رغم تعدد الرؤى و الأفكار التي يحملها المشاركون في مؤتمر الحوار الوطني الشامل باليمن فإن الإجماع هو السائد بأن القضية الجنوبية هي مفتاح الحل لكافة القضايا والمشكلات التي يعاني منها البلد والمطروحة على جدول أعمال المؤتمر الذي بدأت فعالياته أول أمس بمشاركة 565 عضوا يمثلون كافة أطياف الشعب اليمني. ويؤكد عدد من المشاركين في المؤتمر الذي سيستمر على مدى ستة أشهر على أن القضية الجنوبية ستأخذ حيزا كبيرا من نقاشاتهم بسبب التعقيدات التي رافقتها منذ حرب صيف 94 و التي أخمد بها الشمال محاولة انفصالية مرورا بنشوء مايسمى بالحراك الجنوبي الذي بدأ قبل أكثر من خمس سنوات بطرح قضايا مطلبيه تجاهلها النظام السابق الأمر الذي دفع الجنوبيين حسب قولهم إلى رفع سقف مطالبهم بالمطالبة بحق تقرير المصير واستعادة دولتهم. الرئيس اليمني : القضية الجنوبية المفتاح الأساسي لمعالجة سائرالقضايا و منذ انطلاق فعاليات مؤتمر الحوار الوطني باليمن أمس الأول لم تغادرالقضية الجنوبية الجلسات العامة للمؤتمر حيث تؤكد الأطراف المشاركة من الشمال والجنوب أن مستقبل اليمن مرهون بحل القضية الجنوبية حلا عادلا. و شدد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر على وجوب ايجاد حل لقضية الجنوب اليمني حين قال "إن القضية المحورية والجوهرية للحوار والتي ستكون المفتاح الأساسي لمعالجة سائر القضايا هي القضية الجنوبية والتي يجب الوقوف أمامها بمسؤولية وإحساس وطني عميقين بعيدا عن العواطف والحلول المطبوخة والجاهزة والتصورات غير المدروسة والضغوط السياسية وكل أنواع الابتزاز وردود الفعل". وأكد في نفس الوقت على أن أي تفكير لفرض أي تصور لمعالجة هذه القضية الوطنية بالقوة المسلحة لن يقود إلا إلى فشل ذريع وأخطاء كارثية ودمار كبير. و في هذا الصدد أكد سلطان العتواني نائب رئيس مؤتمر الحوار أن جميع المتحاورين يجمعون على أن القضية الجنوبية هي القضية الأبرز والأكثر تعقيدا من بين كافة القضايا والمشكلات التي تعصف بالبلد نتيجة للسياسات الخاطئة التي مارسها النظام السابق. وأضاف المتحدث لهذا يسود إجماع على أن القضية الجنوبية هي مفتاح الحل لكافة القضايا المطروحة في جدول أعمال المؤتمر وبخصوص مطالب بعض فصائل الحراك الجنوبي بالانفصال أشار إلى أن الجميع يطالبون بحل عادل للقضية ضمن الأطر الوطنية والهوية اليمنية الواحدة. وأضاف العتواني في تصريح له أن تعاطف غالبية الأحزاب أو القادة السياسيين مع مطالب الجنوب الحقوقية لا يعني أنهم مع من يدعو إلى فك الارتباط والعودة إلى دولة ما قبل الوحدة وأضاف نحن معهم في أن يعاد الحق إلى الجنوب وليس مع خيار الانفصال. من جانبه أكد همدان الحقب عضو مؤتمر الحوار الوطني أن هناك إجماعا لدى كافة اليمنيين في الشمال والجنوب على حساسية القضية الجنوبية وأهميتها, كونهم يستشعرون على أنها ستمثل المدخل الرئيس لحل كافة مشاكل البلد المستعصية. وقال في تصريح لوسائل الإعلام المحلية إن جميع اليمنيين يريدون أن يضعوا حدا لكل العناء الذي يرافقهم منذ زمن ولن يتأتى ذلك إلا من خلال تفسير كل المشاكل التي يعاني منها البلد وعلى رأسها القضية الجنوبية التي تعقدت كثيرا بسبب حرب صيف 94 ومانتج عنها من تشققات في جسد الوحدة اليمنية وأيضا تعامل النظام السابق مع المطالب الحقوقية التي تبناها الحراك الجنوبي قبل أكثر من خمس سنوات بالحديد والنار. التوزيع العادل للثروة والسلطة قد يكون مفتاحا مهما لحل القضية الجنوبية— وحول الحلول الممكنة للقضية الجنوبية التي يراها المتحاورون على أنها مفتاح خروج اليمن من النفق المظلم قال محمد ناصر المقبلي عضو مؤتمر الحوار الوطني إن هناك نقاطا مشتركة وخطوطا عريضة سيبحث فيها المتحاورون أهمها التركيز على استعادة الدولة اليمنية التي غيبت على مدى ثلاثة عقود من حكم النظام السابق سواء في الشمال أو الجنوب وسيكون حل القضية الجنوبية مرتبط بدرجة كبيرة بشكل النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وقال في تصريح له إن أهم التعقيدات في القضية الجنوبية هي مسألة توزيع الثروة التي أهدرت لفترة طويلة في المركز وأيضا السلطة التي استأثربها أشخاص ومناطق معينة.. مشيرا إلى أن التوزيع العادل للثروة والسلطة سيكون مفتاحا مهما ومجديا لحل القضية الجنوبية التي ستكون البداية المناسبة لخروج البلد من النفق المظلم. ولفت إلى أن الحوار الوطني سيناقش الكثير من الخيارات المتاحة لحل القضية الجنوبية وبما يضمن بقاء البلد موحدا والجنوبيون يدركون أن العودة في الوقت الراهن إلى مربع الانفصال ليس مجديا دون التفكير بالوضع الحالي الذي يعيشه البلد برمته. وبخصوص رؤية ممثلي الحراك الجنوبي المشاركين في المؤتمر يؤكد لطفي شطارة عضو مؤتمر الحوار الوطني عن الحراك الجنوبي أن الجنوبيين في الحوار ستكون لهم اجتماعات مستمرة مع كل الأطياف السياسية في الجنوب وسيحددون رؤيتهم في القضية بقوة موحدة. وأضاف أن هناك أجماعا لدى كافة الأطراف المشاركة في المؤتمر على أن القضية الجنوبية أصبحت أساس هذا الحوار ومفتاح خروج اليمن من نفق الأزمات ومن خلال الحوار سنسعى للوصول إلى سقف للحلول التي يرتضيها الشعب في الجنوب. وأكد أن القضية الجنوبية لا تهم اليمنيين فقط وإنما المجتمع الدولي ككل,مشيرا إلى أن الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي أشرفت عليها الأممالمتحدة تنص على حل القضية الجنوبية حلا عادلا وهذا الحل العادل هو ما سيتم مناقشته في مداخلات لجنة القضية الجنوبية التي سوف تشكل من 40 عضوا يمثلون الشمال والجنوب بالمناصفة وقال إن هذه اللجنة ستحدد مستقبل العلاقة بين الشمال والجنوب وشكل الدولة القادمة لأن شكل الدولة القائم حاليا لم يعد مقبولا ولا مجديا. وكان جمال بن عمر المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن قد التقى مساء أمس بالعاصمة صنعاء بمجموعة من قيادات وممثلي الحراك الجنوبي السلمي المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.