البليدة- كانت الساعة الرابعة و سبعة عشر دقيقة زوالا (16:17 سا) عندما حطت الطائرة الخاصة التي اعادت البحارة الجزائريين الى ارضية مطار بوفاريك الجوي مع كل الفرح و الارتياح الذي بدى على عائلات و اقارب الرهائن المحررين الذين غصت بهم القاعة الشرفية. لم يستطع ضجيج محركات الطائرة القادمة من كينيا كبح اصوات الزغاريد و صرخات الفرح التي كانت تنبعث من القاعة حيث كان افراد عائلات البحارة يخلدون تلك اللحظة التاريخية بالتقاط الصور بهواتفهم النقالة او بالات التصوير. كما رددت عائلات البحارة في قاعة المطار النشيد الوطني مما اعطى طابعا رسميا لاستقبال ذويهم. و بعد توقف الطائرة و الاستقبال الرسمي للبحارة الذين كانوا يرتدون بدلات رياضية بالألوان الوطنية حاملين صور الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قامت العائلات التي كانت تنتظر تلك اللحظة منذ قرابة احد عشر شهرا و بكل عفوية باكتساح ارضية المطار. في تلك اللحظة كانت الاجواء مفحمة بالحميمية والتأثر حيث لم يستطع الجميع كبح جماح عبراتهم وسالت مدرارا حتى الوزيرين الذين كانا حاضرين و كذا مستخدمي المطار لم يستطيعوا هم ايضا تمالك انفسهم و اخفاء دموعهم امام هذا المشهد المؤثر. لحظات قوية بعد لقاء غير منتظر و امتزجت فرحة اللقاء بالدموع لدى عائلات البحارة بعد غياب "طويل لا يطاق". و تعالت الهتافات "تحيا الجزائر و يحيا بوتفليقة". و عبرت السيدة كحلي عن "فرحتها بلقاء زوجها" شأنها شأن ابنتها هاجر التي قالت أنها تكاد لا تصدق عينيها و بأن أباها قد عاد. و قالت رانية آيت رمضان البالغة من العمر 9 سنوات أنها لم تر أباها منذ 18 شهرا (7 أشهر في البحر و حوالي 11 شهرا محتجزا) و لم تتمالك نفسها و هي تروي "معاناتها" لفراق أبيها حاملة العلم الوطني. و أضافت "لقد كنت حزينة خاصة في الأعياد عندما كنت أرى الفتيات الاخريات برفقة آبائهن. كنت أعاني في صمت عندما كان آباء زميلاتي يأتون لاصطحابهن من المدرسة". لكنها روت أيضا فرحتها عندما بلغهم خبر إطلاق سراح أبيها. و أردفت تقول "في يوم عيد الأضحى سمعت الهاتف يرن صباحا و قبل أن تطلعني أمي على الخبر أسرعت إلى الخارج و صرخت بأعلى صوت : أطلق سراح أبي". و استرسلت قائلة "في كل مرة كان يرن فيها الهاتف كنت أتابع بانتباه شديد حديث أمي. كنت متلهفة لسماع أي خبر عن والدي". و كذلك الأمر بالنسبة لشاطر مروان (12 سنة) الذي "كان يواسي قريباته الثلاثة" في غياب أبيهن اسماعيل كحلي. و اكد يقول "لقد عشنا اشهر صعبة. لقد نسينا حتى معنى كلمة فرحة". و عاشت السيدة درير و أطفالها نفس الوضع على أمل "سماع أي خبر" عن الرهائن. و أضافت "لقد كنا تائهين. كنت أدعو في كل يوم أن لا يصلنا أي نبئ سيء". و كان الصغير شوقي عاشور (5 سنوات) جد سعيد للقاء والده مجددا. وصرح قائلا " لم اذهب اليوم الى المدرسة. لقد جئت مع والدتي لاستقبال والدي الذي اشتقت اليه كثيرا". للاشارة ارغمت السيدة عاشور التي تقطن في الشلف على الانتقال الى زرالدة للعيش عند عائلتها بعد احتجاز زوجها. و قالت هذه السيدة الشابة " لقد كان الامر لايطاق بالنسبة لي . لقد تركت بيتي و فقدت الامل في رؤية زوجي مجددا ." ومن جهتهم قدمت السيدة حنوش و ابناؤها الاربعة شكرهم للسلطات الجزائرية و لمجهز الباخرة السيد نصر الدين منصوري. كما قدمت كافة العائلات شكرها للدولة الجزائرية التي لم تدخر جهدا من اجل عودة هؤلاء البحارة معافين سالمين. يذكر ان ال17 بحارا جزائريا من طاقم باخرة "أم في البليدة" (25 بحارا) التي تعرضت لعملية قرصنة في الفاتح من جانفي الفارط عندما كانت متوجهة إلى ميناء مومباسا (كينيا) قد اعيدوا الى ارض الوطن على متن باخرة خاصة قادمة من كينيا. وللتذكير تم اطلاق سراح 16 بحارا من بينهم يوم 3 نوفمبر الفارط. ولقد سبق إطلاق سراح بحارين جزائري و أوكراني يوم 12 أكتوبر الماضي.