شكلت مبادرة الشراكة الجديدة من اجل تنمية افريقيا (النيباد) التي قادتها الجزائر منذ انطلاقها عام 2001 بلوزاكا (زامبيا) "احد اهم الرهانات" في سياسيتها الخارجية و التي سمحت لها باثراء سجلها على مستوى القارة السمراء. جاءت هذه الشراكة التي بادر بها كل من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتابو امبيكي و اولوسغون اوباسانجو لتضع "خارطة طريق" لبناء افريقيا وتكون "بديلا لتسوية تعقيدات القارة الافريقية المتراكمة عبر قرار سياسي مستقل يسقط الى الابد الاتكالية المفرطة على لخارج" كما اكد الامين التنفيذي لمبارة النيباد ابراهيم مايكي بمناسبة الذكرى 11 لانشائها. وحاول المبادرون عبر هذه الشراكة تغيير الصورة المرسخة عن افريقيا كقارة البؤس والانقلابات العسكرية والنظم السياسية الهشة. وفي هذا السياق عملت الجزائر في تجسيد المشاريع الاقتصادية الكبرى دون اهمال السياسية منها في اطار هذا البرنامج الافريقي الطموح وذلك من اجل بلوغ أهداف الالفية للتنمية على المستوي الوطني و القاري والدولي. و قد أهل الموقع الجيو-استراتيجي الذي تحتله الجزائر للعب دور"محوري" في منطقة افريقيا وسعيا منها لخلق فرص للتنمية على مستوى القارة جعلت الدبلوماسية الجزائرية من مشروع النيباد "شغلها الشاغل" من اجل التوصل الى اشراك افريقيا في المشاريع الدولية الكبرى. وفي هذا الصدد قطعت الجزائر شوطا معتبرا في مسار المشاريع الكبرى المراهن عليها في احداث التكامل الاقليمي والاتصال لاسيما المنشات القاعدية كمشروع الطريق العابر للصحراء (الجزائر-لاغوس-النيجر) مرفوقا بمشروع انبوب الغاز من نيجيريا الى أوروبا مرورا بالجزائر و النيجر. ونفذت الجزائر الجزء الخاص بها من مشروع شبكة الألياف البصرية الرابط بين (الجزائر-أبوجا) ويجري العمل حاليا على توفير خط ينطلق من العاصمة الجزائر إلى الحدود النيجيرية الى جانب خط اخر يربط بين الحدود الجزائرية النيجيرية مرورا ب"زندار" بالنيجر مع الاشارة الى توسعة أخرى لهذه الشبكة تمت برمجتها من اجل تغطية المنطقة من الحدود الجزائرية المالية إلى غاية منطقة "غاو" بمالي. وسيتدعم الجزء الجزائري من هذه الشبكة عبر خط جديد طوله 750 كلم من الألياف البصرية يمتد على طول خط تحويل المياه بين عين صالح وتمنراست الذي تم تدشينه مؤخرا حيث أنجزت الشبكة الجزائرية حسب المقاييس الدولية. وحرصت الجزائر دوما على تبني طرحا افريقيا يعتمد على تبني استراتيجية جديدة تقوم على شراكة حقيقية تاخذ بعين الاعتبار المصالح المشتركة والفرص المتكافئة لدول القارة من خلال ادراك اهمية مساعدة القارة في من اجل ترقية منشاتها القاعدية ومشاريعها الهامة القادرة على توفير فرص جديدة للتبادل مابين المناطق وداخل المناطق نفسها. كما استطاعت الجزائر ان تجعل القارة من خلال النيباد شريكا"مهما"و"قطبا جديدا" للتنمية في الاقتصاد العالمي . وصارت افريقيا تشارك باستمرار في قمم المجموعة الصناعية الكبرى ال 8 لطرح انشغالاتها ومطالبها. ورافعت الجزائر في العديد من المحافل الدولية من اجل النيباد واسسها واهدافها انطلاقا من مكانتها داخل الهيئة اذ انها عضوا هاما في اجهزتها "الاساسية" و من بينها الالية الافريقية للتقييم من قبل النظراء. وتعتبر هذه الاخيرة حجر زاوية في "النيباد" حيث تسمح للدول الافريقية بتقييم التجارب المختلفة والاستفادة منها لتطوير مستوى الاداء السياسي والاقتصادي والاداري وترشيد الحكم والتعاون لحل المشاكل التي تواجه بعضها. وكانت الية التقييم قد استعرضت تقرير الجزائر في فبراير 2009 وفق المعايير الاربعة وهي الديمقراطية والحكم الراشد والادارة الاقتصادية وحوكمة الشركات واخير التنمية الاقتصادية والاجتماعية. و برز الدور الذي لعبته الجزائر دفاعا عن النيباد جليا من خلال مداخلات الرئيس بوتفليقة الذي دعا في قمة فرنسا-افريقيا بنيس (فرنسا) في شهر ماي من سنة 2011 الى"شراكة متوازنة تاخذ بعين الاعتبار مصالح افريقيا من خلال تبادل شروط التنمية". واوضع رئيس الجمهورية في سيرت (ليبيا) خلال القمة العربية-الافريقية) التي عقدت في أكتوبر 2010 مقاربة تقوم على "التكامل" بين الدول الافريقية والدول العربية بالنظر العلاقات الجوار التي تربط بين العديد من دول الكتلتين. اما خلال قمة اوروبا-افريقيا في نوفمبر2009 فدعا رئيس الجمهورية الى طرح تصورات الجزائر ومن ورائها دول القارة الى التاسيس لشراكة"حقيقية"بين افريقيا واوروبا لا سيما في المسائل الجوهرية المتعلقة بالتنمية والسلم والامن وتقليص الهوة بين الشمال و الجنوب. وعلاوة على قطاع التنمية والاقصاد سجلت افريقيا بفضل مساعي الجزائر في اطار مبادرة النيباد خطوات هامة في مجال السلم و الامن و تعزيز دولة القانون و الديمقراطية. وفي هذا المجال حققت الجزائر نتائج ايجابية في مجال الوقاية من النزاعات او تسويتها وذلك بفضل مصداقيتها وتجربتها المعتمدة على مبدا الحوار وخيار الحل الديبلوماسي مهما كانت التعقيدات وحجم الصراعات التي تنخر هيكل القارة. و تمضي الدبلوماسية الجزائرية عبر مشوارها الافريقي في استحداث استراتيجيات واليات كفيلة بمواجهة تحديات العولمة المتسارعة التي تواجهها القارة السمراء لا سيما امام التداعيات السلبية للازمة الاقتصادية و المالية التي يشهدها العالم.