أعطت الطبعة ال23 من المهرجان الافريقي للسينما (فيسباكو) التي اختتمت مساء يوم السبت رؤى متنوعة على قارة افريقية في مفترق الطرق من تاريخها مع طرح اسئلة ملحة حول مكانة المراة و الذاكرة المؤلمة للنزاعات السياسية و دعوة السلطات العمومية الى مرافقة افضل للسينما الافريقية امام تحديات العولمة. و تميزت الطبعة ال23 من المهرجان التي شارك فيها اكثر من 690 عملا منها 101 ضمن المنافسة الرسمية في مختلف الفئات و لجنة تحكيم تراسها نساء بعرض افلام خيالية و وثائقية تبرز نساء افريقيات يناضلن من اجل تحررهن (في المغرب وتونس ومالي و بوركينا فاسو) اما افلام اخرى فقد سجلت العودة الى احداث ماساوية من تاريخ البلدان على غرار الجزائر و انغولا او موزمبيق. في هذا الصدد تناول السينمائي المالي ابراهيما توري موضوع الافكار البالية حول المراة الافريقية من خلال فيلمه "شبكة العنكبوت" الذي تحصل على جائزة امس الجمعة من خلال الشابة مارياما با التي سجنت في ظروف غير انسانية لكونها رفضت الزواج القسري. كما تم معالجة نفس الموضوع في عمل سينمائي اخر بعنوان "انا زافيرا" للمخرجة البوركينابية ابولين تراوري او فيلم "اندرومان من دم و فحم" للمغربي عزالعرب العلوي. اما التونسية نادية الفاني فقد اختارت في فيلمها الوثائقي المعنون ب"دون الاسوا" لتتناول التهديدات بالقتل التي تعرضت لها منذ تصريحاتها العامة حول قناعاتها الفلسفية مشيرة في ذات السياق الى تصاعد التطرف الديني في بلادها فضلا عن نضالها الشخصي مع المرض. مساءلة التاريخ القديم و الحديث في هذا السياق تم التطرق الى مراحل تاريخية مؤلمة خاصة بافريقيا خلال ال40 سنة الاخيرة حيث اختارت السينمائية جميلة صحراوي الرجوع من خلال "يما" الى سنوات العنف الارهابي بالجزائر عبر الصمت و الصور اما ابراهيما توري فقد تناول في فيلمة "شبكة العنكبوت" المناخ السياسي في مالي خلال سنوات 1970 ايام حكم الرئيس موسى طراوري. اما فيلم "الخدعة الكبرى" للانغولي زيزي غامبوا فيروي في اطار كوميدي قصة لص زير نساء اصبح بطلا لاستقلال بلاده... و ينعكس موضوع مساءلة التاريخ في المشاركة الجزائرية في الطبعة ال23 من المهرجان الافريقي للسينما (فيسباكو) من خلال فيلم "زبانا" للسعيد ولد خليفة الذي يحكي قصة اول شهيد للقضية الوطنية يعدم بالمقصلة او ايضا فيلم "اشواط من الحياة...اشواط من الحلم" الوثائقي لصاحبه حميد بن عمارة الذي يساءل التاريخ في مسعى عولمي فني. و قد استقطب الفيلمين عديد الحاضرين في المهرجان الذين رأوا فيهما تذكير "بالحماية الضرورية لمكتسبات الاستقلال" في ظرف وطني و اقليمي مضطرب سواء في شمال مالي او في جمهورية الكونغو الديمقراطية. و على هامش المهرجان اعد السينمائيون الافارقة حصيلة حول السينما في القارة من خلال لقاء خصص "للسينما الافريقية و السياسات العمومية في افريقيا" وهو موضوع طبعة 2013 من الفيسباكو الذي توج ببيان. و يدعو بيان واغادوغو الذي سلم بشكل رسمي للرئيس البوركينابي بلاز كومباوري السلطات العمومية في افريقيا "للانتقال من الارادة السياسية الى القرار السياسي" من خلال "انشاء صندوق للايرادات" على مستوى كل دولة من اجل "الرفع من الانتاج" السينمائي و "تجسيد الادوات القانونية المتضمنة في السياسات الثقافية الوطنية الموجودة" وذلك عبر اعطاء الاولوية للتعاون الاقليمي و شبه الاقليمي و القاري. و كان الرئيس البوركينابي قد وعد خلال خطاب القاه بمناسبة الحفل الذي نظم على شرف المشاركين في المهرجان بانه "سيكون الناطق الرسمي للسينمائيين" لدى نظرائه الأفارقة و اعلى الهيئات القارية. و سيسدل الستار على المهرجان الافريقي ال23 للسينما مساء اليوم السبت بعد تسليم مهر ينينغا الذهبي وهي الجائزة الكبرى للمهرجان التي عادت في طبعة 2011 للسينمائي المغربي محمد مفتكر عن فيلمه "البراق".