جميع السلطات"وان النظام البرلماني المطلق له" مخاطر ينبغي التنبه اليها " لذا فان الحركة الاصلاحية تتبنى الاختيار المتعلق بالنظام نصف الرئاسي. ويرى الاكاديمي التونسي الدكتور عبد العزيز الجزيري ان تونس اليوم توجد في صميم النظام التعددي لكن" غياب أغلبية متجانسة" (ايديولوجيا وسياسيا) "يهدد " النظام البرلماني في حين أن النظام الرئاسي "ناجح " بالولايات المتحدة فحسب فالحل اذن "يكمن "في النظام المختلط اي نصف رئاسي.