تونس - تتواصل مداولات المجلس التأسيسي التونسي على مستوى اللجان المكلفة بمناقشة التنظيم المؤقت للسلطات العمومية والنظام الداخلي للمجلس وسط خلافات"حادة" بين أطراف الأغلبية وبين كتلة المعارضة الامر الذي قد يؤخر الاتفاق على مشروع القانون الذي سيتم بموجبه المصادقة على المرشحين لمنصبي الرئيس المؤقت للبلاد و الوزير الاول في الحكومة المقبلة حسب ما أكدته مصادر حزبية. وتمحورت هذه الخلافات حول طبيعة النظام السياسي المقبل" برلماني أو رئاسي" وصلاحيات كل من رئيس الجمهورية المؤقت والوزير الاول حيث منح مشروع القانون الخاص بتنظيم السلطات - الذي إقترحته حركة"النهضة الاسلامية" - معظم الصلاحيات للوزيرالاول الذي رشحته حركة " النهضة"والمتمثل في شخص حمادي الجبالي الامر الذي اثار حفيظة كتلة المعارضة داخل المجلس التاسيسي وحتى الحزبين المتحالفين مع حركة " النهضة "اي حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" وحزب " التكتل من أجل العمل والحريات" . بيد ان الخلافات لم تتوقف عند هذا الحد بل مست كذلك النظام الداخلي للمجلس التأسيسي لاسيما البنود المتعلقة بطريقة التصويت (الأغلبية المطلقة أو أغلبية الثلثين ) على القوانين وعلى بنود الدستور المقبل وعلى مسألة سحب الثقة من الحكومة. وكانت لهذه الخلافات انعكاسات على الائتلاف الحزبي الثلاثي ذي الاغلبية في الانتخابات الاخيرة اي حركة "النهضة" و وحزب"المؤتمر" وحزب " التكتل" وهو التحالف الذي يحتل 138 مقعدا داخل المجلس التأسيسي من ضمن 217 مقعدا . ولقد بين حزب " المؤتمر" الذي رشح زعيمه منصف المرزوقي لرئاسة البلاد أنه لامجال لقبول رئاسة " صورية " في اشارة إلى مشروع القانون الذي تقدمت به حركة " النهضة " مطالبا برئاسة ذات " صلاحيات حقيقية " في إطار نظام مجلسي يعطي للرئاسات الثلاثة (رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة المجلس التاسيسي)" دورها ومكانتها في تسيير المرحلة الصعبة التي تنتظر البلاد". وبدوره انتقد حزب " التكتل " موقف حركة " النهضة الاسلامية " التي " تقدمت بمشاريع جاهزة للتبني" حول مسائل "حساسة ودقيقة" مثل الصلاحيات المتعددة الممنوحة للوزير الاول مرشح حركة "النهضة" في حين " قلصت" صلاحيات ومهام رئيس الجمهورية المقبل" لتصبح محدودة وبروتوكولية". للاشارة فان التحالف الحزبي الثلاثي ذي الأغلبية في المجلس التاسيسي كان قد توصل إلى اتفاق مفاده ان منصب رئيس الجمهورية المؤقت للمرحلة الانتقالية الثانية سيعود لزعيم حزب " المؤتمر من أجل الجمهورية " منصف المرزوقي بينما يكون منصب الوزير الاول من نصيب الأمين العام لحركة " النهضة "الاسلامية " حمادي الجبالي فيما يتراس المجلس التاسيسي زعيم حزب " التكتل من أجل العمل والحريات " مصطفى بن جعفر. ومعلوم ان المجلس التاسيسي سيتولى صياغة دستور جديد للبلاد وتركيز مؤسسات الحكم الإنتقالي وتحديد الملامح العامة للسياسة التونسية خلال المرحلة المقبلة إلى جانب الإشراف على السلطتين التنفيذية والتشريعية وتنظيم انتخابات عامة رئاسية وتشريعية في ظرف زمني لا يتعدى سنة واحدة. وللاعراب عن مواقفها ازاء ما يجري من تطورات على مستوى المجلس التاسيسي نظمت احزاب سياسية ومنظمات وجمعيات مدنية مظاهرات في العاصمة التونسية امس الأربعاء أمام مقر البرلمان للمطالبة ب "إرساء مسار ديمقراطي شفاف" داخل هذا المجلس و" إتخاذ قرارات واضحة " بشأن القضايا والأحداث التي تعرفها البلاد فيما عبر المتظاهرون عن " خشيتهم "مما وصفوه ب" التهديد الصارخ للمسار الديمقراطي ومحاولة إعادة إنتاج ديكتاتورية في ثوب جديد " إنطلاقا من مشاريع القوانين المتعلقة بالتنظيم الداخلي للمجلس التأسيسي والتنظيم المؤقت للسلطات العمومية. ودعوا إلى " ضرورة إحترام مبدأ الفصل بين السلطات "وتمكين " كل سلطة من صلاحيات إتخاذ القرارات وذلك في إشارة إلى مشروع النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي الذي نظرت فيه اللجنة المختصة. ولقد تعالت في تونس أصوات تطالب ب " دستور ديمقراطي "وتندد ب "محاولات إحتكار السلطة " في اشارة إلى حركة "النهضة الإسلامية " التي فازت باغلبية مقاعد المجلس الوطني التأسيسي. وحسب العديد من ألاحزاب الممثلة داخل المجلس الوطني التأسيسي المنبثق عن انتخابات 23 أكتوبر الماضي فان مشروع النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي الذي إقترحته حركة" النهضة الإسلامية "يشكل "خطرا على الديمقراطية الحديثة في تونس كونه " يكرس توجه الحزب الفائز بالأغلبية لفرض مواقفه" داخل المجلس التأسيسي.